الحمد لله، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن والاه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. أما بعد :
فقد سألني غير أخ من اليمنيين عن الدراسة بكلية الإيمان ، ففي الغالب أنني أتهرب عن الجواب عمداً ، وربما أفتيت بعضهم بما ستسمعونه ، والسبب في هذا أن اليمني ما يتحمل المشاق ويأتي من بلدة بعيدة ، أما أخ يأتي من أمريكا إلى كلية الإيمان ، ثم بعد ذلك يصدم فلا بد أن يبين له .
والغالب على المؤسسات التي يقوم بها الإخوان المسلمون ، أنهم يقومون بها من أجل أنه إذا حصلت انتخابات ينتخبهم أولئك ، ويدعون إلى انتخاباتهم ، وقد عرفنا أن الانتخابات طاغوتية ، وذكرنا هذا في غير ما شريط وهو بحمد الله في كتبنا المطبوعة مثل : مثل « قمع المعاند وزجر الحاقد الحاسد »، ومثل « المصارعة » ومثل « المخرج من الفتنة » وغيرها من الكتب، فقد بينا أن الانتخابات تعتبر طاغوتية، وأيضا غرض آخر من أجل جمع الأموال لهذه الكلية وغيرها.
كلية الإيمان لو كانت كلية إيمان، أو كلية سنية سلفية ما طُرد بعض إخواننا الجزائريين منها بسبب أنهم تظاهروا بسنة رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-.
ولما قام عبدالمجيد الزنداني بطلبة كلية الإيمان بل ذهب لهم بالفعل إلى جماعة التبليغ ليتعلموا منهم الآداب، ويتعلموا منهم الدعوة ، وذهب بهم إلى الحديدة ، جماعة التبليغ الذين جمعوا بين التصوف والجهل ، يقوم أحدهم ويتكلم ويضيع الساعات على المستمعين، بكلام جهل وأحاديث ضعيفة وموضوعة ، يأخذهم عبدالمجيد الزنداني إلى جماعة التبيلغ من أجل أن يتعلموا منهم الآدان .
فالقصد أننا لا ننصح بالالتحاق بها ، ورب العزة يقول في كتابه الكريم: " فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون " ، " ليتفقهوا في الدين " .
طالب العلم يجب أن يكون همه هو التفقه في دين الله ، وفي «الصحيحين» عن معاوية -رضي الله عنه- قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: " من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين " .
والنبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يخبر عن ارتفاع العلم النافع ، علم من أعلام النبوة فالنبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - يقول : " إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه ، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالما اتخذ الناس رءوسا جهالا، فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا " ، متفق عليه من حديث عبدالله بن عمرو رضي الله تعالى عنه .
ورب العزة يقول في كتابه الكريم : " فأعرض عن من تولى عن ذكرنا ولم يرد إلا الحياة الدنيا * ذلك مبلغهم من العلم " ، ويقول : " يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون " . فينبغي أن نهتم بالتفقه في دين الله.
والتعلم في المساجد فيه خير وبركة ، وهل تخرج من تخرج من صحابة رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - إلا من المساجد ، " وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله ، يتلون كتاب الله، ويتدارسونه فيما بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة ، وحفتهم الملائكة ، وغشيتهم الرحمة، وذكرهم الله فيمن عنده ".
ورحم الله مالكا إذ يقول : لا يصلح آخر هذه الأمة، إلا ما أصلح أولها.
أسألكم يا إخواننا أكان في علمائنا المتقدمين من يتقدم ويحدث وهو حالق اللحية ، وثوبه يسحب الأرض ، وهو لا يعرف إلا طبعاً ويعني وصدقني ، قد أهلته شهادته لذلك المنصب ، وليس لديه من العلم ما يؤهله لذلكم المنصب .
أنصحك أن تنظر لمن يدرسك كتاب الله ، وسنة رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم -، ورب العزة يقول لنبيه محمد - صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: " واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا " .
فهذا حاصل ما أنصح به الإخوة ؛ أن يرحلوا إلى الأماكن التي يدرس فيها كتاب الله وسنة رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم -. والإمام البخاري رحمه الله تعالى يبوب في «صحيحه» ويقول : باب الرحلة في طلب العلم، وذكر حديث عقبة بن الحارث أنه رحل إلى النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- وقال : إن امرأة سوداء تخبر أنها أرضعتني وأرضعت امرأتي ، فسكت النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - حتى قالها ثلاث مرات أو أربع ، ثم قال له النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- : " كيف وقد قيل؟! " .