( * )هذه جماعة فرقة، فقد زارنا بعضهم إلى اليمن وقالوا لنا: نحن لا نستطيع أن نساعدكم إلا أن يكون لكم مركز حكومي -بمعنى أن يكون معترفا بكم من قبل الحكومة- فقلنا لهم: ونحن لا نريد مساعدتكم إلا أن تساعدونا بلا شرط ولا قيد، فعمدوا إلى بعض ضعاف الأنفس واستمالوهم بالعملة الغالية -الدينار الكويتي- حتى زهدوهم في أهل العلم، وقال قائل الكويتيين في مجلس وهم في صنعاء: إن دعوتنا ما انطلقت إلا بعد أن تركت العلماء. فأقول: أف لهذه المقالة النتنة، ورب العزة يقول في كتابه الكريم: ﴿فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون﴾، ويقول سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: ﴿وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون﴾).
ويقول سبحانه وتعالى في شأن قصة قارون عند أن خرج على قومه في زينته قال أهل الدنيا: ﴿ياليت لنا مثل ما أوتي قارون إنه لذو حظ عظيم * وقال الذين أوتوا العلم ويلكم ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحا ولا يلقاها إلا الصابرون﴾(14).
فأهل العلم هم الذين يعرفون ويضعون الأشياء في مواضعها، ومن شك في كلامي فليذهب إلى عبدالمجيد الريمي وليقل له: أسألك بالله عند أن كنتم في مجلس مع كويتي أقال لكم: ما انطلقت دعوتنا إلا بعد أن تركنا العلماء؟
فهذه دعوة مفرقة بين أهل السنة. وجاء في «صحيح البخاري» عن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أنه قال: «ومحمد -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- فرق بين الناس». وفي رواية: «ومحمد فرق بين الناس». أي: أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يفرق بين الأب وابنه، فيكون الأب كافرا والولد مسلما، أو ربما تكون المرأة مسلمة وزوجها كافر، أو العكس، وكذا الأخ وأخيه. لكن دعوة عبدالرحمن بن عبدالخالق فرقت بين أهل السنة في اليمن، وفي مصر، وفي أرض الحرمين ونجد، وفي الكويت نفسها، وفي الإمارات، وفي غير ذلك من البلدان.
فأنصح كل أخ ألا يبيع دينه بعمارة مسجد، فإذا قالوا لك: نبني لك مسجدا فقل لهم: تبنون لي مسجدا لله تعالى بدون شرط ولا قيد، «من بنى مسجدا لله تعالى يبتغي به وجه الله بنى الله له بيتا في الجنة». أما أن يقال: نبني لك مسجدا وتكون معنا، أو مدرسة تحفيظ قرآن، وتكونون معنا لأجل أن تصوتوا لنا. فلا.
وفي كتب عبدالرحمن عبدالخالق طوام، وأنصح بمراجعة كتاب أخينا الفاضل ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله في رده على عبدالرحمن عبدالخالق، لأن بعض الناس يظن أنه قد تراجع وتاب على يد الشيخ ابن باز، فهو قد تراجع في بعض المسائل فقط، فهل تراجع عن تفرقة المسلمين؟ وهل تراجع عن البعد عن الحزبية؟ وهل رجع إلى ما كان عليه عند أن كان في الجامعة الإسلامية؟ فقد كان على خير حتى عصفت به الأهواء يمينا وشمالا.
فهؤلاء أناس -سواء أكانوا من جماعة عبدالرحمن عبدالخالق، أم من الإخوان المسلمين، أم من السرورية- قد أصبحوا مثل الأعور -ولا أقول عميانا- فإنهم مبصرون، وكما قيل:
أعمى يقود بصيرا لا أبا لكم قد ضل من كانت العميان تهديه
فأقول للأخوة البريطانيين: لن يضيعكم الله سبحانه وتعالى، ومن علم شيئا من العلم فليعلم إخوانه. وأنصحكم بالابتعاد عن هؤلاء، ومطالبة العلماء الأفاضل بإرسال من يعلمكم فإن التعليم أنفع لكم، وإذا أتى شخص مستفيد وبقي عندكم ثلاثة أشهر لكان أنفع لكم ولبلدكم.
--------------------
( * ) : التفريغ مأخوذ من كتاب الشيخ : تحفة المجيب على أسئلة الحاضر والغريب ( أسئلة السلفيين البريطانيين )