لا أعلم مانعاً من تعاون المسلمين الصالحين من الجن مع إخوانهم وقد قال الله في شأن سليمان : " يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب وقدور راسيات " ، قال في بيان المسخر لسليمان عليه الصلام : " والشياطين كل بناء وغواص " ، والذي يظهر أن المراد بالملك الذي لا ينبغي لأحد بعد سليمان هو السلطة ، أما التعاون على الخير فإنه لا يشمله لأدلة أخرى .
وقد ذكرت في ( الصحيح المسند من دلائل النبوة ) أن رجلاً كان خارجاً من خيبر وتبعه رجلان ثم تبعهما - أي الرجلين - رجل وصدهما عنه ، وقال : إن هذين - أي الشيطانين - يريدان إيذاءك فافرأ على رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - السلام وأخبره أنا نجمع صدقتنا ولو كانت تصلح له لأرسلنا بها إليه .
ويشمل الكل قوله تعالى : " وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان " ، لكن ينبغي للمتعاون مع الجني أو الذي يتعاون معه الجني أن يكون فقيهاً عالماً حتى لا يكون شيطاناً قد لبس عليه وأوهمه أنه مسلم ، فقد كان هنالك رجل من أهل صعدة يعالج المجانين ويعالج المرضى ، فربما يقول له الجني ويذهب إلى الجني إلى جرف ويتدارس معه القرآن ، فربما يقول له الجني : إن هذا المريض لا يشفى إلا بذبح ، فيقول له : الذبح حرام لا يجوز ، قال : هذا شرير الذي فيه وقد صرعه فلا يخرج إلا بذبح ، فمثل هذا لا يجوز أن يتعاون معه ، ولا أن يقبل تعاونه ، فإن الجني إما أن يكون جاهلاً ، وإما أن يكون شيطاناً قد تصور له وأراه أنه يساعده على علاج المرضى فلا بد من فقه في الدين لهذا ولهذا والله المستعان .
--------------------
راجع كتاب غارة الأشرطة ( 1 / 466 ).