هذه المسألة اختلف فيها أهل العلم اختلافاً كبيراً ، فجمهور أهل العلم يرون أنه يكون مدركاً لأحاديث : " إذا جئتم ونحن سجود فاسجدوا ولا تعدوها شيئاً ، ومن أدرك الركعة فقد أدرك الصلاة " رواه أبو داود من حديث أبي هريرة ، وحديث أبي بكرة الذي ركع قبل الصف وقال له النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - : " زادك الله حرصاً ولا تعد " ، وحديث رواه ابن خزيمة وعلق القول به على الصحة وهو حديث أبي هريرة أيضاً : " من أدرك الإمام راكعاً قبل أن يقيم صلبه فقد أدرك الركعة " ، هذه أدلة القائلين بأنه يكون مدركاً ، أيضاً يستدلون بقوله تعالى : " وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ " ، وبحديث : " وإذا قرأ فانتصتوا " .
الآخرون يقولون : لا يكون مدركاً ؛ لأن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - يقول : " لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب " ، ويقول النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - : " إذا أتيتم إلى الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون وأتوها وعليكم السكينة فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا " الشاهد : " وما فاتكم فأتموا " .
قالوا : ما أما أدلتكم أيها القائلون بأنه يكون مدركاً فصريحها غير صحيح ، وصحيحها غير صريح كيف ذاك ؟ حديث : " إذا جتم ونحن سجود فاسجوا معنا ولا تعدوها شيئاً ، ومن أدرك الركعة فقد أدرك الصلاة " هذا يقولون : إنه من طريق يحيى بن أبي سليمان المدني وهو منكر الحديث ، حديث ابن خزيمة : " من أدرك الإمام راكعاً قبل أن يقيم صلبه فقد أدرك الركعة " هذا من طريق يحيى بن حميد وهو ضعيف ، حديث : " زادك الله حرصاً ولا تعد " الحديث محتمل أنه أدرك أول ركعة أو الثانية أو الثالثة محتمل هذا وهذا ، هذا الاحتمال يجعلنا نتوقف في الاستدلال به ، محتمل أنه أدرك هذا ومحتمل أنه اعتد بتلك الركعة ليس فيه أنه اعتد بها ، ولا أنه لم يعتد بها ، فالأمر بما أن جمهور أهل العلم يقولون بأنه يكون مدركاً إذا أدرك الإمام راكعاً ، والإمام البخاري وجمع يقولون : لا يكون مدركاً فإن شاء الله لا يُنكر على هذا ولا على هذا ، لكن الذي اختاره لنفسي أنا أنني إذا أتيت والإمام راجع لا أعتد بها والله المستعان .
--------------
من شريط : ( إجابات العلامة الوادعي على أسئلة البرعي )