الصحيح في هذا أنه بعد تكبيرة الإحرام ، روى البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - كان يسكت هنيهة بعد التكبير فقال : يا رسول الله ماذا تقول ؟ قال : " أقول : اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعت بين المشرق والمغرب ، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس ، اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد " ، هذا أصح ما ورد .
وورد أيضاً التوجه من حديث علي بن أبي طالب في صحيح مسلم ، وجامع الترمذي أنه بعد التكبير والتوجه أن تقول : وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفاً مسلماً وما أنا من المشركين ..... ، ثم بعد ذلك هو دعاء طويل إن حفظته وأرادت أن تقوله .
أما استدلالهم الباطل فإنهم يستدلون بالباطل على الباطل ، اسمعوا ، يقولون في آخر توجههم : الحمد لله الذي لم يتخذ ولداً ، ولم يكن له شريكاً في الملك ، ولم يكن له ولي من الذل ، وكبره تكبيراً ، ثم بعد ذلك هل ثبت أن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - قال هذا ؟ قبل أن تستدلوا بهذا ، نقول لكم : هل ثبت أن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - قال هذا ؟ ، هذا أمر لم يثبت ، لو ثبت لم يدل على أنك تتوجه قبل التكبير ، كبره وعظم الله في جميع أوقاتك ، أما قبل التكبير فإن هذا لم يقل به عالم من علماء المسلمين ، حتى ( المجموع ) المنسوب لزيد بن علي الذي لم تثبت نسبته لأنه من طريق عمرو بن خالد الواسطي ، حتى ( المجموع ) نفسه فيه أنه بعد التكبير ، ولم يثبت عن الهادي ، ولا عن غيره أنه قبل التكبير ، وما هي إلا بدعة حدثت في زمن قريب والله المستعان .
النية : إنما الأعمال بالنيات في الصحيحين من حديث عمر أن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - قال : " إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرئ ما نوى " ، لكن النية محلها القلب لأن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - لم يتلفظ بها ، ورب العزة يقول في كتابه الكريم : " قل أتعلمون الله بدينكم " فأنت تنوي في قلبك ، لأنه لم يثبت عن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - أنه جهر بها .
النية في نفسك ، لا تقل نويت بالنون والواو والياء والتاء وتلفظ بهذا ، اتجاهك للصلاة يعتبر نية ، لو أنك أرادت أن تصلي الظهر ثم سبق لسانك : نويت أن أصلي العصر أنت على نيتك التي في قلبك ، أما لسانك فليس به عبره والله المستعان .