الله سبحانه وتعالى يقول في كتابه الكريم : " ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب " ، والمفتي يوقع عن الله ، ويقول الله سبحانه وتعالى : " قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والأثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطاناً وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون " ، وتقدم أن هؤلاء المتفقهة الذين يقول الشوكاني : إن إطلاق اسم الفقه عليهم ظلم ، ونعم ما قال الشوكاني ، فلا ينبغي أن نسميهم فقهاء ، ولكن نسميهم عميان البصيرة ، أعمى يقود أعمى بل ربما أعمى يقول بصيراً كما قيل :
أعمى يقود بصيراً لا أبا لكم ************* قد خاب من كانت العميان تهديه
فهؤلاء لا يجوز أن يستفتوا ، فقد كان الأعرابي يأتي إلى النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - ويقول : يا محمد إني سائلك فمشدد عليك في المسألة فلا تجد علي في نفسك .
ويأتي الآخر ويختبر النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - يقول له : يا محمد من خلق السماء ؟ ، ومن نصب الجبال ؟ ، من أجل أن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - إذا قال : أنا ، علم أنه كذاب ، لأن الجبال والسموات مخلوقة قبل وجود محمد - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - ، والله الذي خلقها ، فيقول النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - : " الله " .
ويقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم : " يا أيها الذين آمنوا إن كثيراً من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل ويصدون عن سبيل الله " ، فكروا في هذه الآية كثيراً ، من الذين كانوا يختلسون حتى السمن والحب ، وربما البيض ، وربما يأخذ القبيلي مسحاته ويذهب يعمل معهم في البستان من الصباح إلى المساء ، فصحيح أنهم كانوا مستعبدين للشعب ، فلما ظهرت الحقائق وعرف الناس ، حتى المغترب في طلب المعيشة يرجع وقد عرف أن ذلك دجال .
والحمد لله هم تنكروا لهذه الدعوة ، ولكن لن يضروا إلا أنفسهم ، ويقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم : " اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله " ، فلا يجوز لك أن تقلد فقيهاً لعله أضل من حمار أهله ، بل يمكن أن يكون الحمار أفقه منه ، فلا يجوز أن تقلد فقيهاً في رد السنة ، " من يرد الله به خيراً يفقه في الدين " .
ويقول سبحانه وتعالى : " فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون " ، فالفقيه الذي يتفقه في الدين ، ليس الذي يتحيل على اختلاس أموال المسلمين ، " لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيبة من نفسه " ، فهؤلاء لا ينبغي أن يسموا فقهاء ، ولا يجوز أن يستفتوا في الدين ، وهكذا الأزهريون الذين في مكتب التوجيه والإرشاء لا يجوز أن يستفتوا في الدين إلا من رحم الله منهم ، فربما يقال لأحدهم نريد منك أن تخطب اليوم في الوحدة مع أعداء الإسلام ، ويقوم ويأتي بخطبة رنانة في الوحدة معهم ، ويقولون له : نريد منك أن تخطب الناس وتحثهم على الدستور ، فيقوم ويأتي بخطبة في الدستور ، ونريد منك أن تأتي بخطبة في التجنيد ، ويقوم ويأتي بخطبة رنانة في التجنيد .
فهؤلاء لا ينفعون اليمنيين ، ولقد أحسن من قال : ليست النائحة المستأجرة كالنائحة الثكلى ، فأنت يمنى تقوم وبك غيره على دين الله ، وبك غيرة على مجتمعك ، وتتكلم بالحق ، وهو مسكين تسيره المادة كيفما تريد ، وكيفما يريد أصحابها ، فمثل هؤلاء الممسوخين لا يجوز أن يعتمد عليهم ، عليك أن ترحل لطلب العلم ، واستفت أهل العلم ، كما أنك ترحل إلى أمريكا وتذهب وتبيع لحم الخنزير والخمرة وتبيع المحرمات من أجل طلب الرزق ، فأنت تحرك سيارتك أو تلفونك إلى العلماء من أجل أن يفتوك في الأمر الذي يهمك ، أما أن تأخذه من الشارع فلا يكون الميزان عندك طول اللحية ، فأولئك المكارمة الذين هم أكفر من اليهود والنصارى لحاهم إلى صدورهم ، ولست أزهد في اللحية فإنها سنة ، ولا يكون الميزان عندك العمامة فأنظر إلى آيات إيران إنهم آيات الشيطان ، ولا يكون الميزان عندك الدكتوراه فعبدالعزيز المقالح عنده دكتوراه ، لا بد أن يكون الميزان قال الله ، قال رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - .
------------
راجع كتاب قمع المعاند ( 2 / 517 إلى 520 ) .