تقام حلقات دينية أسبوعية باللغة الألمانية في قاعة واحدة فيها اختلاط ولكن يكون الرجال منفصلين عن النساء في الجلوس مع العلم أنها تكون امرأة هي الأميرة والمكلفة بالتعليم فما حكم الشرع في ذلك ؟
هذا تعليم ملوث يقول الله سبحانه وتعالى : " وقل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم " ، فالمرأة مأمورة بغض بصرها ، فكيف تغض بصرها وهي تخاطب الرجال والنساء ؟ ، والرجل مأمور بغض بصره ، في ( الصحيحين ) من حديث أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - : " كتب على ابن آدم نصيبه من الزنا مدرك ذلك لا محالة : العينان زناهما النظر ، والأذنان زناهما الاستماع ، واليد زناها البطش ، والرجل زناها المشي ، والقلب يهوى ويتمنى ، ويصدق ذلك الفرج أو يكذبه " .
فأنصح بعدم حضور هذا الاجتماع الملوث ، ثم أيضاً وإن كان النساء منفصلات بجانب والرجال في جانب ، أو الرجال أمام والنساء خلف ، فإذا كن غير متحجبات أو غير متأدبات فربما يسألن ويفتن الرجال بالسؤال ، والنبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - كان يجعل للنساء يوماً في الموعظة ، فجاءت امرأة وهي وافدة النساء إلى رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - وقالت : يا رسول الله ! ذهب الرجال بك ، فاجعل لنا من نفسك يوماً ، فوعدهن ثم أتاهن وقال : " يا معشر النساء ! تصدقن فإني رأيتكن أكثر أهل النار " قيل : ومم ذاك يا رسول الله ؟ قال : " يكفرن العشير ويكثرن اللعن " ، قيل يكفرن بالله ؟ قال : " يكفرن العشير " ، فأمرهن بالصدقة وكان معه بلال ومعه ابن عباس ، وابن عباس كان صغيراً وبلال كان مملوكاً .
والرجل إذا قوي إيمانه فله أن يعظ النساء ويتكلم معهن ، أما إذا كان يخاف على نفسه من الفتنة فلا ، فالمحافظة على سلامة القلب أقدم ، وقلوبنا ليست بأيدينا ، بل علمنا الله أن نقول : " ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب " .
والنبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - يقول لجرير بن عبدالله كما في ( صحيح مسلم ) وقد سأله عن نظر الفجأة فقال له : " اصرف بصرك " .
فالتعليم رجالاً ونساء يخشى من الفتنة ، ثم إن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - يقول : " لا يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة " .
فالمرأة ضعيفة ، وهكذا الرجل في هذا الباب ضعيف ، ومن ثم رفع الله شأن يوسف وأنزل فيه قرآن ، وهكذا من الثلاثة النفر الذين أطبق عليهم الغار فقال أحدهم : " اللهم إنه كان لي ابنة عم ، وكانت أحب الناس إلي ، وإنها ألمت بها سنة فأعطيتها مالاً فخلت بيني وبين نفسها ، ثم قالت : اتق الله ولا تفض الخاتم إلا بحقه ، ... فانفرجت الصخرة .." إلى آخر الحديث .
فقل من يملك نفسه ويمسك نفسه ، والمحافظة على سلامة القلب أقدم ، ثم يخشى من طمس البصيرة ، ويبقى الشخص لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً ففي ( صحيح مسلم ) عن حذيفة : " تعرض الفتن على القلوب كعرض الحصير عوداً عوداً ، فأيما قلب أشربها نكتت فيه نكتة سوداء ، وأيما قلب أنكرها نكتت فيه نكتة بيضاء ، حتى تصير على قلبين : على أبيض مثل الصفا لا تضره فتنة مادامت السموات والأرض ، والآخر أسود مرباداً كالكوز مجخياً لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً إلا ما أشرب من هواه " .
والرسول - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - يقول : " ما تركت فتنة بعدي أضر على الرجال من النساء " ، ويقول أيضاً : " ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن " .
ويقول الشاعر :
كل الحوادث مبدؤها مـن النظر ***** ومعظم النار من مستصغر الشرر
كم نظرة فعلت في قلب صاحبها ***** فعل السهام بلا قوس ولا وتر
يـسـر مقلته مـا ضـر مـهجته ***** لا مرحباً بسرور جاء بالضرر
ويقول آخر :
قل للمليحة في الخمار الأسود ***** ماذا فعلت بناسك متعبد
قــد كــان شمر للصلاة ثيابه ***** حتى عرضت له بباب المسجد
ردي عــليــه صــلاته وصيامه ***** لا تفتنيه بحق رب محمد
فالذي ينبغي أن يفصل الرجل عن النساء ، وأن يجعل لكل منهم وقتاً ، والرجل يعظ الرجال والمرأة تعظ النساء . والله المستعان .
-----------------
راجع كتاب غارة الأشرطة ( 1 / 112 إلى 114 )