رجل يحب الخير وينفق ماله في بناء المساجد وغيره فطلب رجل منه بناء مسجد في قريته وبعد أخذ المال وراح يخطط في المقبرة وحر القبور ووضع قواعد البناء فاتضح أو قال أفاد أن لديه فتوى من بعض الناس أنه يجوز فما حكم الشرع في ذلك ؟
الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أما بعد :
فعمارة المساجد تعتبر من أفضل القربات ، يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم : " إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ ۖ فَعَسَىٰ أُولَٰئِكَ أَن يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ " [ التوبة : 18 ] .
وعمارة المساجد تشمل عمارتها الحقيقية ، وتشمل عمارتها بالأذكار وبالصلوات ، تشمل هذا وهذا .
روى البخاري ومسلم في < صحيحيهما > عن عثمان رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - : " من بنى لله مسجداً يبتغي به وجه الله بنى له مثله في الجنة " .
وينبغي لمن أراد عمارة المساجد أن يكون متفقهاً في أحوال المساجد حتى لا يقع في محظور ، فمن المحاظير :
زخرفة المساجد ؛ فقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - أنه قال : " لا تقوم الساعة حتى يتباهى الناس بالمساجد " وهو من حديث أنس في < السنن > .
وثبت عن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - أنه قال : " ما أمرت بتشيد المساجد " ، وفسر بتشيد المساجد بتفسيرين : أحدهما : ضربها بالشيد وهو الجص ، والثاني : ارتفاعها يقال : شاد البناء إذا رفعه .
ومن المحاظير أيضاً : أن يكون المسجد على قبر أو يقبر في المسجد ؛ فقد روى البخاري ومسلم في < صحيحيهما > عن عائشة رضي الله عنها أن أم سلمة وحفصة أخبرتا رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - بكنيسة رأينها في الحبشة ، وما فيها من التصاوير ، فقال النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - : " أولئك شرار الخلق عند الله ؛ إذا مات فيهم الرجل الصالح - أو العبد الصالح - بنوا على قبره مسجداً وصوروا فيه تلك الصور ، أولئك شرار الخلق عند الله " .
وعائشة رضي الله عنها تقول كما في حديث آخر : ولولا ذلك لأبرز قبره أي قبر النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - غير أنه خشي أن يتخذ مسجداً .
ورويا في < صحيحيهما > أيضاً عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - أنه قال : " قاتل الله اليهود والنصارى ، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " .
وفي < صحيح البخاري > أن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - وهو من حديث أبي هريرة قال : " لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " .
وروى الإمام البخاري في صحيحه عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - : " اجعلوا صلاتكم في بيوتكم ولا تتخذوها مقابر " قال العلماء : وجه إدخال البخاري له في كتاب المساجد : أن المقبرة لا يصح أن يبنى فيها مسجد .
وفي < السنن > من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - : " الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام " ، هذا الحديث اختلف في وصله وإرساله ، ويقول شيخ الإسلام كما في كتابه < اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم > يقول : من طعن في الحديث فلم يستوعب طرقه ، وقال : سنده جيد ، ومن أجل هذا فمن أهل العلم من يحرم الصلاة في المقبرة خشية من فتنة الشرك ، وقال بعضهم : خشية النجاسة ، ولكن النجاسة كم بين المصلي وبين النجاسة ، ثم من الأموات من قد أصبح رفاتاً ، والصحيح من أقوال أهل العلم أن الصلاة في المقبرة لا تصح لنجاسة الشرك كما في < فتح المجيد شرح كتاب التوحيد > عن شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم وغيرهما رحمهما الله .
والمساجد ينبغي أن يحرص المسلمون على أن تسابق الكليات والمعاهد والمدارس ، نبينا محمد - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - يقول : " وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدراسونه فيما بينهم إلا نزلت عليهم السكينة ، وحفتهم الملائكة ، وغشيتهم الرحمة ، وذكرهم الله فيمن عنده " رواه مسلم .
ويقول النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - : " بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة " .
ويقول أيضاً كما في < الصحيحين > من حديث أبي هريرة : " من توضأ فأحسن الوضوء ثم خرج إلى المسجد لا يخرجه إلا الصلاة لم يخط خطوة إلا رفعت له بها درجة ، وحط عنه بها خطيئة ، فإذا دخل المسجد لم تزل الملائكة تصلي عليه مادام في مصلاه تقول : اللهم اغفر له ، اللهم ارحمه ، اللهم تب عليه ، ولا يزال في صلاة ما انتظر الصلاة ما كانت الصلاة تحبسه " أو بهذا المعنى .
فعُلم مما تقدم أنه يحرم أن يبنى مسجد على مقبرة ، وروى الإمام مسلم في < صحيحيه > عن جندب رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - : " ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون القبور مساجد ، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك " .
ونبينا محمد - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - كما في الصحيح من حديث عائشة عند أن قدم المدينة أول ما بدأ ببناء المسجد ، وكانت الأرض بها قبور وبها نخل فأمر بالقبور فنبشت ، وبالنخل فقطعت ، ولكنها قبور مشركين ، فقبر المشرك يجوز أن ينبش لأنه لا حرمة له ، أما قبر المسلم ونحن في بلد مسلمة فإن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - يقول : " لأن يجلس أحدكم على جمرة فتخلص إلى ثوبه أو إلى جسده فتحرق جسده أهون من أن يجلس على قبر " ، ويقول النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - : " لأن يطأ أحدكم على جمرة فتخلص إلى قدمه أهون من أن يطأ على قبر " .
وقد رأى النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - رجلاً يمشي في المقابر بنعليه فقال : " يا صاحب السبتيتين اخلعهما فقد آذيت " ، وقد يقول قائل : نحن لا نترك الأموات بل ننقلهم إلى مكان آخر فاستمع إلى قول النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم : " كسر عظم الميت ككسره حياً " ، والناس في هذا الزمن أصبحوا لا يحترمون المقابر ، فذاك يجعلها طريقاً للسيارات ، وآخر يبني عليها ، وقد سُئلت بصنعاء وسُئل غيري سأله أناس من إخواننا من أهل باب اليمن بصنعاء وقالوا : بيوتنا على مقابر فقلنا لهم : لا يحل لكم أن تسكنوا فيها ، المقابر هي بيوت الأموات ليست بيوت الأحياء .
والمسجد إذا وضع فيه قبر لا تصح الصلاة فيه ، وهكذا أيضاً إذا كانت قبوراً لا تصح الصلاة فيه لما سمعتم من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه أنه قال : " الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام " ، فالصلاة في المقبرة لا تجوز إلا صلاة الجنازة على القبر الذي يحب الشخص أن يصلي عليه ، أو على الميت ، فإذا كان في طرف المقبرة فذاك ، ولو كان في وسط المقبرة فإنه يجوز أن يصلى على الجنازة وعلى القبر الذي لم يصل عليه ، أو صلى عليه وأحب شخص أن يصلي عليه فإن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - سأل عن امرأة أو عن رجل كان يقم المسجد فقيل يا رسول الله مات فقال : " أفلا آذيتموني " وذهب وصلى على قبره متفق عليه .
أما الصلوات الخمس والنافلة وغيرها لا يستثنى شيء من ذلكم إلا صلاة الجنازة لما سمعتم من الدليل ؛ وإلا فالصحيح من أقوال أهل العلم أن الصلاة تعتبر باطلة .
ثم بعد ذلك بناء المسجد على المقبرة أيجوز ؟ سمعتم الأدلة أنه لا يجوز ، وهناك أدلة أخرى تنهى عن البناء على القبر ، وروى مسلم في < صحيحه > عن جابر رضي الله عنه قال : نهى رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - أن يبنى على القبر ، وأن يجصص ، الظاهر أن يجصص زيادة في غير مسلم .
وجاء من حديث أبي مرثد الغنوي أن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - أمر بتسوية القبور .
ورى الإمام مسلم في < صحيحيه > عن علي رضي الله تعالى عنه أنه قال لأبي الهياج الأسدي : ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - ألا تدع قبراً مشرفاً إلا سويته ، ولا صورة إلا طمستها .
فبناء المسجد على المقابر يعتبر بناء محرماً ، والنبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - نهى أن يبنى على القبور ، قد يقول قائل : ذلكم مسجد رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - وها هو قبره في وسط المسجد ، فالجواب هو ما قاله علامة اليمن محمد بن إسماعيل الأمير في كتابه < تطهير الاعتقاد عن أدران الإلحاد > يقول : إن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - لم يأذن لهم في ذلك ، وما فعله الخلفاء الأربعة ، ما فعله إلا بعض بني أمية أراد توسعة المسجد فوسعه إلى قدام ، ووسعه شيئاً قليلاً إلى جهة الشرق ، ثم بعد ذلك يزيد الناس فيه قليلاً قليلاً . قال الصنعاني رحمه الله تعالى : فالمسألة دولية لا دليلية .
بقي الفتوى ، رب العزة يقول في كتابه الكريم : " وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَٰذَا حَلَالٌ وَهَٰذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ " [ النحل : 116 ] .
رب العزة يقول في كتابه الكريم : " وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ۚ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا " [ الإسراء : 36 ] .
الفتوى بأن بناء المسجد على المقبرة يجوز فتوى باطلة ما أنزل الله بها من سلطان ، يخشى على صاحبها أن يزيغ الله قلبه ، يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم : " فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ " [ النور : 63 ] .
ويقول سبحانه وتعالى في كتابه الكريم : " وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ " [ الأحزاب : 36 ] .
والنبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - ينهى عن الرأي والاستحسان ويسأل عن مسائل فيمسك ولم يقل فيها برأي ولا قياس ولا استحسان ، فالواجب على المفتي أن يتقي الله سبحانه وتعالى ، وأن يتوب ، وهذه الأحاديث التي سمعتموها من البخاري ومسلم .
وقد ألف الشوكاني رحمه الله تعالى رسالة بعنوان : < شرح الصدور في تحريم رفع القبور > ونعم ما فعل والحمد لله ، وهناك كتاب قيم بعنوان < معارج الألباب > لحسين مهدي النعمي أنا أود أنه في يد كل مسلم وخصوصاً في يد يمني لأن المؤلف يمني ومن أهل بيت النبوة ، وقد كانت صدرت فتوى مكذوبة عن بعض أتباع المذاهب الأربعة أنهم يجيزون بناء المساجد على القبور فزيفها ذلكم العالم الفحل جزاه الله خيراً ، زيف تلكم الفتوى وأبطلها ، وأبطل نسبتها إلى أصحاب المذاهب الأربعة فهم برآء ، الإمام الشافعي رحمه الله يعتبر ناصر السنة ، وهكذا الإمام أحمد إمام أهل السنة ، وهكذا أيضاً الإمام مالك والله المستعان .
فذلكم الكتاب القيم < معارج الألباب > ننصح جميع إخواننا باقتناءه لتعلموا أنه التقليد الأعمى ، التقليد الأعمى هو الذي جعلهم يتخبطون في فتاواهم ، ويتبعون الظنون والأوهام ، ورب العزة يقول في كتابه الكريم : " وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ۚ" [ الإسراء : 36 ] ، أي لا تتبع ما ليس لك به علم .
وإذا كان النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - يموت أناس من أصحابه ولم يبن على واحدٍ مسجداً ثم بعد ذلك أيضاً يجعل المقبرة في مكان بعيد من مسجده وهو البقيع يجعله في مكان بعيد ، وهكذا شهداء أحد رحمهم الله تعالى لم يثبت أن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - بنى مسجداً أو أقر بناء مسجد على قبر ، ثم بعد ذلك من الناس من يقول ويستحسن ، نحن نريد أن نقبر في المسجد من أجل أن المصلمين يزورونا ويقرأون لنا الفاتحة باطل على باطل القبر في المسجد ، وقراءة الفاتحة أيضاً للقبور باطل ؛ لأن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - علمنا كيف نقول إذا نحن زرنا المقبرة : " السلام عليكم دار قوم مؤمنين أنتم سلفنا ونحن بالأثر ، نسأل الله لنا ولكم العافية " ، وفي رواية " أنتم السابقون وإنا إن شاء الله بكم لاحقون يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين " هكذا علمنا النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - .
والميت يدعى له ، أما أن تذهب وتقرأ فاتحة الكتاب بنية الميت هذا لم يثبت ، تدعو له بالرحمه والمغفرة وتتعظ ، فإن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - يقول : " كنت نهيتم عن زيارة القبور ألا فزوروها فإنها تذكركم الآخرة " .
أهل السنة لا يمنعون زيارة القبور يمنعون الزيارة الشركية ، والزيارة البدعية ، والزيارة الشركية كزيارة ابن علوان والتمسح بالشباك ، ودعاءه إلى غير ذلك ، وزيارة غيره من الأولياء بصعدة وبعض الزائرين الذين يزورون قبر الهادي يصعدة أردت أن أقول قبل بتهامة لأن الخرافات بتهامة الآن أصبحت أكثر منها عندنا ، والسبب يا إخواني في الله أينما حل الجهل حلت الخرافات .
أما سنة رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - فإنها تبدد الخرافات وتزيلها في أسرع وقت ، وننصح المحبين للخير في بناء المساجد ننصحهم أنهم يتحرون موضع المسجد الذي ينتفع به هذا أمر .
ثم بعد ذلك ألا يزخرف ، وقد سمعتم حديث رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - أنه قال : " لا تقوم الساعة حتى يتباهى الناس بالمساجد " ، ولقد أحسن محمد بن سالم البحاني إذ يقول :
أما المساجد فهي اليوم عامرة **** كأنها من قصور الفرس والروم
ترى على الباب والمحراب زخرفة **** تلهيك عن كل منطوق ومفهوم
ولا يصلي بــهــا إلا مــؤذنها **** أو الإمام ولكن دون مأموم
وإن رأيت صفوفــاً في مساجدنا **** فمن فقير ومسكين ومحروم
ألهاني شيء عن أداء هذه الأبيات كما ينبغي وهو هل أقول لهم : لا يجعلون محراباً ما أدري أيقبلون أم لا يقبلون ، ولكنني أقول أيضاً قبلوا أم لم يقبلوا ، وهو : اعلموا أن المحراب الذي يغطي الإمام بدعة ما أنزل الله بها من سلطان لم يكن في مسجد النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - محراباً كما في حديث سهل بن سعد في < الصحيحين > أن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - كان يصلي إلى المنبر وكان بين المنبر وجدر المسجد قدر شاة .
قد يقول قائل : ها هو في مسجد النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - الآن وها هو في مساجد الدنيا كلها نحن نقول لك : يا أخي المعتبر بالدليل أين الدليل فأنتم يا أهل السنة ننصحكم نصيحة أن من بنى منكم مسجداً لا يجعل له محراباً هذه هي السنة بارك الله فيكم .
أما اتباع الناس فرب العزة يقول في كتابه الكريم : " وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۚ" [ الأنعام : 116 ] .
ويقول سبحانه وتعالى : " وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ " [ سبأ : 13 ] .
ويقول سبحانه وتعالى : " وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ " [ الأنعام : 37 ] .
وهكذا فالكثرة لا يعتبر بها ، نقول لهم : " قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ " [ البقرة : 111 ] ، هذا الذي نقوله لإخواننا فلا زخرفة في المساجد ، ولا محاريب ، وينبغي أن يتخير الإمام .
فقد أصبحت الدعوات ، وأصبحت الوسائل الدينية مصدراً من مصادر الرزق ، فأنصحك تتخير الإمام الذي يجعل مسجدك مشابهاً للكلية وأحسن من الكلية ، وأحسن من المعاهد ، أما أن تنظر إلى شخص وتقول : أنا أرحم هذا المسكين إذا كنت ترحمه فأعطه شيئاً من المال ، لكن المسجد ينبغي أن تسلمه لرجل ينفع الله به الإسلام والمسلمين .
فإن المساجد رسالتها تكاد أن تكون ميتة في هذه الأزمنة ، فأين خطباء الجمعة الذين يؤثرون على الناس ، وهكذا المحاضرات العامة ، فينبغي أن ترفع المساجد ، وأن يعلى شأنها كما أراد الله ، نرفعها بالذكر لا الذكر الصوفي والهينمة وهزة الرؤوس ، نحن نريد أن نرفعها بالذكر المشروع ، وبالعلم ، وبإخراج حفظة القرآن منها ، وطلبة الحديث إلى غير ذلك ، لا يهمنا يا إخواني في الله بناء المساجد كما يهمنا إصلاح المساجد ، إصلاح المساجد أمر مهم ينبغي أن ترجع للمسجد عزته التي كانت على عهد رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - ، فالمسجد كان في عهد النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - مقر الشورى ، وكان منه تنطلق الكتائب والجيوش ، وكان فيه أيضاً صحية فقد جيء بسعد بن معاذ وضربت له خيمة ، وكان مأوى للضعفاء والفقراء ؛ فأصحاب الصفة كان لهم مكان فيه ، وكان مأوى لهم ، أما أن يبقى المسجد يهمنا أن يكون الفراش نظيفاً ، وأن تكون الجدران مزخرفة ، وأن تكون المنارة مرتفعة ، والمنارة ليست بمشروعة .
إخواني في الله فليتق الله أصحاب الأموال ، ليعلموا أنهم مسئولون عن أموالهم أين يصرفوها ؛ فالنبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - يقول : " لا تزول قدما عبد حتى يسأل عن أربع - ومنها - عن ماله فيم أنفقه ومن أين اكتسبه " .
وظيفة المسجد أيضاً بعث الدعاة إلى الله فكل خير في عهد النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - كان صادراً عن مسجده حتى الوفود ، المشركون والنصارى كانوا يأتون إلى مسجد النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - ، فنصارى نجران عند أن قدموا إلى النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - دخلوا المسجد ، وهكذا أيضاً الوفود ، وايضاً لا بأس أن يكون المسجد سجناً يربط فيه ، فالنبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - قد جيء بثمامة وهو أسير فربط بالسارية ، وبقي يومين أو نحو ذلك ، فكان النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - يمر به فيقول له : " ما عندك يا ثمامة " فيقول ثمامة بن أثال : يا محمد إن تقتل تقتل ذا دم ، وإن تنعم تنعم على شاكر ، وهو أسير فيمر به أول يوم ، الثاني ، يوم الثالث مرة ( ينظر أهو في يوم أو هو ثلاث مرات في يوم واحد يمر به ) ، وفي الثالثة يقول لهم : " أطلقوا ثمامة " فاطلقوه ، ثم ذهب واغتسل ثم جاء وقال : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أم محمداً رسول الله ، يا محمد لقد كنت أبغض الناس إلي وكان دينك أبغض الأديان إلي ولأنت الآن ودينك أحب شيء إلى أو بهذا المعنى ، ثم يقول : أنا ذاهب يا محمد للعمرة كنت آتيا لعمرة فذهب ووجده كفار قريش فقالوا : صبأ ثمامة ، قال : لا ما صبأت ولكني أسلمت ، والله لا يصل إليكم شيء من سمراء نجد إلا أن يأذن رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - فكل خير انطلاقه ومصدره بإذن الله تعالى من المساجد ، ولست أعني أننا نحصر الدين في المسجد كما يريد الشيوعيون والبعثيون والناصريون لا أعني ذلكم ، بل أعني أن يرفع المسجد كما أراد الله سبحانه وتعالى .
النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - يقول : " إذا رأيتم الرجل يبيع أو يبتاع في المسجد فقولوا : لا أربح الله تجارتك " .
وجاء رجل رجل فقال : من رأى الجمل الأحمر ، فقال النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - : " لا رده الله عليك " .
وجاء آخر وبال في المسجد فأراد الصحابة أن يزرموه ثم بعد ذلك قال لهم النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - : " إنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين " ثم قال : " إن المساجد لم تبن لهذا " .
وهكذا أيضاً القائل من رأى الجمل الأحمر قال له النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - : " إن المساجد لم تبن لهذا إنما بنيت لذكر الله " ، فجدير أن نعرف لما بنيت المساجد ، ولست أقصد كما سمعتم أن نحصر الدين في المساجد بل أقصد من هذا أن المسجد ينبغي أن يكون هو مقر الدين والعمل به في الدائرة الحكومية ، وفي السوق ، وفي المزرعة ، وفي التجارة ، وفي جميع أمورنا ، وشئوننا ، أما أعداء الإسلام فهم إذا أرادوا أن يهيمنوا على بلد يحاولون أن يحصروا الدين على المسجد ، لا ، الدين في أي موضع كان ، وفي أي بلد كنت ، أكنت في الطائرة الله عز وجل يقول في كتابه الكريم : " الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ " [ آل عمران : 191 ] ، فالدين أينما كنت لا نحاصره في المساجد ، لكنني أقصد أننا نعرف قدر المساجد والحمد لله رب العالمين .
هذا وهناك شبهة للذين يبيحون البناء أو بناء المساجد على القبور يستدلون بقول الله عز وجل : " قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَىٰ أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِدًا " [ الكهف : 21 ] ، وهذه الآية لا دليل فيها لأنه لم ينقل إلينا أن قوم أصحاب الكهف كانوا قد أسلموا ، والذين يقولون أنهم أسلموا يعتمدون على قصص لا تثبت .
أما أصحاب الكهف فإنهم فتية آمنوا بربهم قال الله تعالى : " وَزِدْنَاهُمْ هُدًى " [ الكهف : 13 ] ، لكن أصحابهم لم ينقل إلينا أنهم كانوا قد أسلموا بل ظاهر الآيات القرآنية أنهم ما كانوا قد أسلموا كما قال الله سبحانه وتعالى : " وَكَذَٰلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا " [ الكهف : 21 ] ، الذي يشك في الساعة ، وفي البعث والنشور لا يعد مؤمناً ، ثم يقول الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسيره بعد أن ذكر هذه الآية والكلام على هذه الآية قال : ولو فرضنا أن هذا جائز في شرعهم فأما شرعنا فإن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - قال : " لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " ، انتهينا من هذا ، فعُلم أن الآية لا دليل فيها ، فإياك إياك أن تتأثر بالقصص أنهم كانوا قد أسلموا .
هذه قصص ما وردت في ظاهر القرآن ، وفي لفظ القرآن ولا في حديث النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - .
ثم بعد ذلك أيضاً أحد الإخوان يسأل عن المسجد الذي فيه قبر في المقدمة ، وقبر في المؤخرة أتجوز الصلاة فيه ؟ تقدم أن قلنا : إن المسجد الذي فيه قبر سواء كان في المقدمة أو في المؤخرة لا تجوز الصلاة فيه ؛ لأن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - يقول : " الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام " ، وقد رأى عمر رضي الله تعالى عنه رجلاً يصلي إلى القبر قال أنس : فقال عمر : القبر القبر ، قال أنس : فكنت أظنه يقول : القمر القمر فالتفت فإذا هو يقول : القبر القبر .
بقي من التنبيهات التي لم تتقدم : الساعات التي فيها الأجراس ، النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - يقول كما في < صحيح مسلم > : " لا تصحب الملائكة رفقة فيهم جرس " والحديث كاف .
ثم بعد ذلك من التنبيهات التي ينبغي أن ينبه عليها : ألا يكون الإمام أو المؤذن مبتدعاً ؛ فإن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - يقول : " من سن في الإسلام سنة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها لا ينقص من أجورهم شيئاً ، ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها لا ينقص من أوزراهم شيئاً " ، والمبتدعة يحرصون على االإمامة من أجل أن ينشروا بدعهم .
نعم ينبغي للمسلم أن يحرص على الإمامة لوجه الله عز وجل فإن الله سبحانه وتعالى قال في صفة عباد الرحمن : " وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا " [ الفرقان : 74 ] أي أنهم دعوا الله سبحانه وتعالى أن يجعلهم أئمة للمتقين .
ورب العزة يقول في كتابه الكريم : " وَإِذِ ابْتَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ ۖ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا " [ البقرة : 124 ] والإمامة ههنا أعم ، وهكذا في الآية : " وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا " [ الفرقان : 74 ] أعم من هذا تشمل الإمامة الكبرى ، وتشمل القدوة في العلم ، وتشمل الإمامة في الصلاة .
والإمامة تشريف فلا ينبغي أن يناله المبتدعة ، بل ينبغي أن يهانوا لأن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - يقول : " من رأى منكم منكراً فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقله ؛ وذلك أضعف الإيمان " .
ومن الأمور التي ينبغي أن تجتنب في المساجد : الكتابة سواء أكانت في المحراب أم في عرض الجدر أم صحيفة كما هو شأن بعض الجماعات يلبسون المساجد صحائف ، وهذا ليس بمشروع ، فالمساجد لذكر الله ، فلم يكن في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - كتابات ، ونهى النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - عما يشغل المصلي .
كذلك أيضاً الفرش المزخرفة بصور أو غيرها ؛ الرسول - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - صلى ذات يوم في خميصة ثم خلعها ، وقال : " ائتوني بأنبجانية أبي جهم ؛ فإنها ألهتني عن صلاتي " يذكر الصنعاني عن بعض أهل العلم أنه كره أن يصلي على السجاد الذي فيه نقش فإنه يشغل المصلمين ، فينبغي أن يكون الفرش من نوع واحد حتى لا يشغل المصلين ، وإذا كان بصور فهو أقبح إذا كان بصور من ذوات الأرواح فهي أقبح ؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - يقول كما في < الصحيحين > من حديث أبي طلحة : " إن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه كلب ولا صورة " ، وأمر علي بن أبي طالب ألا يدع قبراً مشرفاً إلا سواه ، ولا صورة إلا طمسها .
ومن المنكرات : تصوير بعص المحاضرات التي تقع بالمساجد سواء أكان بالفيديوهات ؛ نحن لسنا نحرم على الناس شيئاً أحله الله لهم ، والحلال ما أحله الله ، والحرام ما حرمه الله ، ليس ما حرمه الناس ولا ما أحله الناس ، بيننا وبين أصحاب المحاضرات التي يلقونها بالمساجد ويصورون بيننا وبينهم سنة رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - ، دخل النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - حجرة عائشة فوجد فيها تصاوير قم تأخر وتمعر وجهه فقالت : يا رسول الله أتوب إلى الله ، فقال : " يا عائشة أما علمت أن الذين يصنعون هذه الصور يعذبون يوم القيامة " ثم شققها وجعلها وسادتين ، ودخل ذات مرة وفي حجرتها نمرقتان وهي وسادتان فيها تصاوير فأمر بشقها ، وروى الإمام أحمد في < مسنده > عن جابر رضي الله تعالى عنه أن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - عند أن دخل الكعبة وجد فيها تصاوير قال : فمحاها النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - ، وفي رواية : فأخذ ماء وثوباً فمحاها ، دليل على أنها ليست بمجسمة ، والذين يجيزون هذا ليس لهم إلا الهوى ؛ وإلا فالإمام النووي والشوكاني رحمهما الله تعالى يقولان : إن الجمهور على أن تصوير ذوات الأرواح سواء أكانت الصورة شمسية لها ظل أم كانت الصورة منحوتة كل هذا محرم ، قال النووي : وهذا قال به الجمهور ، وهو الصحيح الذي يتقتضيه الأدلة .
المنبر : مما ينبغي أن ينبه عليه أن يكون المنبر على ثلاث درج كما في < مسند الدارمي > أن منبر رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - كان على ثلاث درج من الخشب ، وفيه حديث في < صحيح البخاري > أن امرأة أمرت غلامها أن يصنع لرسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - منبراً من الخشب فصنع له ثلاث درج أو بهذا المعنى ، التعيين بثلاث درج خارج البخاري وهو حديث صحيح والحمد لله .
ثم بعد ذلك مما ينبغي التبيه عليه أنه لا ينبغي أن يمنع الصبيان من المساجد ، وأما حديث : جنبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم ، فقد رواه ابن ماجة وهو من طريق الحارث بن نبهات وهو متفق على ضعفه والله المستعان .
وهكذا أيضاً لا يمنع النساء من المساجد ؛ فالرسول - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - يقول كما في الصحيح : " لا تمنعوا إماء الله مساجد الله " .
منع العبث أيضاً من المساجد كالتمثيليات ؛ فإن المساجد بنيت لذكر الله ، والتمثيليات هذه كذب فلا يجوز لنا أن ندخل هذه التي يزعمون أنها من وسائل الدعوة إلى المساجد فإن المساجد إنما بنيت لذكر الله .
هذا وبقي حديث سأل عنه بعض الإخوان : إذا رأيتم الرجل يعتاد المساجد فاشهدوا له بالإيمان ، أهو حديث صحيح أم هو حديث ضعيف ؟ هو حديث ضعيف لأنه من طريق دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري ، ودراج قال فيه الذهبي : إنه ذو مناكير ، وقال مرة : إنه يروي عجائب ، فالحديث ضعيف لا يثبت عن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - .
بقي شبهة وقد تكلمنا على المحاريب ، بعض الناس ربما يستدل بقول الله عز وجل : " كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ " [ آل عمران : 37 ] وقوله في شأن زكريا : " وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ " [ آل عمران : 39 ] فهاتان الآيتان لا تدلان على أننا نجعل محراباً في المسجد لأن المحراب في اللغة يصدق على صدر المجلس ، ويصدق على المكان الخاص بالشخص ، لا تدل هاتان على أننا نجعل محراباً في المسجد ، والسيوطي رحمه الله تعالى له رسالة في بدعة المحاريب ، والله سبحانه وتعالى أعلم ، ولأخينا في الله محمد بن عبدالوهاب الوصابي حفظه الله تعالى رسالة مهيئة للطبع يسر الله ذلك .
سؤال : أفتى بعض الناس أنها هندسة معمارية ؟
الشيخ : بارك الله فيك المهندس شأنه أن ينظر العمود لا يكون الصبة ضعيفة ، وأن ينظر الزاوية أهي معتدلة ، وأن ينظر ارتفاع المسجد حتى ارتفاع المسجد ليس له شأن بهذا ، المهندس ينبغي أن ينظر في المسجد أعمارته قوية أم هي عمارة ضعيفة لعله قد أخذ المقاول الأموال ولم يقم المسجد كما ينبغي أن يقام ، أما أن يأتي المهندس ويقول : افعلوا شبابيك نازلة ، وافعلوا محراباً ، وافعلوا منبراً ، وافعلوا كذا وكذا .
فديننا من كتاب الله ومن سنة رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - ليس من المهندس ، وربما المهندس لا يصلي ، وربما المهندس يأكل الرشوة من المقاول أو من فلان أو من فلان فعندنا كتاب الله وسنة رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - .
والحمد لله رب العالمين .
---------------
راجع كتاب : ( إجابة السائل : ص 176 إلى ص 192 )