الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ..
أما بعد :
فتختار الأمة إمامها باجتماع أهل الحل والعقد كما يقول الله سبحانه وتعالى : " وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ ۖ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ " [ النساء : 83 ] .
يقول الشوكاني في كتابه ( فتح القدير ) : المراد بأولي الأمر منهم : العلماء والأمراء .
فيجتمع أهل الحل والعقد ويختارون للمسلمين إماماً قرشياً لأن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - يقول : " الأئمة من قريش " ، ويقول : " الخلافة في قريش " ، ويقول : " لا يزال هذا الأمر في قريش ما أقاموا الدين " .
وإن وثب عليها قرشي واستتب له الأمر وكان مسلماً وجب أن يسمع له ويطاع : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ " [ النساء : 59 ] .
وهكذا إذا وثب عليها غير قرشي وهو مسلم فوجب أن يُسمع له ويُطاع درءاً للفتن ، وصوناً لدماء المسلمين ، وواجب على المسلمين أن يكون لهم إمام واحد ، فعند أن أصبحوا دويلات استطاع أعداء الإسلام أن يتسلطوا عليهم .
وقلنا : إنه يجب عليهم أن يكون لهم إمام واحد لأن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - يقول : " من أتاكم وأمركم جميع يريد أن يفرق بينكم فاضربوا عنقه كائناً من كان " .
ويقول النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - كما في < الصحيحين > من حديث أبي هريرة : " إن بني إسرائيل كانت تسوسهم أنبياؤهم كلما هلك نبي خلفه نبي ، وإنه لا نبي بعدي ، وإنه سيأتي خلفاء فيكثرون " قالوا : فما تأمرنا يا رسول الله ؟ قال : " فوا ببيعة الأول فالأول " .
فهذا هو شأن الخلافة التي يجب على المسلمين إقامتها ، والسعي في إيجادها ، ولسنا نقول كما تقول الرافضة : إنها أول شيئ يجب أن يهتم به ، بل يجب أن يهتم بشهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً رسول الله أول شيئ يجب أن يهتم به ، كما في < الصحيحين > أن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - لما أرسل معاذاً إلى اليمن قال له : " إنك ستأتي قوماً من أهل الكتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله " .
أما الكافر فليس له ولاية على المسلمين يقول الله سبحانه وتعالى : " وَإِذِ ابْتَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ ۖ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا ۖ قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي ۖ قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ " [ البقرة : 124 ] .
وقال سبحانه وتعالى : " وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ * الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ " [ الشعراء : 151 - 152 ] .
وقال سبحانه وتعالى : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ " [ النساء : 59 ] ، شاهدنا في قوله : " منكم " .
-------------------
راجع كتاب غارة الأشرطة ( 2 / 144 إلى 146 ) .