إذا أمنت الفتنة في مسألة الوعظ والإرشاد ، أما التدريس فمع طول المدى لا تؤمن الفتنة ، أما مسألة الوعظ والإرشاد إذا أمنت الفتنة فلا بأس أن يذهب الشخص ويعظ النساء ، إذا أمن على نفسه وأمن عليهن من الفتنة ، أما مسألة التدريس فربما مع طول الوقت يتجرأن على أسئلة ، وربما يستزله الشيطان ، فالشخص يقوى إيمانه ويضعف .
أما الدليل على الجواز في الوعظ فهو أن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - ذهب في يوم يعظ النساء ومعه جابر بن عبدالله ، وعبدالله بن عباس ، وبلال بن رباح ، فإذا أمنت الفتنة فلا بأس بذلك .
أما التدريس فالذي ننصح به إخواننا هو أن يأخذوا مكبراً للصوت وأن يكون من وراء حجاب حتى لا يحدث فتنة ، وحتى يحافظ على سلامة القلوب ، فإن الله عز وجل يقول في نساء النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - اللآتي هن أطهر من نسائنا ، ويقول في الصحابة الذين هم أطهر منا قلوباً : " وإذا سألتموهن متاعاً فأسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن " .
ويقول النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - : " كتب على ابن آدم نصيبه من الزنا مدرك ذلك لا محالة ، العينان زناهما النظر " ، والشاهد في الآية المتقدمة : " ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن " ، فإذا كان هذا في نساء النبي وفي الصحابة ، فنحن من باب أولى أن يكون من وراء حجاب ، والتعليم من وراء حجاب حتى لا يفتن الرجل بالمرأة أو تفتن المرأة بالرجل .
والنبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - كما في صحيح مسلم رأى امرأة ثم دخل بيته ثم أتى امرأته ثم خرج فقال : " إذا رأى أحدكم امرأة تعجبه فليأت أهله فإنما معها مثل الذي معها " أو بهذا المعنى .
وربما يأتي بعد النظر ما لا تحمد عقباه ، ولقد أحسن من قال :
كل الحوادث مبدؤها من النظر ********** ومعظم النار من مستصغر الشرر
كم نظرة فعلت في قلب صاحبها ********** فعل السهام بلا قوس ولا وتر
يسر مقلته ما ضر مهجته ************ لا مرحباً بسرور جاء بالضرر
وربما امرءاً صالحاً ، وتكون امرأة صالحة ويعرضان للفتنة .
وهذا حدث للرهبان وللقساوسة وللصوفية ، فربما يقول : أنا أريد أن أفعل خيراً ، وأعلم هذه المرأة ، وينتهي به الحال إلى ما لا تحمد عقباه ، وربما يقول القساوسة أو الصوفية : أنا أريد أن استصحب هذا الصبي من أجل أن أعلمه الدين ، ثم يفضي به الحال إلى ارتكاب الفاحشة ، فينبغي أن يبتعد عن هذا والله المستعان .