أسئلة في المصطلح من أبي الحسن حفظه الله تعالى

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. وبعد:

فهذه عدة أسئلة نطرحها على شيخنا أبي عبدالرحمن مقبل بن هادي الوادعي حفظه الله تعالى، بحضور إخواننا طلبة العلم. ونسأل الله أن ينفعنا وأياهم، وأن يعلمنا ما جهلنا.

السؤال 1@ في كتب المصطلح ذكروا: أن الرجل المشهور بالطلب ولم يثبت فيه جرح ولا تعديل، نص بعضهم مثل المزي، والذهبي، وابن القطان، وابن حجر، وغيرهم على قبول روايته، حتى يثبت جرح فيه، وأن أمره محمول على العدالة، وكان هذا منهم مصيرا على مذهب ابن عبدالبر، في الحديث الذي ذكروه(1)، واعترضه ابن الصلاح. بعضهم قال: إن هذا متعين في زمننا، وهذا الذي عليه العمل. فنريد أن نعرف: أن الرجل إذا لم يثبت فيه جرح ولا تعديل لكنه معروف عند أهل العلم، هل حديثه محمول على الاحتجاج به؟ أم ماذا؟

الجواب: الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. أما بعد: فالسؤال عن الرجل المحدث المشهور بالطلب، ولم يذكر فيه جرح ولا تعديل، ذكر صاحب «فتح المغيث» أن الرجل إذا كان مشهورا بالطلب، ولم يأت فيه جرح ولا تعديل أنهم يقبلونه، وهكذا الإمام الذهبي -رحمه الله تعالى-، لكن صاحب «فتح المغيث» مثل بالإمام مالك -رحمه الله تعالى-، فالإمام مالك مشهور بالطلب وقد وثق، فإذا حصل من هذا النوع وكان مشهورا بالطلب وتتلمذ له معاصروه مثل: يحيى بن سعيد القطان، أو يحيى بن معين، أو الأئمة من أمثالهما فيقبل، وإن لم يأت فيه جرح ولا تعديل، لأنه لو كان ضعيفا لضعف، والأصل في المسلمين هو العدالة، ولكنه يضاف إلى العدالة الحفظ -لا بد من معرفة الحفظ- إلا أنه لو كان مخلطا لصاحوا به، فهذا مستقيم إن شاء الله تعالى، ولا يقدح فيه أنهم يشترطون العدالة ويشترطون الضبط، لو لم يكن عدلا لما تتلمذ له، لا أقول: إنه لو لم يكن عدلا لما تتلمذ له مثل يحيى وغيره، فإنهم قد تتلمذوا للعدل ولغيره، فقد قال بعضهم: إننا نسمع الحديث للفائدة ونسمعه للنظر في حال صاحبه، لكن أقول: لو كان مخلطا أو كان ليس بثقة لصاح به مثل يحيى بن معين، ومثل يحيى بن سعيد القطان، وهكذا الإمام أحمد والبخاري، والله أعلم.

السؤال 2@ استطراد: بارك الله فيك، المسألة على طرف آخر، فإن ابن الصلاح وغيره من الأئمة الذين تكلموا في المصطلح ذكروا: أن العدالة تثبت إما بالشهرة مثل الذين ذكرتهم -يحيى بن معين، وأحمد بن حنبل وغيرهم- وإما بالتنصيص على ذلك من واحد من العدول، لكن مسألتنا في جانب آخر: رجل لم يكن مشهورا عند أئمة الجرح بالتوثيق، لأن مثل الإمام مالك -رحمه الله تعالى- أمره مستفيض وأمره مشهور بالعدالة، فشهرة هؤلاء أقوى من أن يعدلهم أحد الناس لكن مسألتنا مثل ما قالوا هنا في غير هؤلاء المشاهير، رجل قالوا: إنه (معروف). أو على سبيل المثال قالوا: إنه (حافظ) أو (ضابط).

الجواب: هذا أمر آخر: قالوا (معروف) لا تكفي، (حافظ) أو (ضابط) أو كذا يقبل منهم لأنه مثل أئمة الجرح والتعديل إذا أطلقوا مثل هذه العبارات على المحدث، فلو كان به جرح لصاحوا به مثل: أبي حاتم الرازي، ومثل أبي زرعة، ومن تقدم ذكرهم، لو سمعوا عنه ووجدوه مجروحا، لا يتركونه. فتتلمذهم له، وشهرته، ولا بد أن يكون مشهورا بالطلب، وتتلمذ له أئمة من أئمة الجرح والتعديل، فلو كان ضعيفا لصاحوا به.

السؤال 3@ هل الحديث الذي تلقاه الناس بالقبول يحكم بصحته وإن لم يصح سنده، كما ذكر صاحب «التدريب» عن البخاري -رحمه الله تعالى- بحديث «هو الطهور ماؤه، الحل ميتته» قال: لا أعلم له إسنادا يصح غير أن الناس تلقوه بالقبول؟

الجواب: لا بد من النظر في أسانيده، وقد ذكر هذا الصنعاني في كتابه «توضيح الأفكار» وقد قال ابن عبدالبر في بعض الأحاديث مثل حديث: «لايمس القرآن إلا طاهر» قال: إن الأمة تلقته بالقبول، وادعى بعضهم في حديث: «اختلاف أمتي رحمة» أن الأمة تلقته بالقبول، وهذا ليس بصحيح، لا ذا ولا ذاك، وأما حديث: «هو الطهور ماؤه، الحل ميتته» في ماء البحر فهو وإن لم يصح له سند بمفرده فهو بمجموع طرقه صالح للحجية، وإلا فلا بد من النظر في سنده، وما أكثر الأحاديث التي اشتهرت عند المحدثين، ومع هذا فهم ينظرون إلى أسانيدها، وما أكثر الأحاديث التي يسأل بعضهم بعضا عن أسانيدها، فلا بد من النظر في السند والنظر في المتن، لا يكون المتن شاذا ولا يكون معلا، إلى غير ذلك، ذكر هذا الصنعاني في كتابه «توضيح الأفكار» ثم رب حديث يكون قد تلقاه طائفة من الناس بالقبول مثل حديث: أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- لما أرسل معاذا إلى اليمن قال: «بم تقضي فيهم» قال: بكتاب الله تعالى. قال: «فإن لم تجد»؟ قال: فبسنة رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-. قال: «فإن لم تجد»؟ قال: أجتهد رأيي ولا آلو.

يقولون: إن الفقهاء تلقوه بالقبول، أبومحمد بن حزم -رحمه الله- يقول: إنه نفق عليهم الحديث وتناقلوه من كتاب إلى كتاب، حتى ظنوه أنه متلقى بالقبول، مع أنه يدور على الحارث بن عمرو بن أخي المغيرة، وهو مجهول العين. وقد قال البخاري: إن حديثه لايصح. وله طرق أخرى ذكرها الشيخ ناصر الدين الألباني حفطه الله تعالى، ذكره في «سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة» وبين طرقه، وما فيها من الضعف.

السؤال 4@ في تعارض الجرح والتعديل ذكر الجمهور أن الجرح مقدم، لأن الجارح لا يكذب المعدلين، ولكن يوافقهم ويقول: اطلعت على ما لم تطلعوا عليه. والحافظ ابن حجر له في ذلك مذهب كما تعلمون: أن الرجل إذا ثبتت له مرتبة سنية فلا يزحزح عنها إلا بأمر جلي. وأنا ليس سؤالي في الجرح أو التعديل ولكن سؤالي فيما إذا تعارضت مرتبة، كأن يقول في رجل: ثقة، وآخر يقول فيه: صالح الحديث، أو حسن الحديث، أو شيخ، وأحد العلماء يجعله في مرتبة الاحتجاج، وآخر يجعله في مرتبة الاستشهاد، واللذان تعارض كلامهما من أئمة الشأن ليس لأحد منهم فضل على الآخر حتى أرجح كلامه على الآخر، فلا أدري: هل أبقيه على مرتبة الثقة ولا أنزله إلى مرتبة الاستشهاد؟ أم ماذا؟

الجواب: مثل هذا الحافظ ابن حجر في «تقريب التهذيب» يأخذ مرتبة وسطى، ويجعله صدوقا، وهذا حسن، والمسألة اجتهادية.

السؤال 5@ رجل وصف بأنه (عابد) أو (مقل)، ليس في وصفه إلا هكذا، فهل يعتبر بحديثه، ويستشهد به؟

الجواب: يستشهد به، ولا يحتج به، لأن العبادة تحتاج إلى حفظ، فما أكثر المحدثين العابدين الذين ضعفوا مثل: أبان بن أبي عياش، وعبدالله بن عمر العمري، وجمع كثير من العباد الذين ضعفوا، حتى قال يحيى بن سعيد -رحمه الله تعالى-: لم نر الصالحين في شيء أكذب منهم في الحديث. أو بهذا المعنى، يقول مسلم: بمعنى أن الكذب يجري على ألسنتهم ولا يتعمدونه. فهذه العبارة لفظة (عابد) أو ما يجري مجراها لا تدل على أنه يقبل الحديث، لأنه يشترط في الحديث أمر آخر وهو: الضبط. والله المستعان.

السؤال 6@ لو أن أحدنا مثلا قال: إنه معروف من الصالحين أنهم مغفلون في الحديث ويفحشون في الخطأ، وقال: إن الذي يوصف بعابد لا أستشهد بحديثه، فكم جرب على عابد أنه لا يحتج بحديثه ولا يستشهد به، ونزله منزلة المردود، نعم هو عابد في دينه، أما من حيث حفظه فإنه ليس بشيء، لو أن أحد الناس قال: الذي يوصف بعابد لا يحتج به، ولا يستشهد به، بم نجيب عليه؟

الجواب: كم روى عنه؟ نرجع إلى القاعدة: إذا روى عنه اثنان فأكثر، ولم يوثقه معتبر ولم يجرح، يصلح في الشواهد والمتابعات.

السؤال 7@ ذكرتنا بكم الرواة عنه قالوا: إن الراوي عنه يكون عدلا، لو أن -مثلا- رجلا شيخا، في ترجمته أنه شيخ من مراتب الاستشهاد وليس من مراتب الاحتجاج، وكان من الرواة عنه أناس هم من مراتب الاستشهاد، هل يرفعون جهالته؟

الجواب: الظاهر أن جهالته ترتفع، إلا إذا كان الراوي عنه كذابا، فربما أن الكذاب يروي عمن لم يوجد ولم يخلق.

السؤال 8@ وإذا قالوا في الرجل: (يروي عن الثقات ما ليس من حديثهم)، هل هذا الكلام يفهم منه أنه كذاب أو أنه منكر الحديث؟

الجواب: ينبغي أن ينظر في قائل هذه الكلمة، فإن مثل هذه الكلمة يقولها ابن حبان في بعض الحفاظ الكبار، من رجال البخاري ومسلم، فإذا قالها الإمام أحمد، أو يحيى بن معين، أو من جرى مجراهما، فمثل هؤلاء ينظر فيما قاله غير القائل، ينظر أوثقه غير القائل؟ أو قال: إنه صدوق غير القائل. أما إذا لم ترد إلا هذه العبارة فهي تعتبر جرحا، وهي محتملة أنه يكذب، وأنه يهم. محتملة لهذا وهذا، فنحن نتوقف في أمره، لا نحكم عليه بأنه كذاب، ولا نحكم عليه بأنه صالح للشواهد والمتابعات، ولكن إن وردت عبارات أخرى لبعض أهل العلم يحمل عليها هذا القول، بمعنى أنه يهم، وينظر أذلك الحديث من أوهامه، أم ليس من أوهامه؟ فإذا لم ترد إلا هذه العبارة توقفنا في أمره ولا نحتج به، لكن ربما يصلح للشواهد والمتابعات، وينظر فيمن روى عنه أهم من الثقات الأثبات أم ماذا؟

السؤال 9@ قولهم في الرجل: (يروي المعضلات) هل المقصود بذلك العجائب والمشكلات، أو الأوابد -كما يقولون-، أم المعضلات بالمعنى الاصطلاحي؟ وإذا كان المقصود المعنى الاصطلاحي فما وجه القدح؟

الجواب: ذلك بمعنى الأوابد، وبمعنى الأمور التي لم تثبت عنهم، لكن هذه العبارة -كما تقدم- ينبغي أن ينظر في قائلها، فيخشى أن تكون من ابن حبان -رحمه الله تعالى-، فكثيرا ما يقول: يروي المعضلات عن الأثبات فاستحق الترك. فابن حبان هو شديد التجريح، كما أنه متساهل في توثيق المجهولين، فهو يطلق هذه العبارة على بعض رجال الشيخين، فيتوقف في كلامه، وربما اعترض عليه الحافظ الذهبي وقال: إنه لا يدري ما يخرج من رأسه.

السؤال 10@ بارك الله فيكم. ومثلها قولهم: (يروي المرسلات والمنقطعات والمقطوعات)، ماوجه القدح فيها؟

الجواب: الظاهر أنهم يعنون بهذا أنه يصل المرسلات، لعلهم يعنون هذا، يصل المرسل ويرفع الموقوف... الخ، هذا بمعنى أنه يخالف الناس في هذا، فإذا كان ثقة أو قيل فيه: صدوق، بقي علينا أن ننظر في كتاب «ميزان الاعتدال» وفي كتاب «الكامل» لابن عدي، وفي غير هذين الكتابين، أهذا الحديث مما تفرد هو برفعه والناس يروونه موقوفا، أو تفرد بوصله والناس يروونه مرسلا؟ فينبغي أن تراجع ترجمته، وإذا قد وثقه العلماء الأثبات -وبعضهم قال هذا-، بقي علينا أن ننظر في ترجمته، أهذا الحديث مما أخطأ فيه؟ فيترك خطؤه، وهكذا إذا قالوا: صدوق يهم، صدوق يخطيء، وهنا أمر أنصح به طلبة العلم وهو: أن يعرضوا ما كتبوه على كتب العلل، فرب حديث نغتر به ونقول: إن رجاله رجال الشيخين، ثم بعد هذا نجد أن الحديث معل، وقد حكم عليه بالوضع، ورب حديث قد حدثنا به وهززنا به رؤوسنا وفي النهاية فإذا الحديث معل، وقد قال أبوحاتم أو الدارقطني رحمهما الله تعالى: إن هذا معل، فالذي أنصح به إخواني في الله أن يعرضوا ما كتبوه على كتب العلل، والحمد لله كتب العلل تغربل الأحاديث غربلة، وقد قال علي بن المديني -وهو كما يقول الحافظ ابن حجر: أعلم أهل عصره بعلل الحديث- يقول: الحديث إذا لم تجمع طرقه، لم يتبين خطؤه. والله المستعان.

السؤال 11@ إذا قال أحد من أئمة الحديث: إن الحديث معلول. فهل لا بد من أن يبين السبب ويظهره لنا كطلبة علم، أو لا يقبل منه هذا القول، أو يقبل منه من غير بيان؟

الجواب: أنا وأنت في هذا الأمر ننظر إلى القائل، فإذا قاله أبوحاتم، أو أبوزرعة، أو البخاري، أو أحمد بن حنبل، أو علي بن المديني، ومن جرى مجراهم، نقبل منه هذا القول، وقد قال أبوزرعة كما في «علوم الحديث للحاكم» ص (113) عند جاء إليه رجل وقال: ما الحجة في تعليلكم الحديث؟ قال: الحجة -إذا أردت أن تعرف صدقنا من عدمه، أنحن نقول بتثبت أم نقول بمجرد الظن والتخمين؟ - أن تسألني عن حديث له علة فأذكر علته، ثم تقصد ابن وارة -يعني محمد بن مسلم بن وارة- وتسأله عنه ولا تخبره بأنك قد سألتني عنه فيذكر علته، ثم تقصد أبا حاتم فيعلله ثم تميز كلام كل منا على ذلك الحديث، فإن وجدت بيننا خلاف فاعلم أن كلا منا تكلم على مراده، وإن وجدت الكلمة متفقة فاعلم حقيقة هذا العلم. ففعل الرجل فاتفقت كلمتهم عليه فقال أشهد أن هذا العلم إلهام.

وقد قال عبدالرحمن بن مهدي كما في «العلل» لابن أبي حاتم (ج1 ص10): إن كلامنا في هذا الفن يعتبر كهانة عند الجهال.

وإذا صدر من حافظ من المتأخرين، حتى من الحافظ ابن حجر ففي النفس شيء، لكننا لا نستطيع أن نخطئه، وقد مر بي حديث في «بلوغ المرام» قال الحافظ: إنه معلول. ونظرت في كلام المتقدمين، فما وجدت كلاما في تصحيح الحديث ولا تضعيفه، ولا وجدت علة، فتوقفت فيه.

ففهمنا من هذا، أنه إذا قاله العلماء المتقدمون ولم يختلفوا، أخذنا به عن طيبة نفس واقتناع، وإذا قاله حافظ من معاصري الحافظ ابن حجر نتوقف فيه.

السؤال 12@ ذكرتم في من قيل فيه: (صدوق يخطئ)، أو (صدوق يهم): أننا نرجع «للميزان» للذهبي أو «الكامل» لابن عدي للنظر، هل هذا الحديث من أوهامه وأخطائه، أم لا؟ وأحيانا أرجع إلى ترجمة بعض الرواة الذين قيل فيهم هذه المقالة، فأجدهم يقولون: ومن أوهامه، لا يسوقون هذا مساق الحصر، ولكن مساق التمثيل، يمثلون بأوهامه، ولم يذكروا الحديث الذي بين يدي، لكنهم ما قالوا: إن هذه كل أوهامه، وإنما ذكروها على سبيل المثال، فكيف بالحديث الذي بين يدي؟

الجواب: سؤال حسن، إن كان الحديث من أحاديث الأحكام، فأحاديث الأحكام قد نخلت نخلا، لأن هناك فقهاء محدثين، مثل الإمام النووي، ومثل الإمام الحافظ ابن حجر، ومثل العراقي، ومثل الزيلعي في «نصب الراية»، ومثل من تقدمهم، كالبيهقي، ومثل الطحاوي، فمثل هذه الأحاديث يتكلمون عليها إذا استدل شافعي بالحديث، والحنفي يعلم به علة، يبين أنه معل، وهكذا على العكس رجعت إلى كتب الأحكام مثل: «نيل الأوطار» وغيره من الكتب، ومن أحسن المراجع في هذا هو «التلخيص الحبير» للحافظ ابن حجر -رحمه الله تعالى-، لكن إذا كان الحديث يتعلق بالتفسير، أو بالسير، فأنت تنظر أذكر في أوهامه أم انتقد عليه؟ وإلا حكمت عليه بما يقتضيه ظاهر السند، والله تعالى أعلم.

السؤال 13@ الشيخ الألباني-حفظه الله تعالى- يحسن حديث من هذا حاله، فهل يحمل تحسينه على ما ذكرت أنت من التفصيل؟ أم أن هذه قاعدة عنده أن (صدوق يخطئ) حديثه حسن، وذكره غير مرة في كتابه «السلسلة»؟

الجواب: الذي يظهر أن هذه قاعدة عنده، وقد سألناه بمدينة رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- فقال حفظه الله تعالى: إن من مارس أعمالهم في كتب الحديث يرى أنهم يحسنون لمحمد بن عمرو بن علقمة ومن جرى مجراه، فالظاهر أن هذه قاعدة عنده وهي قاعدة مقبولة لا غبار عليها، لكن من أحب أن يتثبت وينظر في ترجمته وفي العلل فهو الأحوط لدينه.

السؤال 14@ ذكر ابن الوزير -رحمه الله تعالى- أن مدلس تدليس التسوية لا بد أن يصرح بالتحديث من أول السند إلى آخره، ولا ينفعه أن يصرح بالتحديث بينه وبين شيخه، فماذا تقولون؟

الجواب: هذا هو المعروف، لأن تدليس التسوية هو: إسقاط ضعيف بين ثقتين، وزاد بعضهم: قد سمع أحدهما من الآخر، فهذا هو المعروف والمعتبر، وهذا هو الذي عليه العمل: أنه إذا وجد مدلس تدليس التسوية مثل: بقية بن الوليد، أو الوليد بن مسلم، فإنه لا بد أن يصرح بالتحديث في السند كله(2)، لكن ينبغي أن يعلم أنه يحتاج إلى أن تجمع الطرق، فربما لا يصرح في «صحيح البخاري» ويصرح في «مسند أحمد»، أو يصرح في «معجم الطبراني».

وقد قيل للوليد بن مسلم -وهو كثير الرواية عن الأوزاعي-: مالك تحذف شيوخ الأوزاعي الضعفاء؟ قال: أجله عن أن يروي عنهم، قيل له: إذا حذفت شيوخ الأوزاعي الضعفاء، ضعف الأوزاعي، وأبى الوليد بن مسلم إلا أن يستمر على ما هو عليه.

فلا بد من التصريح، فمثلا الوليد بن مسلم يروي عن الأوزاعي، والأوزاعي يروي عن الزهري، والزهري يروي عن سعيد بن المسيب، وسعيد بن المسيب يروي عن أبي هريرة، لا بد أن يكون فيه: حدثنا الأوزاعي، أو سمعت، أو ما يؤدي هذا، وهكذا الأوزاعي عن الزهري، حدثنا الزهري والزهري عن سعيد بن المسيب، حدثنا سعيد بن المسيب عن أبي هريرة.

السؤال 15@ الهيثم بن خارجة لما سأل الوليد بن مسلم في القصة التي ذكرتها قال: أنت إذا فعلت ذلك وحذفت ما بين الأوزاعي والزهري، أو مابين الأوزاعي وغيره من المشايخ، ضعف الأوزاعي، فلو أن الأوزاعي ثبت لقاؤه للشيخ هذا، ويقينا تحمل عنه الأوزاعي، ومع ذلك عنعن، فما وجه ضعف الأوزاعي؟ هل وجه ضعفه أن الحديث منكر؟

الجواب: إذا عنعن والراوي عنه الوليد بن مسلم (نعم)، فقط خاف أن يضعف، وإلا فالأوزاعي قد عرفت إمامته، وعرفت ثقته، فخاف أن الناس يظنون أن الأوزاعي هو الذي وضع هذا الحديث الضعيف، أو هذا الحديث المنكر، فخاف من هذا، والحمد لله لم يحصل -أي لم يضعف الأوزاعي- لأنه قد عرف أن الوليد بن مسلم يدلس تدليس التسوية؟

السؤال 16@ إذا كان الحديث في «الصحيحين» وقد عنعن المدلس فماذا؟

الجواب: من أهل العلم من يقول: إنه يحمل على السماع، قال ابن دقيق العيد -كما في «فتح المغيث» -: إن في النفس شيئا. فهو محمول على السماع، لأن مثل الإمام البخاري لا يخفى عليه هذا، وهو الأحوط، حتى لا يتجرأ على تضعيف أحاديث في «الصحيحين»، ما ضعفها أحد من المتقدمين، والله أعلم.

السؤال 17@ مثل كتب «المستخرجات»، ذكروا أن الذي يخرج كتابا على كتاب، أنه يجب عليه أن يلتزم بشرط صاحب الكتاب الأول، ومن هنا تكلم الحافظ ابن حجر على فوائد «المستخرجات»، فقال: إن الرجال الجدد الذين يذكرهم صاحب «المستخرج» لهم حكم العدالة مالم يثبت فيهم جرح أو تعديل، لأن الرجل التزم بشرط الصحيح، فمن هنا قال: يستفاد من «المستخرجات»: توثيق الرجال الجدد الذين لم يثبت فيهم جرح ولا تعديل، وحديثهم الذي في غير «المستخرج» محمول على العدالة، لأن صاحب «المستخرج» قد ذكرهم، لكنه قال بعد ذلك: إنه لا يحكم لهم بالعدالة، قال: والسبب في ذلك: أن الحافظ منهم، همه العلو، فكيف الجمع بين الكلام الأول والأخير؟

الجواب: الأخير هو المعتبر، لا بد من نظر في رجال السند من المؤلف إلى أن يلتقي مع من استخرج عليه، فالمعتبر هو الأخير.

السؤال 18@ قول ابن الصلاح: إن الأمة تلقت «الصحيحين» بالقبول، هل هذا عليه العمل؟ وإذا كان هذا عليه العمل، فهل لي أنا أو لغيري من طلبة العلم إذا اتضح له حديث فيه علة ولم يتكلم عليه الأئمة الأولون هل لي أن أتكلم فيه، لأني سمعت أن بعض الإخوة يضعف حديثا في البخاري ما ذكره الدارقطني، ولا غيره من الأئمة، فهل هذا الأخ أو الذي يقول هذه المقالة يدفع بأن الأمة تلقت هذين «الصحيحين» بالقبول إلا الأحرف اليسيرة؟ أم يقول الأمر أمر اجتهاد، وأسير كما سار الدارقطني، وأنا صاحب شوكة وصاحب أهلية... الخ؟

الجواب: الذي يظهر أن «الصحيحين» قد تلقتهما الأمة بالقبول-كما يقول ابن الصلاح- إلا أحاديث يسيرة انتقدها الحفاظ كالدارقطني وغيره، وأنه لا ينبغي أن يفتح الباب لزعزعة الثقة بما في «الصحيحين»، ورب حديث يكون قد تحقق للعلماء أنه صحيح مثل البخاري، أقصد أن مثل الإمام البخاري، وأحمد بن حنبل، وابن معين، وعلي بن المديني، ومن جرى مجراهم، يعرفون الراوي وما روى عن ذلك الشيخ، وإذا روى حديثا ليس من حديثه يقولون: هذا ليس من حديث فلان، دليل على أنهم يحفظون حديث كل محدث، وربما يروون له عن أناس مخصوصين، فهم قد اطلعوا على مالم نطلع عليه، ونحن ما بلغنا منزلتهم، والصحيح أن مثلنا مثل الذي يعشي-وأنا أتحدث عن نفسي أولا- فالذي يعشي يمشي في الليل وعنده نور قليل فهو يتخبط، فنحن نفتش الورق ونقرأ ونبحث، فينبغي أن يعلم أنهم حفاظ، ونحن لسنا بحفاظ، وربما نغتر بظاهر السند هو كالشمس في نظرنا، وهو معل عندهم، وربما يكون في السند ابن لهيعة، وهم يعلمون أن هذا الحديث من صحيح حديث ابن لهيعة، فإذا صححه الحافظ الكبير ولم يقدح فيه حافظ معتبر مثله فهو مقبول لأنهم قد نخلوا سنة رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- نخلا، ولو كان ضعيفا لصاحوا به.

السؤال 19@ بعض الرواة يكون ثقة إذا روى عن أهل بلد وضعيفا إذا روى عن أهل بلد أخرى، مثل: إسماعيل بن عياش في روايته عن الشاميين والحجازيين، ومثل: بقية. والسؤال: إذا روى عن غير أهل هذين البلدين، مثلا إسماعيل بن عياش يروي عن المصريين، ما حكم روايته؟

الجواب: يصلح في الشواهد والمتابعات. إذا روى عن الشاميين تقبل روايته، وإذا روى عن المصريين أو المدنيين يصلح في الشواهد والمتابعات.

السؤال 20@ إن كان الأئمة قد ضعفوا حديثا بعينه، ثم جاء المتأخرون فصححوه، وقد ذكر الأئمة في السابق أن له طرقا بعضها ضعيفة، وبعضها كذا، إلا أن الرجل المتأخر رد هذه العلة، مرة يرد هذه العلة، ومرة يقول: أنا بحثت عن الحديث فوجدت له سندا لم يطلع عليه الحفاظ الأولون، فماذا تقول؟

الجواب: سؤال حسن ومهم جدا -جزاكم الله خيرا- العلماء المتقدمون مقدمون في هذا، لأنهم كما قلنا قد عرفوا هذه الطرق، ومن الأمثلة على هذا: ما جاء أن الحافظ -رحمه الله- يقول في حديث المسح على الوجه بعد الدعاء: أنه بمجموع طرقه حسن، والإمام أحمد يقول: إنه حديث لا يثبت، وهكذا إذا حصل من الشيخ ناصر الدين الألباني حفظه الله تعالى هذا؛ نحن نأخذ بقول المتقدمين ونتوقف في كلام الشيخ ناصر الدين الألباني، فهناك كتب ما وضعت للتصحيح والتضعيف، وضعت لبيان أحوال الرجال مثل: «الكامل» لابن عدي و«الضعفاء» للعقيلي، وهم وإن تعرضوا للتضعيف، فهي موضوعة لبيان أحوال الرجال، وليست بكتب علل، فنحن الذي تطمئن إليه نفوسنا أننا نأخذ بكلام المتقدمين، لأن الشيخ ناصر الدين الألباني حفظه الله تعالى ما بلغ في الحديث مبلغ الإمام أحمد بن حنبل، ولا مبلغ البخاري، ومن جرى مجراهما. ونحن ما نظن أن المتأخرين يعثرون على مالم يعثر عليه المتقدمون اللهم إلا في النادر، فالقصد أن هذا الحديث إذا ضعفه العلماء المتقدمون الذين هم حفاظ، ويعرفون كم لكل حديث من طريق، فأحسن واحد في هذا الزمن هو الشيخ ناصر الدين الألباني حفظه الله تعالى، فهو يعتبر باحثا، ولا يعتبر حافظا، وقد أعطاه الله من البصيرة في هذا الزمن ما لم يعط غيره، حسبه أن يكون الوحيد في هذا المجال، لكن ما بلغ مبلغ المتقدمين.

السؤال 21@ الشيخ الألباني-جزاه الله خيرا- قد يأتي بحديث في نفس هذه المسألة، فإن بحثت في كتب الفقه المتقدمة وجدت الحديث ضعيفا، ووجدت العمل ليس عليه عند الفقهاء المتقدمين، والشيخ ناصر يصحح الحديث، فيحتج بعض طلبة العلم ويقولون: لماذا تضعفون هذا والحديث في «صحيح الجامع» للألباني، فيحرج الإنسان، فما تقولون في ذلك؟

الجواب: سؤال حسن أيضا، الشيخ ناصر الدين الألباني- حفظه الله تعالى- هو عندنا ثقة، فالباحث الذي يستطيع أن يبحث لنفسه فما راء كمن سمع، وليس الخبر كالمعاينة، والذي لا يستطيع أن يبحث وأخذ بقول الشيخ الألباني في التصحيح والتضعيف، فهذا لا شيء عليه إن شاء الله، لأن الله سبحانه وتعالى يقول في كتابه الكريم: ﴿ياأيها الذين ءامنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين(3) فالشيخ ناصر هو عندنا ثقة، والذي يأخذ بتصحيحه وتضعيفه لا ننكر عليه بحال من الأحوال وإن خالفنا، لكن يبحث وهو الأحوط والأولى، وهو الذي يرجى أن ينفع الله به الإسلام والمسلمين.

أما إذا قال لك قائل: هذا صححه الشيخ ووجدته ليس أهلا للبحث فاترك صاحبك هذا، ولا تختلف أنت وهو، اتركه وابحث الحديث واعمل بما تراه حقا، ولست بأول شخص أنت وصاحبك ممن اختلف في تصحيح الحديث وتضعيفه، أو في توثيق الرجل وتضعيفه، ولا ينبغي أن يكون هذا سببا لفرقة ولا اختلاف ولا تنافر.

ونحن لا نطالب الناس بأن يكونوا كلهم محدثين، فمن أخذ بما صححه الشيخ أو ضعفه، لا نستطيع أن ننكر عليه، ولا نقول شيئا، حتى وإن خالف ما نرى، سواء

أكان الشيخ أم غيره، كالأخ محمد ابن عبدالوهاب عندنا، وكذلك الأخ أبي الحسن أو غيرهما، القصد أن العلماء الأولين اختلفوا في التصحيح والتضعيف، واختلفوا أيضا في التوثيق والتجريح، فالأمر سهل إن شاء الله في هذا.

السؤال 22@ بعض الإخوة المصريين الذين يبحثون في علم الحديث يحكم على أحاديث الشيخ الألباني عامة التي يحسنها وهي من قبل مضعفة، يقول: الشيخ متساهل في التحسين فماذا تقول؟

الجواب: على العموم نحن لا نستطيع أن نحكم على الشيخ أنه متساهل في التحسين، ولا أنه متساهل في التصحيح، طالب العلم ينبغي أن يبحث، نحن مع الشيخ في هذا الأمر، وفي مواضع لا نأخذ بقول الشيخ، وفي مواضع نرجع بعد سنة أو سنتين إلى قول الشيخ، إذا لم يكن الشخص صاحب هوى من إخوانك المصريين، فلا بأس، وإن قال: إن الشيخ متساهل. لا ينكر عليه، لكن لا نستطيع أن نقول: إن الشيخ حفظه الله متساهل على العموم، لكن كما قلنا هذه مسألة اجتهادية، والباحث متعبد بما أدى إليه اجتهاده، فالذي يبحث ويأخذ بما أدى إليه اجتهاده، فهذا هو الأحوط لدينه، والذي يأخذ بتحسين الشيخ أو تضعيفه فقد أخذ إن شاء الله بما ينجيه عند الله سبحانه وتعالى.

السؤال 23@ قولهم في الرجل: (مجروح)، هل هذه فيها تهمة بالكذب وما وثق؟

الجواب: نتوقف في أمره، أقل حاله أن يكون ضعيفا.

السؤال 24@ لأن هذه تجرني إلى كلمة أخرى، الدارقطني -رحمه الله تعالى- قال: تجنب تدليس ابن جريج، فإنه لا يدلس إلا فيما سمعه من مجروح؟

الجواب: معنى كلامه: أن ابن جريج إذا عنعن توقفت فيه، ولفظة (مجروح) الجرح يتفاوت، فهى محتملة لأن يكون ضعيفا، أو شيخا أو يكون أكذب الناس، كل هؤلاء مجروحون، فهي عبارة محتملة، نتوقف فيما عنعن فيه ابن جريج -رحمه الله تعالى-.

السؤال 25@ الذي قيل فيه: (مجروح) ولا ندري أهو مجروح من كذب أم من سوء حفظ، وما ذكر فيه إلا هذه العبارة هل يستشهد به؟

الجواب: الظاهر أنه يستشهد به، لو كان كذابا لقالوا: إنه كذاب.

السؤال 26@ ذكروا أن: من قيل فيه: (لا بأس به)، فهو من مراتب الاحتجاج في الحديث الحسن وأن من قيل: (صالح الحديث) يستشهد به، فكيف لو جمع عالم من العلماء قال فلان: (صالح لا بأس به)، هل لا بأس به في دينه وصالح في حديثه، بمعنى أن يستشهد به أم ماذا؟

الجواب: الذي يظهر لي أنهم يحسنون لمن قيل فيه: (صالح لا بأس به).

السؤال 27@ ذكر الذهبي تعقيبا على كلام ابن القطان، أن مجهول الحال الذي لم يوثقه معاصر، أو ينقل توثيقه عن معاصر، وأنا أسأل: هل هناك طريقة أخرى في توثيق الرجل غير قول المعاصر فيه، مثل سبر أحاديثه والنظر هل وافق الثقات أم خالفهم، ولم يتكلم فيه أحد ممن عاصره، هل عند العلماء أنهم يجمعون حديثه وينظرون، هل وافق الثقات أم خالفهم، وبهذا يجعلون له حكما وإن لم يوثقه معاصر؟

الجواب: نعم هذه هي الطريقة: إن كان معاصرا نظروا في حديثه وفي أمره، وإذا كان غير معاصر نظروا في حديثه فإذا لم يخالف الثقات علموا أنه حافظ، وقد أتقن حديثه، وقد ذكر هذا مسلم في مقدمة «صحيحه» وذكره غير مسلم -رحمه الله تعالى-، وذكر المعلمي في «التنكيل عما في تأنيب الكوثري من الأباطيل» أن يحيى بن معين ربما يوثق الشخص الذي لم يوثق، ويستحق أن يكون مجهولا لأن يحيى ينظر في حديثه فلا يجده مخالفا للثقات فيوثقه، فهاتان طريقتان في هذا الأمر.

السؤال 28@ السند الذي فيه انقطاع ظاهر ليس بالإرسال الخفي ولا بالانقطاع الخفي، وجاء من طريق أخرى فيها أيضا انقطاع، فهل ينجبر الحديث؟

الجواب: الذي يظهر أنه لا ينجبر، لأنه يحتمل أن يكون المحذوف ثقة، وأن يكون كذابا، وهكذا أيضا كذاب عن كذاب لا ينجبر، لكن لو تعددت الأحاديث المنقطعات ربما ترتقي إلى الحسن والله أعلم.

السؤال 29@ أنظر إلى قولهم: هو (مظلم الأمر)، فأجدها غالبا ما تقال في المجهول وليس بالمشهور، لكن جاء عند ابن عدي في ترجمة سعيد بن ميسرة البصري أبي عمران، قال: هو منكر، وعنده مناكير، وساق له أحاديث، وقال: هو مظلم الأمر. هل مظلم هنا بمعنى النكارة؟

الجواب: الظاهر أنه بمعنى النكارة، ويحتمل أن المراد لم يتضح لي أمره.

السؤال 30@ إذا أتى في السند أكثر من مجهول (أي مجهول حال) فهل يصلح في الشواهد والمتابعات؟

الجواب: يصلح في الشواهد والمتابعات، ولو وجد فيه أكثر من مجهول.

السؤال 31@ الذهبي -رحمه الله- أحيانا يذكر في ترجمة الرجل أقوال المتقدمين بالتعديل، ثم يعقب ذلك بقوله: (لا يعرف) كما في شبيب بن عبدالملك التميمي، قال أبوزرعة: صدوق، وقال أبوحاتم: شيخ بصري ليس به بأس لا أعلم أحدا حدث عنه غير معتمر بن سليمان -وهو أكبر منه- قال الذهبي: قلت: لا يعرف. فما وجه قول الذهبي وقد وثقه غيره؟

الجواب: نحن نأخذ بأقوال العلماء المتقدمين، وقول الإمام الذهبي في هذا إذا كان لا يعرفه هو فقد عرفه غيره، وكثيرا ما يتعقب عليه الحافظ ابن حجر.

وقد مرت بي في أيام قريبة قال في ترجمة راو: (لا يعرف) فتعقبه الحافظ ابن حجر في «تهذيب التهذيب» فقال: عجبا، إنه لعجب، قد عرفه يحيى بن معين فكيف يقال فيه: (لا يعرف). فنأخذ بأقوال العلماء المتقدمين.

السؤال 32@ وفي المقابل أيضا الحافظ ابن حجر ذكر ترجمة رجل وقال: وقرأت بخط الذهبي أنه صدوق، وترجم له في «التقريب» قال: (مجهول)؟

الجواب: لا بد أن ينظر ماذا قال العلماء المتقدمون وترجع إلى «تهذيب التهذيب» فإذا قال حافظ من الحفاظ المتقدمين الذين هم من معاصري يحيى بن معين: إنه صدوق فيكون صدوقا، وأما إذا لم يوثق، ثم يأتي الحافظ الذهبي ويقول: إنه ثقة، أو صدوق فنحن نتوقف في كلام الحافظ الذهبي، وكثيرا ما يذكر في كتابه «الكاشف» ويقول: فلان وثق، فنرجع فإذا هو قد اعتمد على توثيق ابن حبان، أو توثيق العجلي، أو توثيقهما، فالمعتبر في هذا هو الرجوع إلى كلام المتقدمين رحمهم الله، أما الإمام الذهبي ففي قوله: (صدوق) أو كذا، فبينه وبين ذلك الرجل مراحل.

السؤال 33@ بالنسبة لتوثيق العجلي، ذكر الشيخ الألباني حفظه الله تعالى أن العجلي والحاكم متساهلان في التوثيق، ومع ذلك أجد الحافظ ابن حجر إذا لم يكن في ترجمة الرجل إلا قول العجلى: (كوفي ثقة) أو (مدني تابعي ثقة) يقول في «التقريب»: ثقة، فما وجه تساهل العجلي؟

الجواب: قد عرف بالاستقراء، من تفرده -مع ابن حبان- بتوثيق بعض الرواة الذين لم يوثقهم غيرهما، فهذا عرف بالاستقراء، وإلا فلا أعلم أحدا من الحفاظ نص على هذا، والذى لا يوثقه إلا العجلي، والذي يوثقه أحدهما أو كلاهما فقد لا يكون بمنزلة صدوق، ويصلح في الشواهد والمتابعات، وإن كان العجلي يعتبر أرفع في هذا الشأن فهما متقاربان و«التقريب» محتاج إلى إعادة نظر، فربما يقول فيه: مقبول، وتجد ابن معين قد وثقه أو على العكس يقول: ثقة، ولا تجد إلا العجلي أو ابن حبان، وقد أعطانا الشيخ محمد الأمين المصري -رحمه الله تعالى- عشرة عشرة، كل واحد عشرة ممن قيل فيه: (مقبول) فالذي تحصل لي أن «التقريب» يحتاج إلى نظر، ونحن لا نرجع إلى «التقريب» إلا إذا رأينا للعلماء المتقدمين عبارات مختلفة لا نستطيع التوفيق بين عباراتهم، فنرجع إلى «التقريب» ونأخذ عبارة صاحب «التقريب».

السؤال 34@ ذكروا في مراتب الاستشهاد قولهم: (واه) يقال في الرجل: (واه). قالوا إن هذا يستشهد به، وقالوا: (واهي الحديث) في مراتب الرد، وكثيرا ما يقول الحافظ الذهبي وغيره: هذا الرجل وهاه فلان فقال: كذاب. وأحيانا يقول الحافظ الذهبي أيضا: فلان واه. ويسوق الترجمة بالترك وبالكذب، فالقول الأخير في قولهم في الرجل (واه) هل هذا يستشهد به؟

الجواب: الذي أعرفه أن من قيل فيه: (واه) لا يصلح في الشواهد والمتابعات.

السؤال 35@ ابن حبان معروف أنه يوثق المجاهيل، فإن كان الراوي غير مجهول وقد روى عنه أكثر من واحد، وقال ابن حبان: هذا مستقيم الحديث، أو قال: هذا ثقة، هل نتوقف في توثيقه أم نعتبره؟

الجواب: من أهل العلم كما في «التنكيل بما في تأنيب الكوثري من الأباطيل» من قال فيه: إنه يقبل. وهو اختيار المعلمي، أما (ثقة) فالغالب أنه قد عرف هو نفسه بالتساهل، فيتوقف لأنه قد عرف هو بالتساهل في ثوثيق المجاهيل، فإذا وثق غير مجهول يقبل منه، أما المجهولون فقد عرف منه التساهل في هذا.

السؤال 36@ أحيانا يذكر في كتابه «الثقات» يقول: روى عنه فلان وفلان وفلان وهو مستقيم الحديث، أو يقول: هو في حفظه كالأثبات أو يتقن حديثه، هو نفسه ينص على ثوثيقه، ولذا أجد الحافظ ابن حجر في مثل هذه المقالة يترجم له بالتوثيق أو على حسب مقالة ابن حبان وما وثقه إلا هو، وليس فيه إلا هذه العبارة!

الجواب: الذي يظهر أنه يتوقف في أمره، أما المعلمي في «التنكيل» فيقول: مثل هذا يقبل ويأخذ توثيقه عن ابن حبان.

السؤال 37@ ابن معين سئل عمن يقول فيه (ضعيف) فقال: ليس بثقة ولا يكتب حديثه. هل الأمر كذلك إذا قال في الرجل: (يضعفونه)؟

الجواب: الذي يقول فيه: (ضعيف) يكون غير ثقة، والذي يقول فيه: (يضعفونه) لا يكون غير ثقة، بل يكون ضعيفا، لأن الأول قوله، والثاني حكاية عن غيره.

السؤال 38@ هل هناك فرق بين قولهم: فلان (منكر الحديث)، وفلان (يروي الأشياء المنكرة)؟

الجواب: (منكر الحديث) صيغة تقتضي الديمومة، وأما (يروي الأشياء المنكرة)، فهو يحتمل أنه يرويها كغيره من العلماء الذين يجمعون كما قيل: (إذا كتبت فقمش، وإذا حدثت ففتش)، فيحتمل هذا. وينظر أهذا الحديث من مناكيره أم ليس من مناكيره.

السؤال 39@ قال الذهبي -رحمه الله تعالى- في ترجمة علي بن المديني: إن الثقة إذا تفرد برواية فهي صحيحة غريبة، أما الصدوق فإذا انفرد فهي منكرة، هل هذا قول صحيح؟

الجواب: من أهل العلم من لا يقبل الصدوق، مثل أبي حاتم -رحمه الله تعالى- فلعله جرى على مثل ما جرى عليه أبوحاتم. أما ابن الصلاح وكثير من أهل العلم فيعتبرون الصدوق إذا انفرد حسن الحديث، ورب كلمة تنفق على المؤلف من غير أن ينظر فيها ويفحصها مثل: زيادة الثقة، وقد زلت قدم الخطيب في بعض كتبه، وفي «الكفاية» ثم تبعه على هذا ابن الصلاح، فالراجح في هذا أنه يحسن حديثه.

السؤال 40@ هل هناك فرق بين قولهم: فلان (سيء الحفظ)، وفلان (رديء الحفظ)، وفلان (يخطئ كثيرا) أو (كثير الخطأ)، هل هناك فرق بين هذه العبارات؟

الجواب: الذي يظهر أنها مترادفة، والله أعلم.

السؤال 41@ هل قول البخاري في حديث من الأحاديث: (فيه نظر)، معناه: أن هذا الحديث لا يستشهد به، كقوله في الرجل: (فيه نظر)؟

الجواب: الذي يظهر هو هذا، أنه لا يستشهد به، كقوله في الرجل: (فيه نظر).

السؤال 42@ سئل ابن المبارك عن نوح بن أبي مريم فقال: هو يقول: (لا إله إلا الله)، وسئل ابن معين عن رجل فقال: (هو مسلم)، ففي أي المراتب؟

الجواب: الذي يظهر أن هذا من باب الهروب عن الإجابة، وأمر نوح بن أبي مريم معروف أنه كذاب، من رؤوس الكذابين، وكذلك قول عبدالله بن المبارك، فالذي يظهر أن الرجل مجروح شديد الجرح، وبعض الأوقات يقتضى المقام أن لا يصرحوا لأمر ما، إما أنه يخاف على نفسه، وإما لأن للمضعف عليه نعمة أو غير ذلك.

السؤال 43@ الذهبي في ترجمة محمد بن إسحاق بن يسار صاحب «السيرة» قال: إنه (صالح الحديث)، وقال: (حسن الحديث)، وقال: (صالح الحال)، وقال: (صدوق، وما انفرد به ففيه نكارة)، ثم ذكره مرة أخرى في ترجمة هشام بن حسان فقال: والجمهور على أنه لا يحتج به، فماذا تقولون في محمد بن إسحاق، آخر قول فيه؟

الجواب: ابن إسحاق إذا صرح بالتحديث ولم يكن حديثه منكرا، فيقبل ويحسن حديثه، وإذا تفرد بحديث ظاهره النكارة مثل: إثبات صفة الأطيط للعرش، فهذا من طريق ابن إسحاق، والحافظ البيهقي والحافظ الذهبي كلاهما يقدح في الحديث ويقولون: إن ابن إسحاق ليس بعمدة في أحاديث الأحكام، فضلا عن أحاديث الأسماء بالنكارة لأمر خارج، وإلا فيكون حديثا مستقلا ويقبل حديثه إذا صرح بالتحديث.

السؤال 44@ في ترجمة يحيى بن نصر بن حاجب القرشي، عن عاصم الأحول، وهلال بن خباب، وثور بن يزيد، وعنه إبراهيم بن سعيد الجوهري، وأحمد بن سيار وجماعة، قال أبوزرعة: (ليس بشيء)، وقال أحمد: (كان جهميا). وقال أبوحاتم: (يلينه عندي قدم رجاله)، هل قول أبي حاتم يشير إلى أنه متهم، ويحدث عمن لم يلقه أم ماذا؟

الجواب: هو يعني هذا، أنه يحدث عن أناس لم يلقهم.

السؤال 45@ قولهم في الرجل: (وثقوه)، أليس دون قولهم في الرجل: (ثقة)؟ وكذلك (ضعفوه) و (ضعيف)؟

الجواب: نعم هو كذلك.

السؤال 46@ العالم إذا سئل عن حديث إما إسنادا أو متنا وصححه، هل يكون ذلك ثوثيقا منه لرواة ذلك الحديث؟ أم أنه يحتمل أنه صححه لقرينة أخرى؟ وقد أردت أن أستقرئ فيها صنيع الحافظ الذهبي فوجدته أحيانا يعتبر هذا، ويوثق الرجل، وأحيانا لا يعتبره، وذكرت بعض الأسماء، ففي ترجمة إسماعيل بن سعيد ابن عبدالله بن جبير بن حية، لم يذكر من روى عنه إلا أن أبا حاتم تركه، والترمذي روى له حديثا واحدا فصححه، وذكره ابن حبان في «الثقات» فقال عنه ابن حجر في «التقريب»: (صدوق)، هذه الحالة التي اعتبر فيها توثيق الترمذي، وخالف ذلك في جعفر بن أبي ثور، وقد صحح حديثه جماعة: مسلم، وابن خزيمة، وابن حبان، وابن مندة، والبيهقي وغيرهم، روى عنه أربعة وذكره ابن حبان في «الثقات» ومع ذلك قال: مقبول؟

الجواب: لا بد من نظر في توثيق الراوي: أوثقه معتبر أم لم يوثقه معتبر؟ وبالنسبة للحديث فيحتمل أن يكون صححه لطريق أخرى وتصحيح الحديث لا يدل على أن رجاله ثقات.

السؤال 47@ قول الحافظ في ترجمة: أحمد بن بكار أبي ميمونة قال: (صدوق كان له حفظ)، فهل هذا يرفعه إلى درجة ثقة؟

الجواب: يبقى حسن الحديث، ولا يرتفع إلى درجة الثقة، لأن الصدوق له حفظ، ولو لم يكن له حفظ لكان من الضعفاء.

السؤال 48@ الشافعي -رحمه الله تعالى- معلوم كلامه في المرسل إذا اعتضد بقرائن، لكن خص ذلك بمرسل كبار التابعين، الذي عليه العمل: هل هو مطلق التابعي، أم أنه كما قال الشافعي -رحمه الله تعالى-؟

الجواب: الذي يظهر أنه من مطلق المرسل، إلا الذين عرف بأن مراسيلهم شديدة الضعف مثل: قتادة، ويحيى بن أبي كثير، والزهري، والحسن البصري، فمثل هؤلاء عرف أن مراسيلهم شديدة الضعف، لا تصلح في الشواهد ولا المتابعات، أما المرسل وإن كان من أوساط التابعين أو من صغارهم فينطبق عليه، وهذه مسألة اجتهادية، فإن الإمام الشافعي -رحمه الله تعالى- يقول: مع هذا فليس في رتبة الحديث المتصل.

السؤال 49@ هل قول البخاري في الرجل: (حديثه ليس بالمعروف) مثل قوله: (منكر الحديث) كما قالوا: إن المنكر عكسه المعروف؟

الجواب: الذي يظهر أنه ليس كقوله: (منكر الحديث)، أما (المعروف) فهو عندهم يقابل (المنكر)، كما أن (المحفوظ) يقابل (الشاذ)، لكن هذه العبارة لا يظهر منها أنها مثل: (منكر الحديث)، وإلا فما يمنع البخاري -رحمه الله تعالى- من قول: (منكر الحديث)، وما أكثر ما يقول هذا. فالذي يظهر أنها أحسن حالا، والله أعلم.

السؤال 50@ قالوا: إن الرافضة لا يكتب عنهم ولا كرامة، فكيف بجابر الجعفي، وكان يؤمن بالرجعة؟

الجواب: جابر بن يزيد الجعفي وثقه بعضهم، وهو يعتبر رافضيا، وقد كذبه أبوحنيفة فقال: ما رأيت أكذب منه، وكذبه غير أبي حنيفة، فجابر بن يزيد الجعفي ومن جرى مجراه لا يحتاج إليه، وقد ذكر الحافظ الذهبي -رحمه الله تعالى- في «الميزان» في ترجمة أبان بن تغلب ذكر: أن الشيعي إذا كان صدوق اللسان فإنه يؤخذ عنه، وأما الرافضة -الذين يسبون أبا بكر وعمر- قال: فلا يحتاج إليهم، قال: على أنني لا أعرف من هذا النوع أحدا يحتاج إليه، بل الكذب شعارهم والتقية دثارهم، أو بهذا المعنى.

فالرافضة ليس هناك أحد منهم يحتاج إليه، حتى قال الأعمش -رحمه الله تعالى-: ما كنا نسميهم إلا الكذابين. وذكر نحو هذا شريك ابن عبدالله النخعي، فلعل من روى لجابر يقصد أنه يعتبر بحديثه، فعلى كل فروايته لا تصلح في الشواهد والمتابعات.

السؤال 51@ قول الحافظ في جهضم بن عبدالله بن أبي الطفيل: (صدوق يكثر عن المجاهيل)، ما حكم ذلك في مراتب الجرح والتعديل؟ ومتى تعد كثرة الرواية عن الضعفاء والمجاهيل قدحا؟ ولماذا؟

الجواب: ينبغي أن ينظر في شيخه، فإن كان مجهولا دخلت علينا الريبة من هذا، ثم إن كتاب الحافظ هو تقريب كاسمه، فينبغي أن يرجع إلى «تهذيب التهذيب» و«ميزان الإعتدال» وغيرهما من الكتب التي تتكلم وتبسط الكلام على الراوي، وعلى كل فأنت ترجع إلى شيخه، فإذا وجدته مجهولا دخلت الريبة علينا، وإذا لم تجده مجهولا فيقبل حديثه ويحسن، والله أعلم.

السؤال 52@ لم يخصصون هذه المسألة: (يكثر عن المجاهيل)؟

الجواب: إكثاره عن المجاهيل جعل في القلب ريبة من روايته لكن إذا لم يكن شيخه مجهولا، وكان ممن يقبل حديثه قبل. والله أعلم.

السؤال 53@ الإمام أحمد -رحمه الله تعالى- في ترجمة حجاج بن أرطأة قال: (كان من الحفاظ)، قيل: فلم؟ أليس هو عند الناس بذاك؟ قال: لأن في حديثه زيادة على حديث الناس، لا يكاد له حديث إلا فيه زيادة. فكيف الجمع بين قوله: حافظ وقوله: في حديثه زيادة على حديث الناس، هل يعني أنه مكثر أو معه علم كثير أم أنه حافظ ضابط كما هو معلوم؟

الجواب: ضابط ويأتي بزيادات لا يعتمد عليها، ثم إن حجاج بن أرطأة أيضا به جرح آخر وهو: أنه ذكر الحافظ في ترجمته في «ميزان الاعتدال» قال: إن فيه تيها، وذكر عنه أنه قال: إنها لا تكمل مروءة الشخص حتى يترك الصلاة مع الجماعة. يقصد أنه بمخالطته للناس لا يهابونه، وهو أيضا مدلس، فلا يمنع أن يكون حافظا، وأن يكون مدلسا، وأن تكون لديه زيادات، فالزيادات التي يزيدها على غيره، ينبغي أن تجتنب حتى ولو زادها على من يماثله، نستفيد هذا من التعبير الذي قاله الإمام أحمد -رحمه الله تعالى-.

السؤال 54@ حسان بن عطية المحاربي كان الأوزاعي يثني عليه جدا، قال خالد بن نزار: قلت للأوزاعي: حسان بن عطية عمن؟ فقال لي: حسان ما كنا نقول عمن؟ فما معنى كلمة الأوزاعي هنا؟

الجواب: حسان بن عطية هو شامي والأوزاعي شامي، والأوزاعي يعتبر من أعرف الناس بالشاميين، فمعناه أنه واثق برواية حسان بن عطية، ومعناه أيضا أن حسان بن عطية مهاب، إذا حدثهم لا يستطيعون أن يستفسروا منه، لكن ينبغي أن يستفسر وينبغي أن يعرف مشايخه كغيره من العلماء. القصد أن قول الأوزاعي يفيد أحد أمرين أو الأمرين معا: وثوقهم برواية حسان أو مهابتهم له، فإن بعض الرواة يكون مهابا في نفوس الناس.

السؤال 55@ في مسألة لما ذكروها في قولهم: (حدثني الثقة)، وقال: هذا تعديل للمبهم، تكلم الحافظ ابن حجر وغيره قالوا: إن مالكا إذا قال: حدثني فلان، أو حدثني الثقة عن فلان فهو يعني به فلانا، والشافعي إذا قال: حدثني الثقة عن فلان. فهو يعني به فلانا، الإمام الصنعاني -رحمه الله تعالى- قال: هذا كله تخمين، يعنى لايوجد جزم لأن هذه مسألة استقراء تصيب وتخطئ.

الجواب: مسألة (حدثني الثقة)، لا بد أن يبين شيخه، والإمام مالك -رحمه الله تعالى- قد روى عن ضعيفين: عن عبدالكريم بن أبي المخارق وعن عاصم بن عبيدالله، فلا بد كما ذكروا في المصطلح من أن يبين شيخه، ذكره صاحب «فتح المغيث»، الإمام أحمد أيضا من الذين لا يحدثون إلا عن ثقات، روى عن عامر بن صالح الزبيري حتى قال الإمام يحيى بن معين عند أن بلغه هذا: جن أحمد.

وشعبة من الذين اشتهروا أنهم لا يحدثون إلا عن ثقات، وفي مرة يقول: لو لم أحدثكم إلا عن ثقة ما حدثتكم إلا عن ثلاثين، وفي رواية: ما حدثتكم إلا عن ثلاثة، فالتوثيق لا بد أن ينظر، ويسمى رجاله.

وهكذا الحسن، فالعلماء سبروا مراسيله فوجدوها شديدة الضعف، لأن الحسن -رحمه الله تعالى- يأخذ عمن أقبل وأدبر، أو بهذا المعنى، ذكروا: أنه قد يكون ثقة عنده، ويكون ضعيفا عند غيره.

السؤال 56@ الشافعي -رحمه الله تعالى- إذا قال: (حدثني الثقة)، جاء من بعده الربيع بن سليمان فقال: إذا قال الشافعي: حدثني الثقة فهو يعني يحيى بن حسان التنيسي وهو ثقة. فإذا قال الشافعي: (حدثني الثقة) هل نحملها على هذا مطلقا؟

الجواب: لا نحمله على هذا، وهم قد اختلفوا، فليس هذا القول متفقا عليه كما في «فتح المغيث» وفي غيره من المراجع، حتى ولو قال الشافعي ذلك فقد روى الشافعي -رحمه الله تعالى- عن إبراهيم بن أبي يحيى وقد قال الإمام أحمد فيه: إنه قدري معتزلي رافضي جهمي كل بلاء فيه. وأيضا الإمام النسائي يقول: الكذابون أربعة: وذكر منهم إبراهيم بن أبي يحيى بالمدينة. فلا بد من التسمية.

السؤال 57@ الحافظ -رحمه الله تعالى- في بعض التراجم في «التقريب» لا يذكر أنه ثقة أو ضعيف، يقول: وثقة فلان، وثقه النسائي، وثقه الدارقطني، وثقه العجلي، أو ضعفه فلان، يعزو الأمر إلى غيره، كأنه في ذلك والله أعلم لا يريد أن يقطع في هذا الأمر بشيء، ماذا ترى في هذا؟

الجواب: ما أرى إلا ما رأيت.

السؤال 58@ قولهم في الرجل: (ثقة له أوهام)، أو (ثقة يخطئ)، أو (له مناكير)، فإذا لم يتضح لي أي شيوخه يهم فيه أو أي أحاديثه وهم فيها، كنت أظن أنه يحتاج إلى متابع كما في مسألة: صدوق يخطئ، أو صدوق يهم، حتى وقفت على كلام لابن حبان في ترجمة أبي بكر بن عياش في كتابه «الثقات


المقترح في أجوبة أسئلة المصطلح
  • عنوان الكتاب: المقترح في أجوبة أسئلة المصطلح
  • تاريخ الإضافة: 13 رجب 1426هـ
  • الزيارات: 164204
  • التحميلات: 16762
  • تفاصيل : الطبعة الثانية دار الآثار-صنعاء
  • تنزيل: اضغط هنا للتنزيل  zip

فهرس الكتاب

تفريع الفهرس | ضم الفهرس