الصحيح أنه يُعذر حتى ولو كان في التوحيد لعموم قول الله عز وجل : " وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولًا " .
ولعموم قول الله عز وجل : " وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ " .
ولما جاء في الصحيح : أن رجلاً قال لبنيه : أي أبٍ أنا لكم ؟ ، قالوا : نعم الأب ، قال : فهل أنتم قاعلون ما أوصيكم به ؟ ، قالوا : نعم ، قال : فإذا مت فأحرقوني ثم ذروني في يوم عاصف فوالله لئن قدر الله عليّ ليعذبني عذاباً شديداً لا يعذبه أحداً من العالمين ، ففعلوا ، ثم أمر الله البر أن يجمع ما فيه ، والبحر أن يجمع ما فيه ، فقال : ما حملك على ما صنعت ؟ ، قال : خشيتك يا رب ، فقال : قد غفرت لك ، فهذا يشك في قدرة الله .
ثم ذكرت أيضاً قوله تعالى وهو قول الحواريين لعيسى : " هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنـَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ " ، فهم يشكون في قدرة الله ، وعيسى يقول لهم : "اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ " .
وهكذا أصحاب موسى حيث قالوا لموسى : " اجْعَل لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ " .
فأقصد من هذا : أن عموم الأدلة تقضي بعموم العذر بالجهل ، فأنت تسمي هذا العمل شرك وتسمي هذا العمل كفر ، وتسمي هذا العمل خروجاً من الإسلام ، لكن صاحبه لا بد أن تنبه أهو عالمٌ أم جاهل إلى آخر ذلكم .