قصر الصلاة في السنة

الزيارات:
5166 زائراً .
تاريخ إضافته:
17 صفر 1433هـ
نص السؤال:
نرجو أن توضحو لنا مشروعية القصر في السنة جزاكم الله خيرًا ؟
نص الإجابة:
القصر مختلف فيه بين العلماء :
عند الأئمة الشافعية رحمهم الله تعالى القصر رخصة ، والتمام أفضل ، واستدلوا بقول الله تعالى: " فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا " [النساء : 101] قالوا: لفظة ( جناح ) تفيد أن القصر ليس بلازم واستدلوا أيضًا بما جاء عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - كان يصوم ويفطر ويتم ويقصر ، ولكن هذا الحديث ذكره الدارقطني في كتاب < العلل > وشيخ الإسلام ابن تيمية يقول : إنه حديث لا يثبت عن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - .
ثم استدلوا أيضًا بفعل عائشة أنها كانت تتم بعد أن مات رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - وهكذا بفعل عثمان أنه أتم ، لكن فعل عائشة وفعل عثمان ليسا بحجة، الحجة كتاب الله وسنة رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ، وقد قال عبد الله بن مسعود ـ كما في < صحيح البخاري > ـ : صليت مع رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - في منى ركعتين ـ يعني الرباعية ـ وصليت مع أبي بكر ركعتين وصليت مع عمر ركعتين ـ يا ليت لي ركعتين متقبلتين؛ لأن عثمان أتم، وأخطأ عثمان رضي الله عنه, فقيل لعبد الله : ألا صليت ركعتين؟ قال عبد الله بن مسعود: الخلاف شرُّ ، هكذا ينبغي للمسلم أن يترك الخلاف مع حكام المسلمين ومع إخوانه المسلمين ما استطاع ، والخلاف شر ، والخلاف هلكة.
والصحيح من أقول أهل العلم أن القصر واجب ، في < الصحيحين > عن عائشة رضي الله تعالى عنها : فرضت الصلاة ركعتين، ثم زيد في صلاة الحضر ، وأقرت صلاة السفر، وجاء عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه : صلاة السفر ركعتان نزلتا من السماء، فمن أبى فقد كفر. ثم إن النبي - صلى الله عيله وعلى آله وسلم - في جميع أسفاره ما نُقِل أنه أتمَّ صلاة ، هذا يدل على الوجوب ؛ لأن ملازمة النبي - صلى الله عليه وعلى اله وسلم -لهذا الأمر دليل على الوجوب .

أما مسافة القصر ، فإنه ليس لها حد ، ترجع إلى العُرف ، ما تُعورف عليه أنه يحتاج إلى حمل زاد وراحلة فأنت تقصر فيه؛ لأن حديث أن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - كان إذا خرج ثلاثة فراسخ ، وفي رواية : فرسخين ، وفي رواية : فرسخًا واحدًا ، قصر ، أي: إذا خرج مريدًا للسفر ، وهكذا أيضًا التحديد الذي جاء أنه لا تقصر الصلاة إلا في بريدين فصاعدًا، وهو حديث ضعيف كما في ( سبل السلام ) للصنعاني لا يثبت عن النبي - صلى الله عليه وعلى اله وسلم - ، فيرجع كما يقول الحافظ ابن القيم في كتابه ( زاد المعاد ) إلى العُرف ، ما يحتاج إلى حمل زاد وإلى راحلة يقصر فيه، ولعله ما يقدر بنصف يوم بالرجل، والله أعلم.
والأمر سهل ، فما تُعورف عليه أنه سفر قصرت فيه، لكن المعتبر هي المسافة الأولى، لو قطعت نصف اليوم بالسيارة في نصف ساعة يباح لك أن تفطر، وهكذا أيضًا لو قطعت مسافة الشهر أو مسافة العشرين اليوم في ساعة واحدة بالطيارة يباح لك أن تقصر، فالمعتبر هي المسافة الأولى .

ثم بعد ذلك السفر يشرع لك وسنة من سنن رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - جمع التقديم ، أو جمع التأخير ، ننبه على هذا؛ لأن بعض إخواننا المبتدئين ربما يحصل بينه وبين السائق صراع ، وقد كنا كذلك قبل أن نعرف سنة رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ، فالمشروع أنك إذا كنت مسافرًا وجد بك السير فإن كنت نازلاً قبل أن تزول الشمس وزالت الشمس وأنت نازل صليت الظهر ركعتين ، وبعده العصر ركعتين، فإن كنت ماشيًا وزالت الشمس وأنت ماشٍ ؛ فالمشروع في حقك أن تؤخر الظهر مع العصر وتجمع بينهما، تصلي الظهر ركعتين ثم تصلي العصر ركعتين، ولو في آخر وقت العصر، وهكذا كان النبي - صلى الله عليه وعلى اله وسلم - إذ جدَّ به السير يفعل هذا، هكذا أيضًا المغرب والعشاء، فقد فعل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أخر المغرب ثم قيل له في ذلك قال: إنها سنة رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - جمع الظهر والعصر بعرفة جمع تقديم، وجمع المغرب والعشاء بمزدلفة جمع تأخير، فينبغي أن تعلم سنة رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - حتى لا يقع المسلم في حرج .

وإلى هنا ننتهي ، نسأل الله أن يغفر لنا ولكم وأن يرزقنا العلم النافع .

------------
راجع كتاب : ( إجابة السائل ص 472 إلى 474 )

تصنيف الفتاوى

تفريع التصنيف | ضم التصنيف