يقولون مذهب السلف أسلم ومذهب الخلف أعلم وأحكم وذلك في عقيدة الأسماء والصفات متى ظهرت هذه المقولة وما سبب ظهورها ، والخلف هل يعرفون بانتهاء فترة معينة كأن يكونون بعد القرون المفضلة مثلاً أم كل من خالف معتقد السلف فهو خلفي وإن كان في القرون المفضلة ؟
أما قولهم : إن مذهب السلف أسلم ومذهب الخلف أحكم ، فهذا ليس بصحيح ، بل مذهب السلف أسلم وأعلم وأحكم ، لأنهم أخذوا من كتاب الله ومن سنة رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - ، والدليل على هذا استمراره ، وأنهم لا يكفر بعضهم بعضاً ، واستمراره كما يقول النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - : " لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين ، لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك " .
كيف يكون مذهب الخلف أعلم وأحكم وهم يأتون بالمحارات ، فربما يقول قائلهم : الله ليس في السماء ولا في الأرض ، ولا أمام ولا خلف ، ولا عن يمين ولا عن شمال ، وقد قال أبو هاشم المعتزلي : ما يعلم الله من نفسه إلا ما أعلم .
فانظر إلى هذا الضليل ، ورب العزة يقول في كتابه الكريم : " يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا " [طة : 110] ، فالله سبحانه وتعالى أخبر بأنهم لا يحيطون به علماً ، وذلك الضليل يقول : إن الله لا يعلم من نفسه إلا كما يعلم ، أي : ابو هاشم .
والمعتزلة أنفسهم يكفر بعضهم بعضاً ، والأشعرية يخطئ بعضهم بعضاً ، فأسماء الله وصفاته وردت في كتاب الله وفي سنة رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - حتى إن بعضهم يقول : كيف بهذه الأحاديث التي وردت فيها الأسماء والصفات ؟ فأجيب عليه : إن هذه الأسماء والصفات وردت في كتاب الله ، فإن كنتم طاعنين في أحاديث رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - فاطعنوا في كتاب الله ، فهذه مقولة من لا يدري كتاب الله ، ولا يذعن ولا يخضع لكتاب الله ولسنة رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - .
كيف يكون مذهبهم أحكم وهم يقدمون أهواءهم ولا أقول عقولهم ، على كتاب الله وعلى سنة رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - فعندهم العقل مقدم على النقل ، والنقل من عند الله - ومعصوم أيضاً - بخلاف العقل ، والواقع أنه الهوى ، لسنا نقول إنه العقل ، لأن العقل الصحيح لا يخالف النقل الصريح ، لكنها الأهواء .
أما متى فكل من خالف عقيدة السلف فهو يسمى من الخلف وإن كان في الزمن المتقدم ، فواصل بن عطاء من جلساء الحسن البصري ، والحسن من أفاضل التابعين ، وواصل بن عطاء رأس المعتزلة ، وهكذا عمرو بن عبيد بن باب ، الذي هو باب من أبواب الضلالة ، وقد رؤي في المنام أنه يحك آية ، فقيل له : مالك ؟ قال : إنني أريد أن آتي بخير منها .
ثم يقول : إن كانت : " تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ * مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ * سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ * وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ * فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ " منزلة من عند الله فقد عذر الله أبا لهب ، لأن الله قد حكم أنه سيصلى ناراً ذات لهب ، فهو يشكك في سورة تبت وفي القرآن ، وهكذا في قوله : " ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا " [المدثر:11] فما بعدها فهو يشكك فيها .
فهم رءوس الضلالة ، وهكذا الأشاعرة فإنهم لهم أخطاء شنيعة , والله المستعان .