الحمد لله حمداً طيباً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضاه ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ..
أما بعد : الكلام على الأناشيد ، الأناشيد إذا لم يكن بها فتنة ولم يكن المنشدون من الفتيان الذين أصواتهم تشبه أصوات النساء ، ولم يكن فيها ذكر الخدود والقدود أو مما يفتن فالظاهر هو الجواز .
أما قول القائل : إنهم لم يكونوا ينشدون فقد جاء في ( صحيح البخاري ) أن الصحابة رضي الله عنهم في حفر الخندق كانوا يقولون :
والله لولا الله ما اهتدينا *** ولا تصدقنا ولا صلينا
فأنزلن سكينة علينا *** وثبت الأقدام إن لاقينا
إن الأولى قد بغوا علينا *** إن أرادوا فتنة أبينا
والنبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول : أبينا أبينا ، وأيضاً النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - أنشد :
هل أنت إلا أصبع دميت *** وفي سبيل الله ما لقيت
وأيضاً :
اللهم لا خير إلا خير الآخرة *** فاغفر للأنصار والمهاجرة
ومر عمر رضي الله تعالى عنه بحسان وهو ينشد بمسجد رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - فكأن حسان فهم أن عمر أنكر عليه فقال حسان : قد كنت أنشد فيه وفيه من هو خير منك ، وشهد له أبو هريرة رضي الله تعالى عنه .
فتاكم الأناشيد التي شغلت الطلاب الذين يجلسون يلحنونها قد أسبوع ، ورب شخص يكون قد حفظ القرآن ويشغل بهذه الأناشيد ، وينسى القرآن ، فمثل هذا لا يجوز للطالب أن يتعلق قلبه بها .
وأما النسوة فإذا كن ينشدن في مكان لا يسمعهن الرجال فلا بأس ، وقد سمع النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - النساء وهن يقلن :
أعد لها كبشاً في المربد ***** وفينا رسول الله يعلم ما في غد
فقال : " لا يعلم ما في غد إلا الله ، ارجعن إلى ما كنتن تقلن " .
وأما أن ينشدن في مكبرات صوت تخرج إلى الشارع فالرسول - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - يقول : " المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان " ، ويقول الله عز وجل : " فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض " ، ويقول : " وإذا سألتموهن متاعاًَ فأسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن " ، فالمهم إذا أمنت الفتنة ، وما يتعد صوت النساء إلى الرجال ، والنساء ربما يفتتن بالرجال .
فقد سألت سائلة قبل في هذا وقالت : إن النساء ربما يفتتن بالرجال إذا سمعن أصواتهن .
والمسألة أن ينبغي أن تبقى على السهولة ، ولا يشدد ويتعمق فيها ، فما يلحنونها ، وأقبح من هذا أنهم ربما لحنوها بأصوات المطربين أيوب طارش ، وصاحب عدن ، وأم كلثوم ، والإخوان المفلسون ينبغي أن نحذر مما يأتون به ، فهم أناس يقلدون أعداء الإسلام حذو القذوة بالقذة ، يصدق على كثير منهم قول رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - : " لتتبعن سنن من كان قبلكم شبراً بشبر حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه " .
يوسف العظم صاحب الأناشيد ، وأصحاب تلكم الهيجات الفارغة ، فمثل هؤلاء لا يؤخذ عنهم الدين ، يسأل أهل السنة ، أما كما يقال :
أعمى يقود بصيراً لا أباً لكم ***** قد ضل من كانت العميان تهديه
أقبح من هذا إذا استعمل معها الموسيقى وآلات اللهو والطرب ، وأنا سمعت هذا في شريط للإخوان المسلمين ، فهم أناس لا يبالون بالدين ، ولا يتقدون بكتاب الله ولا بسنة رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - ، أناس مفتونون ، فإياكم أن يفتونكم لو كانوا في زمن أبي قلابة الذي يقول : إياكم ومجالسة أهل الأهواء فإني لا آمن أن يغمسوكم في بدعتهم ، والسند إليه صحيح .
لقال أبو قلابة فيهم : إذا سكن الإخوان المسلمون في بلدة فاسكنوا بلدة أخرى .
إذا حل الثقيل بأرض قوم ***** فما للساكنيين إلا الرحيل
فنحن نقول : إذا حل الضايعون المايعون في أرض ليس لك إلا أن ترحل منها .