الحمد لله وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن والاه ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أما بعد :
فحكم الشرع فيمن يقول إن الزلزال أنه من الحوادث الطبيعية يعتبر كافراً لأنه ينسب إلى الطبيعة ، والطبيعة نفسها لا تستطيع أن تخلق ، ولا أن تغير ، ورب العزة يقول في كتابه الكريم : " مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا ۚ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِّكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ " [ الحديد : 22و23 ] .
ويقول سبحانه وتعالى : " وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ " [ الشورى : 30 ] .
ويقول سبحانه وتعالى : " وَمَا مَنَعَنَا أَن نُّرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَن كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ ۚ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا ۚ وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا " [ الإسراء : 59 ] .
فالآيات تكون تخويفاً ، وأولئكم الملاحدة يريدون إبطال إنتقام الله لأولياءه ولأنبياءه ، ويعتبرونها كوارث طبيعية ، وقد قال الله سبحانه في بعض الأمم المكذبة : " فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ " [ الأعراف : 78 ] ، ورب العزة يقول في كتابه الكريم : " إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا * وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا " [ الزلزلة : 1و2 ] إلى آخر السورة .
ونبينا محمد - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - يقول كما في الصحيح من حديث أبي هريرة : " يقبض العلم ، ويكثر الزلزال " وهو متفق عليه ، وقد ذكرناه في < الصحيح المسند من دلائل النبوة > .
ويقول أيضاً في حديث سلمة بن نفيل السكوني يقول : " إنه في آخر الزمان سيكثر الزلازال " أو بهذا المعنى ، والحديث صحيح خارج الصحيحين .
نعم قد يكون ابتلاء : " أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم ۖ مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّىٰ يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ اللَّهِ ۗ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ " [ البقرة : 214 ] ، وإن لم يكن المقصود بالزلزال هنا هذا الزلزال المعروف زلزلة قلوبهم .
اعترض بعضهم أن الزلازال بسبب الذنوب قالوا : فما ذنب الأطفال ؟ ، الأطفال كما في حديث أم سلمة وكذلك حديث عائشة : " يغزو جيش الكعبة فيخسف بأولهم وآخرهم " قيل : يا رسول الله كيف يخسف بأولهم وآخرهم وفيهم أسواقهم ومن ليس منهم ؟ قال : " يخسف بأولهم وآخرهم ثم يبعثون على نياتهم " .
القصد أن هذا قول الملاحدة الذين لا يؤمنون بالله عز وجل ، ويسندون الأشياء إلى الطبيعة ، وهنا شيء نريد أن ننبه عليه : نسمع من شبابنا أنهم يرددون في حديثهم : ( طبعاً ) تكلمه بالكلام وقال ( طبعاً ) فالأولى أن يقول : نعم وبلى وصدقت أو ما أشبه ذلك ، لا أقول إن هذا الكلام محرم ( طبعاً ) لكن فيه شبهة فالأولى اجتنابه .
وقد تكلمنا بحمد الله على هذا في < المخرج من الفتنة > ، وألفنا رسالة ولكنها أرسلت للطبع وهي < إيضاح المقال في أسباب الزلازال > ، فالله عز وجل يقول في كتابه الكريم في شأن قارون : " فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنتَصِرِينَ " [ القصص : 81 ] ، ويقول النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - : " بينما رجل يمشي يختال في مشيته تعجبه نفسه إذ خسف الله به الأرض فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة " .
وقد ذكر ابن الجوزي رحمه الله تعالى في كتابه < المدهش > أشياء كثيرة من الزلازال التي وقعت ، وكان أول زلازال في هذه الأمة أعني أمة محمد - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - وقع على عهد عمر ، ولم يقع على عهد النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - ، ولا على عهد أبي بكر .
فأنا أنصح بقراءة ما كتبته في < المخرج من الفتنة > لأن الحامل لي على ما كتبته أن بعضهم حتى بعض أهل العلم والعياذ بالله يقول : لا تقولوا أن الزلزال بسبب الذنوب ، واتصل مسؤول الإعلام من ذمار بزبارة المفتي اتصل به وقال : وقع الزلزال في ذمار - أي في وقت ما حدث الزلزال في ذمار - ، فماذا تنصح الناس ؟ ، قال : طبيعي طبيعي ، عندك نصيحة للناس تقدمها ، قال : طبيعي طبيعي ، العامة أنفسهم ازدرءوا واحتقروا جوابه ، وهو يعلم أنه ليس بأمر طبيعي ولكنه يريد أن يوافق العلمانيين ، ويريد أن يوافق المستشرقين وأعداء الإسلام والله المستعان .
مداخلة : قلت إن بعض أهل العلم ثم ذكرت زبارة فهل هو من أهل العلم ؟
الشيخ : عنده شيء من العلم ولكنه ضل .
------------
راجع شريط : ( الأسئلة الجيولوجية من الجامعة اليمنية )