إذا تعلمها وظنه أنه عالم نرجو أن الله سبحانه وتعالى يعفو عنه فيما مضى ، أما إذا بلغته سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فلا يجوز أن تعارض بقول أي أحد ، إذا بلغت الشخص سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فلا يجوز أن يقال إن هذا العالم قد علمنا كذا وكذا ، لأن هذا العالم هو من يشمله قول الله عز وجل : " اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلاً ما تذكرون " ورب العزة يقول في كتابه الكريم : " ولا تقفوا ما ليس لك به علم " ، لا تتبع ما ليس لك به علم ، أنا الآن إذا قلت لك تصلي وتضع يديك هكذا وإذا ركعت ترفع هكذا ، وإذا سجدت تفعل هكذا ولم أقل لك قال رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - فهذا ليس بعلم ، العلم هو قول الله وقول رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - حتى إن ابن عبد البر المالكي يقول : أجمع العلماء على أن المقلد لا يُعد من أهل العلم ، وغالب أولئك تجدونه مقلدون المذهب والمذهب سواء أكانوا شافعية أم حنابلة أم مالكية أم زيديه إلى آخره ، غالبهم تجدهم مقلدين ، فاسألوا عن الدليل إذا أحببتم أن تكونوا طلبة علم ، سلوا عن الدليل ، يأتي الأعرابي إلى رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - فيقول : يا محمد إني ساءلك فمشددٌ عليك في المسألة فلا تجد عليّ في نفسك وهكذا إذا جلست عند العالم تسأله عن الدليل فإن كان يجد الدليل وإلا لو رحلت إلى بلدة أخرى .
إياك إياك أن تأخذ دينك من الشارع أو أنك تظن أن فلاناً عالم وليس بعالم ، الشهرة لا تكفي في هذا .
روى البخاري ومسلم في < صحيحيهما > عن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه أن رجلاً قتل تسعة وتسعين نفساً فسأل عن أعلم أهل الأرض فدُل على راهب ـ أي على شخص متعبد وهو جاهل ـ فدُل على راهب فسأله ـ يعني وهو في نظر الناس أعلم أهل الأرض خدعهم بعبادته ـ فسأله فقال له : هل لي من توبة قال : لا ، ثم قتله ، ثم سأل عن أعلم أهل الأرض فدُل على عالم فسأله قال وأخبره الخبر ، فقال : ومن يستطيع أن يحول بينك وبين التوبة ، ولكن أرضك أرض سوءٍ فهاجر عن أرضك ، فخرج مهاجراً إلى الله فأدركه الموت وهو في الطريق ، فنزلت ملائكة الرحمة تأخذه ونزلت ملائكة العذاب تأخذه ، ملائكة الرحمة يقولون : أتى تائباً ، وملائكة العذاب يقولون : ما عمل خيراً فقط ، فأرسل الله ملكاً ليحكم بينهم أن قيسوا ما بين الأرضيين فوجدوه إلى الأرض الطيبة أقرب بشبر ، وفي بعضها فنأى بصدره عند موته يقدم صدره ، هذا دليل على أننا ما نغتر بالشهرة ، الإمام مالك ملتزم ألا يروي إلا عن ثقة لكنه في ذات مرة روى عن ضعيف فقيل له : مالك رويت عن عبد الكريم بن أبي المخارق وهو ضعيف يا مالك ؟ قال : غرني بكثرة صلاته ، هكذا فالعبادة محمودة لكن لا تدع على أن الشخص عالم ، الزهد في الدنيا محمود لكن لا يدل على أن الشخص عالم ، الخطابة والوعظ محمود لكن لا يدل على أن الشخص عالم .
من الذي يعرف العالم هم العلماء ، العلماء هم الذين يعرفون أن ذاك عالم أو ذاك جاهل ، أما أن يكون في أرض الحرمين ويلبس له بشت ويدعي أنه كذا وكذا ، وأما عندنا ههنا وتراه في عمامته وتراه بالجبة وغير ذلك ، ولسنا ندعو إلى ازدراء العلماء لسنا والله ندعو إلى ازدراء العلماء ولا إلى احتقارهم فإن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - يقول : ( من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب ) لكن ندعو إخواننا إلى التثبت في العلم .