الذي يظهر أن هذا أمر أراده الله وقدره ، ليس بسبب كثرة علمي ، ولا بسبب شجاعتي ، ولا بسبب بصيرتي في الدعوة ، ربما أختصم أنا وأحب الناس إلي ، والفضل في هذا لله سبحانه وتعالى ، ولعله من باب قول الله عز وجل : " وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى " ، فالفضل في هذا لله سبحانه وتعالى .
وأنا يعلم الله لم اتخذ دماج مقراً من أجل أن أدعو منه ، لكن من أجل أن أختبئ في دماج ، فأردنا شيئاً وأراد الله سبحانه وتعالى خلافه .
ثم هناك أمور تساعد على هذا منها :
أن التشيع باطل .
ومنها : خزعبلات الشيعة .
ومنها : أن الشيعة قاموا بضجة كبيرة يريدون إحباط السنة ، فصار قيامهم سبباً لنشر سنة رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - كما قيل :
وإذا أراد الله نــشــر فـضـيـلـة ***** طويت أتاح لها لسان حسود
لولا اشتعال النار في جزل الغضا ***** ما كان يعرف طيب نشر العود
فما حصلت مصيبة على الدعوة إلا صارت من صالح الدعوة ، ما أكثر المصائب التي يقومون ويشكون عند المسئولين وربما يرسلون ويقولون : من يقتل الوادعي حتى نستريح منه ، والوادعي ماذا عملَ بكم يا مساكين ؟!! من أجل أنه يضع يده اليمنى على يده اليسرى في الصلاة ؟!! ، ومن أجل أنه يرفع يديه عند التكبير ؟!! ، الوادعي لا يستحل دماءكم ، ولا أموالكم ، ولا أعراضكم ، فقط باق في مسجده يعلم كتاب الله ، وسنة رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - ، وقد رأى أن هذه المدارس لا تخرج علماء ، فعزم على العكوف في مسجده يعلم كتاب الله ، وسنة رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - ، أما هذه المدارس فحالها كما قيل :
يــا خـيـرة الأقوال ***** وضعوك في الأغلال
لـيـس المدرس مخلصاً ***** والطفل غير مبالي
هـذا لـنيل شـهـادة ***** وذا لنيل المال
وكما قيل أيضاً :
تصدر لـلتدريـس كـل مـهـوس ***** بليد تسمى بالفقيه المدرس
فـحق لأهل العلم أن يتمثلوا ***** ببيت قديم شاع في كل مجلس
لقد هزلت حتى بدا من هزلها ***** كلاها وحتى سامها كل مفلس
وكما قيل أيضاً :
إن الدروس بعصرنا في مصرنـا ***** بنيت على جهل وفرط عياط
ومـدرس يبدي مـبـاحث كـلـها ***** نشأت عن التخليط والأخلاط
والعالم النحرير فيهم دأبـه ***** قول أرسطاطيليس أو بقراط
وعـلـوم ديـن الله نـادت جهـرة ***** هذا زمان فيه طي بساطي
فهذه المدارس تشغل ولا تخرج علماء ، من أجل هذا عكفنا على العلم والتعليم ، إن قيام هؤلاء المخذولين على الدعوة يذكرني بقصة جريج ، روى البخاري ومسلم في ( صحيحيهما ) من حديث أبي هريرة أن جريجاً كانت له صومعة فأراد بنو إسرائيل أن يكبدوا له ، فارسلوا إليه امرأة فلم يلتفت إليها ، وذهبت إلى راع ومكنت الراعي من نفسها ثم قالوا لها : من أين لك هذا ؟ ، قالت : من جريج ، فنزلوه من صومعته وخربوا صومعته وقالوا : أنت زنيت ، فقال : دعوني أصلي ركعتين ، فصلى ركعتين ، ثم جاء إلى الصبي ، وقال له : من أبوك يا غلام ؟ قال : أبي فلان الراعي ، فندموا وقالوا : نبني لك صومعتك من ذهب ، قال : لا ، بل ابنوها من الطين كما كانت .
لكني أشهد لله أن أولئك أحسن من أهل صعدة لأن هؤلاء لو تذهب وتقرأ عليهم آية الكرسي يقولون : أنت وهابي ، وهؤلاء يريدون إعدام الدعوة من حيث هي ، لن يقولوا إذا ظهر لهم الحق : نحن مخطئون ، ونحن نأسف ونعتذر إليك ، وهم يعرفون الحق كما يعرفون أبناءهم ثم يتنكرون للحق ، فهم الذين أشاعوا السنة ، ولو أمكن أن نجازيهم لفعلنا على إشاعتهم السنة ، فهم بتشويههم السنة يقولون : وهابية وهابية ، ويأتي الشخص ينظر ما هؤلاء الوهابية يجد هؤلاء الوهابية يدرسون في ( رياض الصالحين ) ، وفي ( صحيح البخاري ) ويحفظون القرآن ، ويصلون كل صلاة في وقتها ، وكل واحد منهم مشغول بنفسه ليس مشغولاً بالقيل والقال ولا كذا ولا كذا ، يقول لهم : لا والله هذا هو الدين الصحيح ، كم من شخص يرسلونه إلى هاهنا ثم يهديه الله ، ولا تدري إلا وهو حامل آلية يدافع عن سنة رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - .
وكنا نقول في الدروس المتقدمة : إن التشيع في آخر رمق ، أما الآن فقولوا لأهل إيران : يصلون على التشيع في صعدة صلاة الجنازة ، لم يبق تشيع ، لم يبق إلا سنة رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - فقد أراحنا الله منه .
وجهلة الإخوان المسلمين تنفيرهم عن السنة ، وعن دعوة أهل السنة صار دعاية للسنة ونشراً لسنة رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - .
ثم النتائج الطيبة لإخواننا حفظهم الله تعالى ، منهم من يحفظ الشيء الكثير من كتب السنة ، ومنهم من قد انتهى من القرآن ، يذهب ويدعو إلى الله ، يسمع منه الناس قال الله قال رسول الله ، ما هو قالت جدتي ، ولا قالت خالتي ، ولا قالت عمتي ، لكن قال الله ، قال رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - ، وكما تقدم لكم : أن " الإيمان يمان ، والحكمة يمانية ، والفقة يمان " فأقبل الناس على السنة ، الله يعلم أننا لا نستطيع أن نسد عشر الفراغ لا أقول عشر الفراغ ، ولا نصف العشر ولا ربع العشر ، وحالنا كما يقال :
تكاترت الظبا على خراش ***** فما يدري خراش ما يصيد
وهكذا الشيوعية والبعثية والناصرية يحاربون هذه الدعوة لأن غير هذه الدعوة يمكن أن يأتوا إلى جماعة التبليغ ويمسحوا ظهره ، ويقولون : نحن معكم ادعوا بهذه الدعوة الميتة ، وجماعة الإخوان المسلمين ممكن أن يعطيهم وزارة أو يعترف بهم حزباً ، لكن أهل السنة دعوة إلى كتاب الله ، وإلى سنة رسول الله ، من كان متمسكاً بالدين فهو معنا ونحن معه ، ومن شرد شرد : " وإن تتولوا يستبدل قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم " ، " فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوماً ليسوا بها بكافرين " ، فالحمد لله .
----------------------
وراجع كتاب غارة الأشرطة ( 1 / 214 إلى 216 )