الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم وعلى نبينا محمد الأمين ، وعلى آله وأصحابه أجمعين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أما بعد :
فيقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم : " وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ " أي لا تتبع ما ليس لك به علم ، وهذه الآية من أعظم الأدلة على تحريم التقليد .
والذي يتتبع القواعد الأصولية التي لا يعرف دليلها من كتاب الله ولا من سنة رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - يعتبر مقلداً ، وقال سبحانه وتعالى : " وَأَنَّ هَٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ۚ" .
ثم بعد هذا القواعد منها ما هو متفق عليه ، ومنها من هو مختلفٌ فيه ، فتجد المالكية يخالفون الحنابلة ، والشافعية يخالفون الحنفية ، يختلفون في بعض القواعد ، فبأي قاعدة تأخذ أنت ؟! .
ويقول الله عز وجل في كتابه الكريم : " اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ " .
وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة : " ذروني ما تركتكم ؛ فإنما أهلك من كان قبلكم كثرت مسائلهم واختلافهم على أنبياءهم ، فإذا أمرتكم بأمرٍ فأتوا منه ما استطعتم ، وإذا نهيتكم عن شيئ فاجتنبوه " .
ويقول سبحانه وتعالى في كتابه الكريم : " وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا " .
فإذا قضى الله ورسوله أمراً لا يجوز لنا أن نعارض أمر الله ، أو أمر رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - بقاعدة فقهية ، وما أحست ما قال ابن عباس وقد ذكر أنه يجب على من لم يسق الهدي أن يتحلل وأن يجعلها عمرة ، فقال قائلٌ : أبو بكرٍ وعمر لا يقولان بهذا ، واستدل ابن عباس بأوامر رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - ، فقال ابن عباس : ما أراهم منتهين حتى يهلكهم الله عز وجل .
وأيضاً الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى يقول : عجبت لقومٍ يعرفون الإسناد وصحته ويذهبون إلى رأي سفيان ، ثم قرأ قوله تعالى : " فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ " ، قال : أتدري ما الفتنة ؟ الشرك ، لعله إذا رد شيئاً أتى به رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - أن يزيغ قلبه .
وهكذا الشوكاني رحمه الله تعالى ذكر أنه كم من عالمٍ جهبذ يُصبح مقلداً بسبب القواعد الفقهية ، ثم قال : ما من قاعدة إلا وهي محتاجة إلى أن يُستدل لها لا يستدل بها .
فالقواعد الفقهية يجب أن تكون خاضعة لكتاب الله ولسنة رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - . والله المستعان .