حكم من بنى مسجداً ويتهاون بالصلوات وعنده بعض الشركيات

الزيارات:
5001 زائراً .
تاريخ إضافته:
25 ذو الحجة 1433هـ
نص السؤال:
ما حكم من بنى مسجدا ً ولكنه يتهاون بالصلاة مع الجماعة وغيرها ومع هذا فهو يعتقد أن الأولياء ينفعون ويضرون وينذر لغير الله ويعتقد بالمشعوذين ويقيم الموالد التي تسمى بالحضرات ويزعم أنها تدفع البرد والريح وغيرها هل يؤجر على بنائه المسجد ؟
نص الإجابة:
الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أما بعد :

فإن بناء المساجد يعتبر من أفضل القربات ، ورب العزة يقول في كتابه الكريم : " إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ ۖ فَعَسَىٰ أُولَٰئِكَ أَن يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ " [ التوبة : 18 ] .
وفي < الصحيحين > من حديث عثمان رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - : " من بنى لله مسجداً يبتغي به وجه الله بنى الله مثله في الجنة " .
أما هذا الباني الذي توفرت فيه هذه الصفات البدعية والشركية فإنه لا يثاب على فعله ، ترك الصلاة في جماعة يعتبر فسقاً على الصحيح من أقوال أهل العلم ؛ لأن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - كما في حديث أبي هريرة همّ أن يحرق على المتخلفين عن الجماعة بيوتهم ، وجاء كما في حديث أبي هريرة في < صحيح مسلم > جاء ابن أم مكتوم إلى النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - فقال : يا رسول الله إني رجل أعمى فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي ؟ ، فقال له النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - : " نعم " ، ثم قال : " هل تسمع حي على الصلاة ؟ " قال : نعم ، قال : " فحيهلا فأجب " .
قلنا : إن الصحيح من أقوال أهل العلم أن الجماعة واجبة ، ومن أهل العلم من قال بسنيتها ، أما أبو محمد بن حزم يرى أنها شرط في صحة الصلاة ، وليس كما يقول أبو محمد بن حزم لأن الرسول - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - يقول كما في < الصحيحين > من حديث أبي هريرة : " صلاة الرجل في جماعة تضعف على صلاته في سوقه أو في بيته بخمس وعشرين درجة " دليل على أن صلاته صحيحة ، لكنه يكون آثماً لتركه حضور الجماعة .

أما دعاء غير الله ، والاستغاثة بغير الله ، واعتقاد أن غير الله ينفع أو يضر فيما لا يقدر عليه إلا الله ؛ فهذا يعتبر شركاً ، فذلكم الرجل يعتبر مشركاً ، ورب العزة يقول في كتابه الكريم : " مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَن يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَىٰ أَنفُسِهِم بِالْكُفْرِ ۚ" [ التوبة : 17 ] ، ودعاء غير الله ، وهكذا الاستغاثة بغير الله يعتبر شركاً سواء أدعا رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - كأن يقول : يا رسول الله ، أو دعا ابن علوان كأن يقول : يا ابن علوان أو الزيلعي أو السيدة زينب إلى غير ذلكم من تلك الأسماء ، كل هذا يعتبر شركاً ، ورب العزة يقول في كتابه الكريم : " وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ ۚ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ " [ المؤمنون : 117 ] ، فسماهم الله كافرين .
وروى الإمام أبو داود في سننه ، والترمذي في جامعه من حديث النعمان بن بشير رضي الله تعالى عنهما قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - : " الدعاء هو العبادة " ثم قرأ النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - : " وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ " [ غافر : 60 ] .
وهكذا اعتقاد أن هناك من ينفع أو يضر فيما لا يقدر عليه إلا الله يعتبر مشركاً ، ورب العزة يقول في كتابه الكريم : " أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ " [ النمل : 62 ] .
ويقول سبحانه وتعالى : " قُلْ أَفَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ " [ الزمر : 38 ] .
فالذي ينفع ويضر هو الله سبحانه وتعالى ، وهكذا اعتقاده أن الأوليا يعلمون الغيب أيضاً يعتبر شركاً يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم : " قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ ۚ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ " [ النمل : 65 ] .
ويقول سبحانه وتعالى : " وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ ۚ " [ الأنعام : 59 ] .
ويقول سبحانه وتعالى : " عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَىٰ غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَىٰ مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا " [ الجن :26و27 ] .
فالذي يعتقد أن هناك أحداً يعلم الغيب غير الله سبحانه وتعالى يعتبر مشركاً ، وقد يقول القائل : إن المنجمين أو الكهان يخبرون ببعض الأشياء فيصدقون ؟ ، هؤلاء أخبر عنهم النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - كما في حديث أبي هريرة أنهم يكذبون مائة كذبة ويسترقون من السمع كلمة واحدة ثم يقول الناس : ألم يقل كذا وكذا في يوم كذا وكذا أي يصدقه الناس في مائة كذبة من أجل أنه قال كلمة واحدة صدقاً .
وهكذا أيضاً قول الله عز وجل مبيناً أن هؤلاء لا يعلمون الغيب بل يقول في شأن الجن : " لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ " [ سبأ : 14 ] .
يقول الله سبحانه وتعالى مبيناً : إن بعض الجن قد يخبر بعض الأنس الذين هم من أوليائهم بشيء من المغيبات ، أقصد من هذا أن ما منا من أحد كما في الصحيح من حديث عائشة أن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - قال : " ما منكم من أحد إلا وله قرين " قالت : وأنت يا رسول الله ؟ ، قال : " وأنا إلا أن الله أعانني عليه فأسلم " ، فربما تذهب إلى الساحر أو الكاهن ، والإتيان إليهم محرم ، والرسول - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - يقول : " من أتى كاهناً فساله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة " رواه مسلم عن بعض أزواج النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - ، ربما تذهب إليه وتتكلم في الطريق بكلام ثم تصل إليه ويخبرك ببعض الكلام أو بذلك الكلام أو يخبرك بخبيئة قد خبأتها في بيتك أو يخبرك بأولادك أو بأهلك وهو لا يعرفهم ، هذا يجوز أن يكون قرينك قد أعطاه أو أعطى قرينه معلومات ، رب العزة يقول في كتابه الكريم : " وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُم مِّنَ الْإِنسِ ۖ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُم مِّنَ الْإِنسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا " [ الأنعام : 128 ] ، يقول العلماء : استمتاع الإنسي بالجني : أن الجني يخبره ببعض المغيبات ، واستمتاع الجني بالإنسي : أن الإنسي يطيعه فيما يريده منه .
فلا يدل إذا أخبرك بشيء أنه يعلم الغيب ، فأنا وأنت الآن لا ندري ما خلف الجدر ، لكن الجني ممكن أن يأتي من النافذة ويخبر أصحابه لأنه يخبر أصحابه الذين هم من أوليائه يخبرهم بما خلف الجدر ، وأنا وأنت لا ندري ماذا يحدث في صنعاء ممكن أن يأتي جني في أسرع وقت ويخبر وليه بما حدث في صنعاء ، فهذا لا يدل على أنه يعلم الغيب والله المستعان .

وبناؤه المسجد يعتبر كما قيل :
بنى لله مسجداً من غير حـلــه **** فـتم بحمـد الله غير مـوفـق
ككافلة الأيتام من كد فرجها **** لك الويل لا تزني ولا تتصدق

أما الموالد فالاحتفال بها بدعة دخلت على المسلمين من العبيديين لأنك لو قرأت كتاب الله من أوله إلى آخره ، وقرأت < صحيح البخاري > و < صحيح مسلم > وبقية الأمهات و < مسند أحمد > إلى غير ذلك لا تجد الاحتفال بالمولد ، فهي حدثت من العبيديين الذين كانوا بالمغرب الذين ينتسبون إلى عبيدالله بن ميمون القداح الذي يعتبر يهودياً تظاهر بأنه من أهل البيت واستقبله المغربيون وأقام هنالك دولة للعبيديين ، ثم انتقلت إلى مصر .
فهذه هي سنة يهودية فليبلغ الشاهد الغائب أن الاحتفال بالموالد يعتبر سنة يهودية ليست سنة إسلامية ما جاءت في كتاب الله ولا في سنة رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - ، ورب العزة يقول في كتابه الكريم : " الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا " [ المائدة : 3 ] .
ونبينا محمد - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - يقول كما في < الصحيحين > من حديث عائشة : " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " ، ولا يظن ظان أن البدعة سهلة ، وأنا أحضر معهم والأمر سهل ، نعم ليست بسهلة ؛ الرسول - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - يقول كما في حديث أنس : " إن الله حجب التوبة عن كل صاحب بدعة حتى يدع بدعته " .
ويقول كما في حديث العرباض بن سارية : " كل بدعة ضلالة " ، وكان سفيان الثوري رحمه الله تعالى يرى أن البدعة أضر على العبد من المعصية ، كيف ذاك ؟ يقول : إن المبتدع يظن أنه على هدى فربما يموت وهو على بدعته ، بخلاف العاصي فإنه نفسه تؤنبه ويعرف أنه على معصية فيوشك أن يتوب ، فرحم الله سفيان الثوري ، وقد يقول قائل : إننا نسمع من الإذاعات من مصر ومن اليمن ومن بلاد شتى الاحتفال بالموالد ؟ ، أقول لك : رب العزة يقول في كتابه : ما أتتكم الإذاعات فخذوه أم يقول : " وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ۚ" [ الحشر : 7 ] ، الإذاعات فيها آلآت لهو وطرب ، والإذاعات فيها فسقة يبثون البرامج ، الإذاعات فيها كل شر ، فإن كنت مقتدياً بالإذاعات فاقتد بها في جميع الشرور ، وربما تخرج من دين الإسلام ، فلا تقتد بإذاعة ، ولا تقتد بدولة ، ولا تقتد بحكومة ، اقتد بكتاب الله وبسنة رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - . والله المستعان .
الاحتفال أيضاً بالإسراء والمعراج بدعة ليلة سبعة وعشرين من رجب بدعة أيضاً لم يثبت كما قاله الحافظ في < تبيين العجب فيما ورد في فضل رجب > لم يثبت عن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - أنه قال : أسري به في ليلة سبعة وعشرين من رجب ، قال : ما قال هذا إلا القصاص ، يعني الذين يقولون ما يريدون ولا يتقيدون يحديث صحيح ولا حديث ضعيف أصحاب القصص الذين يقصون في المساجد فهو أيضاً يعتبر بدعة ، وعيد الهجرة ، وعيد الثورة ، وعيد الشجرة ؛ الرسول - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - يقول : " لنا عيدان : عيد الأضحى ، وعيد الفطر " ، نحن معشر المسلمين وأهل السنة لنا عيدان : عيد الأضحى وعيد الفطر ، فمن شاء أن يبتدع فليبتدع والموعد يوم القيامة .

----------------
راجع كتاب : ( إجابة السائل : من 201 إلى 206 )

تصنيف الفتاوى

تفريع التصنيف | ضم التصنيف