الحلف يعتبر شركاً أصغر ، لما جاء في ( سنن النسائي ) عن قتيلة ، وجاء في ( سنن ابن ماجة ) عن الطفيل أخي عائشة لأمها والمعنى متقارب ؛ أن اليهود أتوا إلى النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - فقالوا : إنكم تشركون ، إنكم تنددون ، تقولون : ما شاء الله ، وشاء محمد ، وتقولون : والكعبة ، فقال النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - : " قولوا : ماشاء الله ثم شاء محمد ، وإذا حلفتم فقولوا : ورب الكعبة " فأقر النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - اليهود على أن هذا العمل يعتبر شركاً .
والنبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - يقول كما في ( الصحيحين ) من حديث عبدالله بن عمر ومن حديث عمر أيضاً : " إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم " .
ويقول أيضاً كما في ( سنن أبي داود ) من حديث بريدة : " من حلف بالأمانة فليس منا " .
ويقول أيضاً : " من قال : واللات والعزى فليقل : لا إله إلا الله " .
قلنا : إنه شركٌ أصغر هذا إذا لم يبلغ به التعظيم كتعظيم الله أو أشد تعظيماً ، أما إذا بلغ بهم التعظيم كتعظيم الله أو أشد تعظيماً فإنه يصل إلى حد الشرك الأكبر كما ذكر الشوكاني رحمه الله تعالى في كتابه ( نيل الأوطار ) في كتاب الجنائز في الكلام على حديث علي بن أبي طالب أن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - أمر علي بن أبي طالب أن لا يدع قبراً مشرفاً ، إلا سواه ، ولا صورة إلا طمسها ، ثم ذكر الشوكاني رحمه الله تعالى مدى الشرك الذي حصل بسبب زخرفة القباب على القبور ، وزخرفة القبور ثم قال رحمه الله تعالى : إن بعضهم إذا توجهت عليه اليمين حلف بالله ولا يبالي ، وإذا قيل له : احلف بشيخك ومعتقدك تلكأ وتأخر عن اليمين .
وهكذا ذكر أيضاً حسين بن مهدي النعمي في كتابه القيم ( معارج الألباب ) ذكر نحو هذا .
فإذا بلغ بهم التعظيم أنهم يعظمون ذالكم المحلوف به كتعظيم الله أو أشد فيصير شركاً أكبر .