سبب نزولها يبين معناها لأن سبب النزول كما يقول العلماء يبين المعنى ، فقد جاء في جامع الترمذي وسنن أبي داود فيما أذكر أن رجلاً خرج حتى خاض الصفوف في مواجهة الروم فقال المسلمون : أما هذا فقد ألقى بنفسه إلى التهلكة ، فقال أبو أيوب الأنصاري رضي الله تعالى عنه قال لهم : إنكم حملتم الآية في غير محملها ، ولكن كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - فلما أن الله سبحانه وتعالى أعز دينه ، قلنا لو بقينا وزرعنا فقد أعز الله دينه فأنزل الله سبحانه وتعالى : " وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ " .
سسب آخر أيضاً أن بعض الأنصار بخل بشيئ من المال في النفقة فأنزل الله : " وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ " [ البقرة : 195 ] .
ثم بعد ذلك من الناس من يستدل بها على أنك لا تأمر بالمعروف ولا تنهى عن منكر ولا تواجه أعداء الله ، هذا استدلال في غير موضعه ، لكن هناك أدلة أخرى التي هي مثل حديث : " لا ينبغي لمؤمن أن يذل نفسه " والظاهر أنه حديث أبي سعيد الخدري ، ومثل حديث أبي سعيد في صحيح مسلم : " من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ " .
نعم لا ينبغي لأحدٍ أن يذهب إلى جبل ويقول : أنا أرمي نفسي من ههنا ، أو يذهب إلى مالا يتحمله ومالا يطيقه فهذا سواء كان الاستدلال بهذه الآية أم بعمومات الشرع والله أعلم .