الرسول - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - يقول : " كل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار " ، وكل من ألفاظ العموم ، فهي تعم كل بدعة ، والبدعة في اللغة : ما أحدث على غير مثال سابق ، وأما في الشرع : فما أحدث في الدين ولم يكن على عهد النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - ، نعم المبتدعة استدلوا بأدلة ليس لهم فيها متشبث مثل حديث جرير لن عبدالله الذي رواه مسلم : " من سن في الإسلام سنة حسنة كان له أجرها وأجر من عملَ بها إلى يوم القيامة لا ينقص من أجورهم شيئاً ، ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة لا ينقص من أوزارهم شيئاً " ، وهذا الحديث سببه يبين أن المراد السنة الحسنة لأنه لم يقل : من سن في الإسلام بدعة حسنة مع أن المراد بالسنة الحسنة هو أن يشجع الناس على فعل خيري مشروع ، أول الحديث يدل على هذا فقد جاء عن جرير بن عبدالله قال : بينما نحن عند رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - إذ جاء قوم من مضر أو عامتهم من مضر مجتابي الثمار وذكر من حالتهم ومن فقرهم وأنهم عراة فتمعر وجه النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - لما رأى بهم من الفاقة ثم أمر بلالاً أن ينادي بالصلاة ، صلى النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - بالناس وقال : " ( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً ) ، وقرأ أيضاً قوله تعالى : " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد " ، ثم قال النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - - : " تصدق رجل من ديناره من درهمه من صاعه من ثوبه " أو بهذا المعنى أي ليتصدق ، قال جرير فرأيت رجلاً من الأنصار قد جاء بصرة تكاد كفه تعجز عنها بل قد عجزت كفه عنها ، فتتابع الناس حتى رأيت عند النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - كومين كوماً من طعام ، وكوماً من ثياب ، فرأيت وجه رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - يتهلل كأنه مذهبة ، ثم قال النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - هذا الحديث : " من سن في الإسلام سنة حسنة ... " ، فالأنصاري سن سنة حسنة وهو أنه كان البادئ في فعل الخير وتتابع الناس في هذا .
شبهة أخرى يقولون : جاء عن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - ( ما رآه المسلمون حسناً فهو عند الله حسن ) هذا الحديث لم يثبت عن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - لكنه جاء عن عبدالله بن مسعود كما في مسند الإمام أحمد بسند حسن والمراد : ما رآه المسلمون حسناً مما هو مشروع أو المسلمون الكمل فهم لا يبتدعون في دين الله ، والبدعة شنيعة ثبت عن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - أنه قال : " إن الله حجب التوبة عن كل صاحب بدعة حتى يدع بدعته " .
وجاء عن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - أنه قال : " إن لكل عمل شره ولكل شرة فترة فمن كانت فترته إلى سنتي فقد اهتدى ، ومن كانت فترته إلى بدعة - وفي رواية إلى غير ذلك - فقد هلك " ، فليس في الإسلام بدعة حسنة وإنما هي كل بدعة ضلالة والله المستعان .
والقنوت في الصبح جاء في السنن عن أبي مالك سعد بن طارق أنه قال : قلت يا أبت صليت مع رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - وأبي بكر وعمر فهل كانوا يقنتون ؟ قال : أي بني محدث ، وأما حديث أنس الذي في السنن أن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - مازال يقنت حتى فارق الدنيا ، فإنه من طريق جعفر الرازي وهو مختلف فيه والراجح ضعفه ، والصحيح أنه يقنت في الصلوات كلها في وقت النوازل .
أثر ابن مسعود المتقدم : ما رآه المسلمون حسناً فهو عند الله حسن هو موقوف عليه وسنده حسن لأنه من طريق عاصم بن أبي النجود فهو يدور عليه .
ومن الأدلة التي لم نذكرها ما جاء في الصحيح من حديث عائشة رضي الله عنها : " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " .
ورفع الصوت بآية الكرسي يعتبر من البدع ، وقد تقدم بعض أدلة البدع ، ونحن غنيون عن البدع يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم : " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً " ، ولم يستطع المسلمون أن يقوموا بما أوجب الله عليهم في هذا الزمن فضلاً عن أن يبتدعوا في دين الله .
---------------
راجع كتاب : ( إجابة السائل ص 682 )