هذا سؤال طويل ، ولنا فيه رسالة هي بعنوان (الجمع بين الصلاتين في السفر) ، وتعرّضنا لهذا .
فمدّة القصر في السّفر مدّتها ما جاء في صحيح مسلم ، بل الظاهر في الصحيحين أنّ النّبيّ - صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم - صلّى بتبوك تسعة عشر يوما ، وفي رواية الظاهر مكة بنحو ذلك فقال ابن عباس : فنحن إذا زدنا على ذلك أتممنا .
ومن أهل العلم من يقول : مدّة القصر أربعة أيّام إذا عزم على مكث أربعة أيّام ، ويقول : إنّ النّبيّ - صلّى الله عليه وسلّم - مكث في مكّة وقدم الظاهر اليوم السادس وبقي السابع ، ومشى الثامن ، المهم لعلّه مكث ثلاثة أيّام أو أربع .
أمّا مسألة الجمع فإنّ السنّة إذا كان جدّ به السير مثلا أتتك صلاة الظهر ، وأنت في حرف سفيان وتريد أن تصل إلى دمّاج فالسّنّة أنّك تؤخّر صلاة الظهر ، أو تريد أن تصل إلى صنعاء السنّة أيضا أن تؤخّر صلاة الظهر ، فهذا إذا جدّ به السير ، وكذلك أيضا صلاة المغرب والعشاء مثلها فقد جاء أنّ عبد الله بن عمر أخبر بأنّ امرأته صفيّة بنت أبي عبيد الثقفي أنّها مريضة فأسرع في السير ، جاء وقت المغرب فقالوا : الصلاة ، فقال : يعني يجوز لنا أن نجمع أو سنجمع وأخّرها إلى آخر وقت العشاء ، ثمّ صلّى المغرب ، وصلّى بعدها العشاء فهذا هو الجمع.
متى يكون الجمع ؟ إذا جدّ به السير ، أمّا إذا كان نازلا فالأدلّة الكثيرة أن يصلي كل صلاة في وقتها ، وإن كان يقصر ، على أنّه قد روى مسلم في صحيحه في كتاب الحوض عن معاذ رضي الله تعالى عنه أنّ النّبيّ - صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم - خرج من خيمته ، وصلّى الظهر والعصر ، ثمّ دخل خيمته ، - الظاهر أن فيها الظهر والعصر ، المهمّ صلّى صلاتين من اللتين يشرع الجمع بينهما - ، قال الإمام الشّافعي رحمه الله تعالى في قوله : ( خرج ودخل ) : يدلّ على أنّه كان نازلا ، ذكر هذا في ( الأم ) .