الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين ،وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .
أما بعد:
فنشكر أخانا وفقنا الله وإياه على شعوره وعلى غيرته على الدعوة إلى الله ، ونقول لأخينا : لا ينبغي أن تستوحش فأهل السنة في كل زمان ومكان الغالب أنهم يكونوا قليلاً ، ورب العزة يقول في كتابه الكريم : " وقليل من عبادي الشكور " .
ويقول سبحانه وتعالى : " وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله " .
ويقول سبحانه وتعالى : " وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين " .
والقلة هم الذين يثبتهم الله سبحانه وتعالى .
وفي الصحيحين من حديث معاوية والمغيرة بن شعبة رضي الله عنهما قالا : قال رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - : " لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك " .
فالسواد الأعظم المتمسك بالحق ، وإن كان واحداً ، فالإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى ثبت ، ونكص كثير من الناس على عقبيه ، وبعد الإمام أحمد رحمه الله تعالى ، الذي يثبت هم القليل .
وقد سئل عبدالله بن المبارك رحمه الله تعالى عن الجماعة فقال : هم الحسين بن واقد ، وأبو حمزة السكري ، ومحمد بن ثابت ، وذكر هذا الحافظ ابن حجر في ترجمة الحسين بن واقد من ( تهذيب التهذيب ) .
فعلى المسلم ألا يستوحش إذا كان على الحق ، ولو بقي وحده : " إن إبراهيم كان أمة قانتاً لله حنيفاً ولم يك من المشركين " .
فالأمر الذي ينبغي أن تكون مقتنعاً بكتاب الله وبسنة رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - ثم لا يضرك من خالفهما ، إذا كنت مقتنعاً بالكتاب والسنة .
والرسول - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - يقول : " حفت الجنة بالمكاره ، وحفت النار بالشهوات " .
فهذه الحزبيات تجمع أصحابها المصالح ، وأنت أيها السني معك الله سبحانه وتعالى ، ثم سنة رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - وهي خير من المصالح ، ولا ينبغي أن تهولنكم هذه العواصف فهي ستذوب وتبقى سنة رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - .
مخطط أمريكي ، أئتمروا لما هالهم كثرة المقبلين على الدين ، وحماسة الشباب ، ثم قالوا ماذا نعمل ؟ قال بعضهم : نسلط عليهم حكوماتهم ، وقالوا : لا ، هذا يزيدهم حماسة للدين ، فقال بعضهم : نفرق بينهم ، فقالوا : هذا هو الرأي .
يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم : " ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم " .
حقق أعداء الإسلام بسبب هذه الحزبيات ، وبسبب هذه الجمعيات حققوا ما يريدون ، وشتت شمل المسلمين ، وأصبحوا شيعاً وأحزاباً ، وضعفت معنوياتهم بسبب هذه الحزبيات ، وبسبب هذه الجمعيات المصلحية ، والله عز وجل يقول في كتابه الكريم : " واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا " .
ويقول سبحانه وتعالى مبيناً أن وحدة المسلمين إذا أرادوا الوحدة فهي أمر سهل ، ألا وهو تحكيم الكتاب والسنة : " وما اختلفتم فيه من شيئ فحكمة إلى الله " .
" فإن تنازعتم في شيئ فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر " .
إنه يؤسفنا جداً أن يرحل الراحل من صنعاء إلى العدين ثم يدعو إلى الحزبية ، وجزى الله بعض أهل السنة خيراً إذ وقف في وجهه وقال له : ادع الناس إلى كتاب الله ، وإلى سنة رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - وإلى الإسلام .
وعند الحزبيين عمى بصيرة ، وأعداء الإسلام يتربصون بالمسلمين جميعاً الدوائر ، والحزبيون في عماهم لا يحكمون الكتاب والسنة .
-------------------
راجع كتاب قمع المعاند : ( 2 / 380 إلى 385 )