شجرة القات شجرة أثيمة ضيعت أعمار اليمنيين واقتصادهم وعقولهم وأوقاتهم ، هذا أمرٌ لا ينازع فيه ، وهي مضرة للاقتصاد أيما إضرار ، وقد كان اليمن يورد الزبيب وبعض المنتوجات إلى الخارج ، والآن أصبح اليمنيون يستوردون البسباس والحلبة والثوم إلى غير ذلك ، وكل هذا بسبب الشجرة الأثيمة التي ابتلي بها اليمنيون ، إلى الله المشتكى فلا أدري متى يفيقون ، الرسول - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - يقول : « لا تزول قدماً عبدٍ يوم القيامة حتى يسأل عن أربع - وذكر منها - عن عمره فيما أفناه ، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما انفقه » ، فمالك يضيع في هذه الشجرة الأثيمة ، وكذلك عمرك ، فمن بعد الظهر إلى الساعة الرابعة من الليل فما بعد ذلك ، دع عنك ما يتولد عنها من الأحزان ومن ضياع العقل ، فرب شخص يبكي بعد أكل القات ، أخ في الله من ساكني الحديدة زارنا إلى هنا ويقول : أكل القات مع مجموعة كان يجاملهم وقام في الليل يبكي فقالوا له : مالك تبكي ؟ قال : مات أبي ، قال : وأبوه قد مات من زمان قديم .
وأما ضياع العقل فأنا أنصح بالرجوع إلى ما كتبه الأخ عائض مسمار حفظه الله تعالى وإن كانت كتابته قاصرة لم يستوعب فإنني نصحته أن يقوم برحله إلى جميع المخزنين ، فعندهم من عيوب القات أكثر مما عندنا ، فمما قيل له وأنا أسمع : أن شخصاً أراد أن يشرب فأخذ الهرة فخمشته في يديه ، فقال : أصابك الله ما أحرك ، فقد ظن أنها ثلاجة ماء ثم رمى بها .
وأخبرني الإخوان بذمار يقولون : كان هناك حداد يشتغل في الحديد وهو مخزن ، ورأوا رجليه قد تحرقت والنار تأتي على رجليه وهو لا يشعر ، فقالوا : رجلاك قد أصبحت محترقتين ؟ قال : لا ما في شيئ الحمد لله ، وبعد أن انتهى من أكل القات إذا هو يصرخ صراخاً شديداً ويسعفونه إلى الدكتور .
والأخوة الذين يخزنون يعرفون أضرارها أكثر ، بل غير واحد قد جن ويذهب به إلى طبيب الأعصاب في تعز ، فيقول : هذا من القات وإن رجعت وأكلت القات فلا تأتيني ، معناه أنك أنت الذي تسببت في مرض نفسك وفي ضياع عقلك ، وأكل القات منظر مشوه وكريه ولقد أحسن من قال :
إنما القات حشيش أخضر ليس يحتاج إليه البشر
فــإذا مــا أكــلــتــه أمــة فاعذروهم إنما هم بقر
فاليمنيون ابتلوا بهذا وواجب على كل يمني بل على كل مسلم - لأنه يوجد كذلك في الحبشة والصومال - أن يزيل هذه الشجرة الأثيمة من أرضه ولا يجوز له أن يبيعها ، لأنه لا فائدة فيها مع قطع النظر أحرام هي أم ليست بحرام ، فهي لا خير فيها ، فنحن مسئولون عن أعمارنا وأوقاتنا وعن مالنا الذي أكرمنا الله وأرشدنا في كتابه ماذا نستعمله فيه مثل الرمان والعنب والزرع .
وهناك كذب مفضوح في شأن القات ، فقد أخبرت أن خطيباً قام في ذمار ويقول : أبشروا بالرخصة يا أهل القات ، فإن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - رأى علي بن أبي طالب يخزن فأقره ، وفي ذات مرة كنا في مجلس مع بعض المسئولين فإذا رجل كما يقول الشوكاني : عمامته كالبرج وكمه كالخرج ، وإذا هو يقول : روت بنت القاسم عن أبيها أن سليمان أخذه الفتور والتعب فدل على القات فصار نشيطاً .
وهكذا الصوفيه الأمة الحمقى يزعمون أنه يعينهم على قيام الليل ، ولست أنا الذي أقول : أنهم الأمة الحمقى ، بل الإمام الشافعي رحمه الله تعالى ، فقد ذكر ابن الجوزي في ( صفة الصفوة ) عن الإمام الشافعي قال : لو أن رجلاً تصوف في أول اليوم ما أتى آخر النهار إلا وهو أبله ، فهم يزعمون أنه يعينهم على قيام الليل ، فإذا أعانك على قيام ليلة تبقى في اليوم الثاني كأنك مصروع ، وانظروا إلى حالة المخزنين بعد العصر في رمضان ، إياك إياك أن تدخل في مشكلة مع مخزن فربما يوجه إليك البندقية والمضاربة ، وهكذا لأنه ليس عاقلاً في ذلك الوقت ، بل عقله عقل هرة .
وأنا آسف جداً أن يكون سنياً يقوم ويعظ الناس : يا أيها الناس تمسكوا بكتاب الله وبسنة رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - وهو يخزن وجماعته بخمسمائة ريال ، فلو جمع هذه الخمسمائة مع خمسمائة مع خمسمائة لاستطاع أن يكون له مكتبة في أسرع وقت .
فالقات ضرر على صحتك وعلى مالك وعلى عقلك ، والقات يتفاوت فرب بلدة يصير الشخص مثل المجنون إذا أكل من القات الذي يزرع فيها ، وقد أخبرني الأخ عقيل المقطري يقول : عندهم منطقة إذا أراد الناس أن يضحكوا على شخص أعطوه يخزن منها فلا يشعرون إلا وقد قام وخلع ثيابه ويبقى عرياناً .
وقد كنت ذات مرة أتكلم على القات ولم أجزم بتحريمه ، فقام أخ وقال : أشهد لله بأنه حرام ، فقلت له : لماذا ؟ قال : لقد خزنت ذات ليلة في الغرفة فشعرت أن الغرفة تكاد أن تنطبق علي ، ثم صعدت على خزان المياه فوق سطح المنزل ولولا الله سبحانه وتعالى ما قد قدر لي أن أموت وإلا فحركة صغيرة وأنا خارج البيت ، يقول : فهذا ينبغي ألا يشك فيه أنه حرام .