العادة الشائعة بين الناس وهي أن يتحدث الرجل مع المرأة بوجود زوجها ولا يبالي الزوج ولا ينكر ذلك جاهلا ًأو متجاهلا ًوهي غير محجبة بدعوى أن الإيمان بالقلب سواء المتكلم أو الزوج ؟
الزيارات:
3522 زائراً .
تاريخ إضافته:
22 شوال 1433هـ
نص السؤال:
العادة الشائعة بين الناس وهي أن يتحدث الرجل مع المرأة بوجود زوجها ولا يبالي الزوج ولا ينكر ذلك جاهلا ًأو متجاهلا ًوهي غير محجبة بدعوى أن الإيمان بالقلب سواء المتكلم أو الزوج ؟
هذه تعتبر دسيسة جاهلية وبقية من بقايا الجاهلية لأن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - يقول : " كُتب على ابن آدم نصيبه من الزنا مدرك ذلك لا محالة " ، ورب العزة يقول في كتابه الكريم في شأن نساء النبي - صلى الله عليه وعلى وآله وسلم - اللآتي هن خيرٌ من نسائنا ، وفي شأن صحابة النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - الذين هم خيرٌ منّا : " وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن " ، ثم إنه لا يضمن أحدٌ نفسه أنه ما تتوق نفسه إلى المرأة فهذه دسيسة شيطانية ، وإلا فالنبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - عند أن رأى - كما في < صحيح مسلم > - امرأة مارة دخل إلى أهله وواقعها وهو هو - أي وهو المعصوم - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - فقال : " إذا رأى أحدكم امرأة تعجبه فليأتِ امرأته فإن معها مثل الذي معها " أو بهذا المعنى .
والنظر ربما يكون سبباً للفتنة كما يقول الله سبحانه وتعالى : " وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن " .
ويقول سبحانه وتعالى : " قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم " إلى أن قال : " وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن " .
والنبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - يُحذر من النظر ويقول - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - : " إياكم والدخول على النساء " ، قال رجل : أفرأيت الحمو يا رسول الله ؟ قال : " الحمو الموت " .
ثم بعد ذلك هذا الحديث ربما يجرُ إلى ما بعده كما قال بعضهم :
نظرةٌ فابتسامةٌ فسلامٌ *** فكلام ٌفموعدٌ فلقاء
وكما يقول الآخر :
كل الحوادث مبدؤها من النظر *** ومعظم النار من مستصغر الشرر
كم نظرة فعلت في قلب صاحبها *** فعل السهام بلا قوسٍ ولا وتر
أسر مقلته ما ضر مهجته *** لا مرحباً بسرور جاء بالضرر
فالنظر إلى النساء يعتبر فتنة وإذا كان رب العزة يقول في كتابه الكريم : " ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن " فما ظنك بشخص يتكلم معها ، ويضحك معها ، وتضحك معه ، وهذا سعيد بن المسيب رحمه الله يقول : والله لو أؤتمنت على كذا وكذا من الذهب لوجدت نفسي عليه أميناً ، ولو اؤتمنت على جارية سوداء لما وجدت نفسي عليها أميناً .
ويقول بعض السلف : لا تخلون بامرأة ولو أن تُعلمها القرآن ، ونعمّ ما قال ، ما أكثر الشر الذي دخل على الصوفية ، وما أكثر الشر الذي يدخل على القساوسة في كنائسهم وفي خلواتهم ، وما أكثر الذي دخل على الرهبان والراهبات ما أكثر الشر الذي دخل عليهم بسبب الخلوة ، وبسبب الاختلاط والله سبحانه وتعالى أعلم وأحكم بمصالح عباده .
وهذا الذي يقول : الإيمان بالقلب !! اعلم أن قلبه ميت ، نعم الإيمان في القلب لكن الرجل رجل والمرأة مرأة ، ما ينبغي أن نغالط أنفسنا ، اعلم أن قلبه ميت كما يقال :
ما لجرحٍ بميت إيلامُ .
وكل واحدٍ يحس من هذا ، وما رفع الله شأن يوسف وأنزل فيه قرآناً يُتلى إلا بسبب أنه حجز نفسه عن أمرِ قل أن يستطيع أحد أن يحجز نفسه عنه .
أيضاً كذلك الرجل الثالث من الثلاثة من أصحاب الغار الذي انطبقت عليهم الصخرة ؛ وقد أواهم المبيت في كهف أو غار ثم انطبقت عليهم الصخرة فتوسل كل واحدٍ منهم بعمله فكان منهم من قال : اللهم إن لي ابنة عم ؛ وكنت أحبها أشد ما يجب الرجال النساء ؛ وإني راوتها عن نفسها فأبت ، فألمت بها سنة فجاءتني فقلت : لا أعطيك حتى تمكنيني من نفسك ، فمكنته من نفسها ثم قالت : اتق الله ولا تفض الخاتم إلا بحقه ، فقام عنها وقد جلس منها مجلس الرجل من امرأته ، اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه فانفرجت الصخرة شيئاً إلا إنهم لا يستطيعون الخروج .
فشاهدنا من هذا أن هذا الأمر العظيم من ملك نفسه وهو أحد السبعة الذين يظلهم الله يوم لا ظل إلا ظله ، لماذا هذا الثواب الكبير ؟! لماذا هذا الأجر الكبير ؟! لأن هذا أمر لا يستطيع أحدٌ أن يمسك نفسه فيه إلا من وفقه الله : " سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله - وذكر منهم - رجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال : إني أخاف الله " .
فجديرٌ بالمسلمين ، وجدير بالمدارس التي فيها اختلاط ، وبالجامعات التي بها اختلاط ، وبالدوائر التي فيها اختلاط ، وبالبيوت - كما هو شأننا معشر القبائل - التي بها اختلاط ، جديرٌ بها أن تنظم حياتها تنظيماً إسلامياً والله المستعان .
ورد في < صحيح مسلم > أن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - قال لجرير بن عبدالله البجلي وقد سأله عن نظر الفجأة فقال له : " اصرف بصرك " هذا دليل على أنه لا يجوز النظر .
وكذلك إباحة النظر إلى المخطوبة كما في حديث المغيرة بن شعبة وحديث جابر وغيرهما دليل على أن النظر إلى غير المخطوبة لا يجوز ، والقرآن أكبر شاهد على هذا .
------------
من كتاب : ( إجابة السائل ص 241 إلى 244 )