الدعوة نفسها توقيفية ؛ وأما الوسيلة قد يحتاج الداعي إلى الله أن يستعمل السياسة ، ويحتاج تارة يتكلم ، وأخرى يسكت ، وينظر إلى المصلحة ، وتارة يغلظ ، وتارة يخفف ، فلا بد أن ينظر إلى المصلحة .
والذي يظهر لي أن وسائل الدعوة غير توقيفية لكن بشرط ألا يخالف الكتاب والسنة ، أما أن يحلق لحيته ويقول : أحلقها من أجل الدعوة فهذا وسوسة شيطانية ، فالمعصية نفسها تذل صاحبها ، وتهزم صاحبها هزيمة نفسية " وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ. ثُمَّ أَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ " ، وقال سبحانه وتعالى : " وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآَخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ " ، وقال سبحانه وتعالى : " إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا ۖ" .
فالذنوب قد تكون سبباً للهزيمة النفسية ، وعدم الوثوق بالنفس ، فلا بأس أن الشخص يتصرف في حدود ما فعله النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - ، على أن هذا الذي ذكرته من الشدة في مواضع ، واللين في مواضع ، وكذلك أيضاً الكلام في مواضع ، والسكوت في مواضع كل هذا وارد عن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - والله المستعان .
------------
من شريط : ( الأجوبة العلمية على الأسئلة الوصابية )