هذا هو الذي يظهر ، لأنها فرقت كلمة المسلمين ،وخصوصاً من كان منهم صوفياً أو شيعياً أو يوالي ويعادي من أجل الحزب ، والنبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - يقول كما في سنن أبي داود من حديث محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة : " افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة ، وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة ، وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة " ، وجاء بيانها في سنن أبي داود أيضاً من حديث معاوية رضي الله عنه بأنها الجماعة .
فهذه التفرقة لوحدة المسلمين تعتبر تفرقة ، ثم بعد ذلك يصدر كتاب في هذه الأيام أن لا بأس بتعدد الجماعات .
بل به بأس وبأس وبأس ، فإن الله عز وجل يقول في كتابه الكريم :" إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً لست منهم في شيئ " .
ويقول : " وأن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون " .
فهم يريدون أن يتستروا على أنفسهم .
فأعداء الإسلام يدأبون ليلاً ونهاراً في تنفيذ مخططاتهم ، والمسلمون متفرقون ، لكن هل الفرقة من قبل أهل السنة ؟ لا ، أهل السنة يقولون لهم : نحن نريد أن نتبع نحن وأنتم كتاب الله ، وسنة رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - وأولئك يقولون بلسان حالهم أو بلسان مقالهم : نحن نريد أن نزاحم الشيوعيين والبعثيين والناصريين ، أنحن مفوضون في هذا الدين ، الله عز وجل يقول لنبيه محمد - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - : " ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئاً قليلاً إذاً لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثم لا تجد لك علينا نصيراً " .
وقد بلغني أن شخصاً أقام اجتماعاً في جبل الأهنوم وسئل : ما رأيك في الأحزاب ؟ قال : بيننا وبينهم اتفاق ألا يتكلم بعضنا في بعض ، ولو شئت لسميته .
فهذه هي آثار الحزبية ، وآثار الكراسي والدنيا.
فأنصح كل طالب علم أن يبتعد عن هذه الحزبية ، وأن يحذر المسلمين منها بالكتابة ، والخطابة ، والأشرطة ، وبالمناقشة ، والمناظرة العلنية ، حتى ينكشف للمجتمع أنهم ليسوا متمسكين بهذا الدين كما ينبغي .
فالمسألة مسألة كراسي ومصالح ، أنحن نستطيع أن ننصر أنفسنا حتى نكون أو نعمل بما نريد ، لا ، الله عز وجل يقول في كتابه الكريم : " إن ينصركم الله فلا غالب لكم " .
ويقول أيضاً في كتابه الكريم : " إن تنصروا الله ينصركم " .
فلا نستطيع أن ننصر أنفسنا حتى نتحذلق ونكتم بعض العلم ، فلا تتكلم في موضوع كذا وكذا ولا تتكلم في موضوع كذا وكذا ، من أجل أن الناس ينفرون ، ورب العزة يقول لنبيه محمد - صلى الله عليه وعلى آله وسلم- : " يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته " .
ويقول سبحانه وتعالى : " فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك وضائق به صدرك " .
فلسنا مفوضين في هذا الدين حتى نؤجل بعض القضايا ، ونسكت عن بعض الأمور ، فربما بعض الأمور تكون شركية ، ويقولون : اسكت عنها وأخرها حتى ننقض ونثب على الكرسي ، ثم ماذا تعملون إذا وثبتم على الكرسي ؟ تعترفون بقرارات الأمم المتحدة ، وقرارات مجلس الأمن وبغيرها والله المستعان .
----------------
راجع كتاب قمع المعاند : ( 2 / 386 إلى 388 ) .