إن كان يتجسّس على مسلمين وهو مسلم فينبغي أن يهان ، وإن كان كافراً يتجسس على مسلمين فيقتل ، كما أمر النّبيّ - صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم - بقتل من تجسس عليهم بالمدينة ، وإن كان مسلم يتجسس على الكفّار فهذا أمر حسن ، وقد كان النّبيّ - صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم - يرسل جواسيسه إلى الكفّار ليعلم أخبارهم ، فقد قال ذات ليلة : " من يأتيني بخبر القوم " فما قام أحد لأنّ الليلة شديدة البرد ، فقال : " أنت يا حذيفة " ، فقام حذيفة وقال له النّبيّ - صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم - : " لا تحدثنّ شيئا " ، وذكر القصّة في غزوة الأحزاب ، وما حصل لهم من الذعر من الرّياح ثمّ رجع حذيفة في ليلة شديدة البرد قال : كَأَنَّمَا أَمْشِي فِي حَمَّامٍ لأنه ذهب إليهم استجاب لرسول الله - صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم - ، أمّا إرسال الجواسيس على الكفّار فهذا أمر حسن .
وأمّأ إرسال الجواسيس على طلبة العلم فهذا ضياع وقت لأنّ طلبة العلم ماذا يسمعوا منهم ؟ يسمعوا منهم قال رسول الله – صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم - : " خيركم من تعلّم القرآن وعلّمه " ، وقال أيضا : " الماهر بالقرآن مع السفرة البررة والّذي يقرؤه ويتتعتع فيه وهو عليه شاق فله أجران " ، ومن هذا الخير الذي يسمعه ، أنّ دعوة أهل السنّة فالحمد لله تنتشر بواسطة جاسوس ، تنتشر بواسطة حاسد ، نحن لا نوافق على هذه الوظيفة الدنيئة وإلا فهي تنتشر بالصحيح بعض الأوقات نقول لهم : بلّغوا لهم هذا عنّا والله المستعان ، ولو أمكن أن نقول جزاك الله خيراً لقلنا جزاهم الله خيراً ، لكنّا نقول : بلّغوا هذا عنّا ولا جزاكم الله خيراً .
----------
من شريط : ( شرح صحيح مسلم كتاب الإيمان الشريط الرابع )