يقول الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم فيما معناه : " إنا لا نعطي أمرنا هذا من سأله " فما رأيكم في طريقة الإعلانات التي يفعها بعض الناس ممن يكون في نفسه الرغبة إلى الوصول إلى أحد المراكز في الدولة ؟
الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أما بعد :
فإن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - يقول لأصحاب أبي موسى الأشعري كما في الصحيح وكانوا قد دخلوا مع أبي موسى فقالوا : يا رسول الله أمرنا على شيء من العمل ، فقال النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - : " إنا لا نعطي هذا الأمر من سأله " .
وفي الصحيح أيضاً أن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - قال لعبدالرحمن بن سمرة : " يا عبدالرحمن لا تسل الإمارة فإنك إن أعطيتها من غير مسألة أعنت عليها ، وإن أعطيتها بمسألة وكلت إليها " .
في هذين الحديثين أن الذي يطلب الإمارة لا ينبغي أن يعطاها ، ولا سيما مثل هذه الانتخابات التي تعتبر جاهلية ، وتعتبر ألعوبة على عقول الشعوب في أي بلد من البلاد الإسلامية ، وتعتبر مخالفة لكتاب الله ، ولسنة رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - ، فرب العزة يقول في كتابه الكريم : " أَفَمَن كَانَ مُؤْمِنًا كَمَن كَانَ فَاسِقًا ۚ لَّا يَسْتَوُونَ " [ السجدة : 18 ] .
ويقول سبحانه وتعالى في كتابه الكريم : " أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَّحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ ۚ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ " [ الجاثية : 21 ] .
ويقول سبحانه وتعالى في كتابه الكريم : " أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ " [ ص : 28 ] .
وهؤلاء بانتخاباتهم الجاهلية يساوون بين العالم والجاهل ، وبين المؤمن والفاسق ، بل ربما تجاوزوا الحد وساووا الرجل والمرأة ، ورب العزة يقول في كتابه الكريم : " وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنثَىٰ " [ آل عمران : 36 ] .
ونبينا محمد - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - يقول : " لا يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة " رواه البخاري في صحيحه من حديث أبي بكرة رضي الله تعالى عنه .
وهذه الانتخابات الذي ينبغي لمن تمسك بدينه ومن كان يهمه دينه أن يبتعد عنها ، ثم كما سمعتم قبل أنها ألعوبة على عقول الشعوب .
ففي الكويت كان هناك مجلس الأمة ، وبعد أن كثر فيه أهل الخير ألغي المجلس ، والاعتبار بالكثرة هو ميزان جاهلي ، رب العزة يقول في كتابه الكريم مبيناً لمن ينبغي أن يعتبر به يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم : " وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ ۖ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ " [ النساء : 83 ] .
فالواجب أن ترد الأمور إلى أصحابها ، فانظروا إلى ما قصه الله علينا من قصة قارون كيف كان حالة أهل الدنيا ، وكيف كان حالة أهل العلم ، أهل الدنيا ماذا قالوا عند أن خرج على قومه في زينته : " قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ * وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِّمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ " [ القصص : 79و80 ] ، قال الله سبحانه وتعالى : " فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنتَصِرِينَ * وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ ۖ لَوْلَا أَن مَّنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا ۖ وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ " [ القصص : 80و81 ] .
فالعلماء يضعون الأشياء مواضعها ، والجهال والفسقة الميزان عندهم دنيوي ميزان تقدم ، وميزان شهوات ، وميزان فسوق ، وأقبح من هذا أنه ربما ينتخب بعثي ، وربما ينتخب شيوعي ، وربما باطني ، ففي بلدنا باطنية ، وفي بلدنا إسماعلية مارقة أكفر من اليهود والنصارى بحراز وعراس وبصنعاء وهم قلة بصنعاء لا كثرهم الله ، وبالعطفين والفرع ، فكيف إذا صار الانتخاب وانتخب واحد منهم ماذا نتوقع ؟ نتوقع أن يحيوا لنا سنة علي بن الفضل القرمطي الإسماعيلي الذي سل سيفه على اليمنيين ، وأباح المحرمات بأجمعها ، ورب العزة يقول في كتابه الكريم : " وَلَن يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا " [ النساء : 141 ] .
لا يجوز أن ينتخب الشيوعي ، ولا يجوز أن ينتخب البعثي ، ولا يجوز أن ينتخب القرمطي الإسماعيلي ، ولا يجوز أن ينتخب الملحد ولو كانت عمامته مثل التورة ، ورب العزة يقول في شأن إبراهيم عند أن قال : " وَإِذِ ابْتَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ ۖ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا ۖ قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي ۖ قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ " [ البقرة : 124 ] .
ولو دكتور يدرس في الجامعة ، أو مدير الجامعة يجب أن نتقي الله سبحانه وتعالى في مجتمعنا ، يجب أن نتقي الله سبحانه وتعالى في بلدنا التي أثنى الله عليها ، النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - قال كما في الصحيحين : " الإيمان يمان ، والحكمة يمانية ، والفقه يمان " ، وقال أيضاً كما في الصحيح أيضاً أخبر أن اليمنيين أرق أفئدة وألين قلوباً ، وقال كما في الصحيح من حديث عبدالله بن عمر : " اللهم بارك لنا في شامنا وفي يمننا " ، قالوا : وفي نجدنا يا رسول الله ، قال : " اللهم بارك لنا في شامنا وفي يمننا " ، قالوا : وفي نجدنا يا رسول الله ؟ ، قال : " اللهم بارك لنا في شامنا وفي يمننا " ، قالوا وفي نجدنا يا رسول الله ؟ قال : " منه الزلال والفتن ، ومنه يطلع قرن الشيطان " .
وهناك خصيصة لليمنيين لا يشاركهم فيها أحد تلكم الخصيصة ما رواه مسلم في صحيحه في كتاب الحوض : أن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - قال : " إني لبعقر حوضي أذود الناس بعصاي لأهل اليمن " ، ومعنى الحديث : أن الناس يزدحمون يوم القيامة على الحوض ونبينا محمد - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - يأخذ عصاه ليقرع الناس حتى لا يزاحموا أهل اليمن .
فعلي بن الفضل القرمطي الملحد له أتباع بيمننا أخبث من اليهود والنصارى ، وأخبرت أن بعضهم يرشح نفسه ، وأخبرت أن البعثيين أرسلوا بمادة كبيرة من أجل الانتخابات ، هذه الانتخابات لا حاجة لها أصلاً ، فالبلد لها حاكم وينبغي أن يرد الأمر إلى العلماء حتى يختاروا أناساً صالحين من أهل الحل والعقد ، أما الخمار إذا صارت له مكانة فتأكدوا أنها ستصدر الأوامر بإباحة دخول الخمر إلى بلدنا ، وستصدر الأوامر من الشهواني بإباحة دخول الزانيات والمومسات إلى بلدنا ، وهكذا أيضاً أعداء الدولة من الرافضة أخبرت أنهم برازح ترشح نحو خمسة عشر شيعياً في منطقة رازح وحدها يتسابقون ، لسنا نقبل من حكومتنا وفقها الله للخير أن تقول إن هذه عدالة ، نحن مأمورون بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وبأن نضع الرجل المناسب في المكان المناسب .
الانتخابات أثرها سيئ ألا تعلمون أنهم قد صوتوا في بلد من البلاد الكفرية على أن يتزوج الرجل بالرجل ، نعم يا إخواننا الانتخابات والتصويتات تعتبر طاغوتية ورب أمر في أمريكا أو في غيرها من البلاد التي بها التصويت يعلم المسئولون الكبار أن فيه الرشاد لكن لا يستطيعون تنفيذه من أجل الانتخابات ومن أجل التصويتات ، فنحن مسلمون ورب العزة يقول في كتابه الكريم : " وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ۚ " [ الشورى : 10 ] .
ويقول : " فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ " [ النساء : 59 ] .
نرد ما تنازعنا فيه إلى كتاب الله ما نرده إلى مجلس الشعب ما نحكم في فروج نسائنا وما نحكم في دمائنا وما نحكم في أموالنا وما نحكم في أعراضنا أناساً جاهلين ، ثم بعد ذلك نريد أن نجعلهم محكمين في مثل هذه الأمور ، هذا أمر لا ينبغي أن يوسوس فيه إخواننا المسئولون ، ولا ينبغي أن يوسوس فيه الشعب اليمني ، وهذه الكثرة ليست بمعتبرة يقول الله سبحانه وتعالى : " وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ " [ يوسف : 103 ] ، ويقول سبحانه وتعالى : " وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ " [ الأنعام : 116 ] .
نحن الآن ليس هناك مجلس شورى ثم ما ندري إلا ومسئول من ذوي الوجاهة في الدولة وإذا هو يجعل ابن أخيه أو صهره أو كذا يجعله مدير ضرائب أو يجعله مدير جمارك أو يجعله مسئولاً كبيراً وهو خمار ، نحن ضائقون ذرعاً بهذا الأمر فكيف إذا أسند الأمر في مجلس الشعب إلى من ؟ أسند إلى الجاهلين ، أهذا دين الإسلام ؟
إنه يجب على الواعظ ، ويجب على المرشد ألا يتكلم إلا في حدود ما يعلم ، الكثرة ليست بمعتبرة .
بقي علينا ما إذا عرفت من نفسك الكفاءة وأن مقامك هذا سيكون دعوة فهل لك أن تتقدم ، إذا كان رجلاً صالحاً ولا يرى من يستطيع لشغل ذلك المنصب ويريد أن يستغله للدعوة إلى الله فلا بأس أن يتقدم لذلكم المنصب ، دليلنا على هذا قوله تعالى حاكياً عن يوسف عليه السلام : " قَالَ اجْعَلْنِي عَلَىٰ خَزَائِنِ الْأَرْضِ ۖ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ " [ يوسف : 55 ] ، هذا في منصب يستغله للدعوة .
أما هذه الانتخابات فنقول لهم أول شيء تكون شرعية ثم بعد ذلك لا تكون شرعية إلا أن يرد الأمر الأخ الرئيس حفظه الله تعالى إلى أهل العلم ليختاروا الرجال الصالحين في أعمالهم فإنه يجب أن يسند الأمر إلى أهله ، وقد عرفتم حديث أبي هريرة الذي في < صحيح البخاري > أن رجلاً جاء إلى النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - فقال : يا رسول الله متى الساعة ؟ ، فسكت النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - أو استمر النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - في كلامه فلما انتهى قال : " أين السائل ؟ " ، فقال : ها أنا ذا يا رسول الله ، قال رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - : " إذا ضيعت الأمانة " قال : كيف إضاعتها ؟ ، قال : " إذا وسد الأمر إلى غير أهله " .
فينبغي أن نحذر كل الحذر من توسيد الأمور إلى غير أهلها فإن المسلمين والشعوب أيضاً جاهلة لا يعرفون الصالح من الطالح ؛ بل قد انتهى بكثير من الناس ألا يفرق بين الشيوعي والمسلم ولا بين العالم والمنجم فالله المستعان .
فالأمر من حيث هو ليس بمشروع ، والمشروع أن يرد الأمر إلى العلماء هذا هو المشروع والله المستعان .
---------------
راجع كتاب : ( إجابة السائل ص 268 إلى 274 )