أيهما يبدأ بالتحذير من شرك القبور أم من شرك الحاكمية ؟

الزيارات:
4471 زائراً .
تاريخ إضافته:
25 شوال 1434هـ
نص السؤال:
تنتشر في مصر شرك القبور والاضرحة واللجوء إليها عند الشدائد وطلب المدد والنصرة من أصحابها ، وأيضاً عندنا شرك الحاكمية المتنفذ في الأحكام الطاغوتية المخالفة لشرع الله وسنة رسوله الكريم - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - فما هو الواجب علينا حيال هذا الشرك المتفشى في الناس هل نبدأ دعوة الناس بإعلامهم بشرك القبور أو لا ، أم أن نعرفهم أن الحكم بغير ما أنزل الله شرك قبل الكلام عن شرك القبورين ، بأي النوعين نبدأ في دعوة الناس ؟
نص الإجابة:
نبدأ بما بدأ به النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - تخليص العقيدة من شوائب الشرك ، والنبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - كان يعرض نفسه على القبائل ويقول لهم : " أيها الناس قولوا : لا إله إلا الله تفلحوا " .
والذين يدعون غير الله ، ويتمسحون بأتربة الموتى ، ويعتقدون بالحروز والعزائم ، هؤلاء حجر عثرة في طريق الدعوة ، وفي طريق الجهاد في سبيل الله .
انتهى بالرافضة الحال إلى أن يقولوا : الوهابية اضر علينا من الشيوعية ، وانتهى بهم الحال إلى أن يتقاعدوا ويتعاهدوا مع الشيوعيين من أجل القضاء فيما يزعمون على الوهابية ، ويعنون بالوهابية الدعاة إلى الله الذين يدعون إلى كتاب الله وإلى سنة رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - .
وفي < الصحيحين > أن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - عند أن أرسل معاذاً إلى اليمن قال : " إنك ستأتي قوماً من أهل الكتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً رسول الله ... " وذكر بقية الحديث .
فإن قال قائل : إن الحكم بغير ما أنزل الله شركُ أيضاً ، فالأمر كما يقول ، يقول الله عز وجل في كتابه الكريم : " أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ ۚ" [ الشورى : 21 ] ، ويقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم : " أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَن يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا " [ النساء : 60 ] .
فالداعي يهتم بتنقية العقيدة ، وبالتربية الإسلامية ؛ لأن هؤلاء القبوريين ، وهؤلاء الصوفيين مستعدون أن ينضموا إلى أعداء الإسلام من أجل القضاء على الدعاة إلى الله ، والأمر من زمن قديم أن أصحاب الأهواء ينضمون مع اليهود والنصارى ضد المسلمين كما ذكر هذا شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه الذهبي ، شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه < منهاج السنة > ، وتلميذه الذهبي في < المنتقى > ، وتلميذه ابن كثير في < البداية والنهاية > .
فالرافضة والصوفية لهم مواقف ضد المسلمين مع أعداء الإسلام ، وما أشبه الليلة بالبارحة ، بعض الصوفية يتجسس على الدعاة إلى الله ، وبعض القوريين والرافضة أيضاً يقف في صف الشيوعيين في هذا الزمن ضد الدعاة إلى الله ، والله سبحانه وتعالى يقول في كتابه الكريم مبيناً أن دعاء غير الله شرك : " وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ ۚ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ " [ المؤمنون : 117 ] ، ما يفلح يا إخواننا الذي ينادي البدوي ، والذي ينادي السيدة زينب ، بعض الأزهريين إذا عثر قال : يا ست زينب !! ، وهكذا البدوي ، وقبر الحسين المكذوب أنه مقبور في مصر وهو مكذوب .
المهم بلايا ابتلي بها المسلمون ، في ذات مرة ونحن في شبرا بمصر مررنا بدكان مكتوب عليه : يا سيدي الحسين مدد ! ، فقال الإخوة : نذهب وننصحهم ، ووجدوا امرأتين في الدكان عجوزين ، فقال الإخوة : إن هذا شرك ، إحداهن قالت : طيب جزاكم الله خيراً ، والأخرى قالت : لا ! هذا من زمان ، وما أنتم بأعلم من فلان ، ولا أنتم أعلم من فلان ، وانتهى الغلبة إلى هذه المرأة التي قالت : لا يُزال .
فالأمر خطير يا إخواننا ، يجب أن يُهتم بالقضاء على هذه العقيدة الخبيثة التي وقفت في طريق الدعاة إلى الله ، ووقفت في طريق المصلحين .
فإن قال قائل : إن هؤلاء الطواغيت أيضاً يقفون في طريق الدعاة إلى الله ، فالأمر كما قلت ، والأمر سهل تهتم بشأن العقيدة ، وبمحاربة البدع والخرافات ، ثم ممكن في خطبة واحدة أن تنبه على هذا وهذا ، والأمر سهل ، وكله شرك ، أقصد أننا ما نقول مثل بعض الجماعات تتخصص وتتكلم في شأن القبور ولا تتكلم في الحاكمية ، أو نقول كبعض الجماعات تهتم بالحاكمية وليس هذا وقت إنكار القبور ، ولا الإنكار على التسمح بأتربة الموتى ، ولا الإنكار على الطواف على القبور ، ما نقول بهذا ، كل هذا منكر يجب إزالته .
والصنعاني في كتابه < تطهير الإعتقاد > يقول : إن أهل كل بلد لهم وثن ينادون به ، ولقد أحسن إذ يقول رحمه الله تعالى في الشيخ محمد بن عبدالوهاب :
لقـد جـاءت الأخـبـار عـنـه بـأنـه
يـعيـد لـنـا الشرع الشريف بما يـبـدي
ويـنشر جـهـراً مـا طوى كل جـاهـل
ومبـتـدع مـنـه ،فـوافـق ما عـنـدي
ويـعـمر أركـان الشريعـة هـادمـــاً
مشاهـد ضـل الناس فـيها عـن الـرشـد
أعـادوا بـهـا معـنى سـواع ومـثلــه
يـغـوث وود ، بـئـس ذلـك مــن ود
وقـد هتـفوا عـنـد الشدائد باسمـهــا
كـمـا يـهتـف المضطر بالصمـد الفـرد
وكم عقروا في سوحها من عقيرة
أهـلـت لـغـير الله جـهـراً على عمـد
وكم طائف حول القبورمقبل
ومسـتـلم الأركـان منـهـن بـاليــد
فهذا شأن المسلمين في كثير من البلاد الإسلامية ، فلا بد أن يهتم بهذا وبهذا ، ويُغلب جانب الإهتمام بتخليص العقيدة من الشركيات ومن البدع والخرافات ، لا ننتظر أن القبوريين سينصرون دين الله ، ولا ننتظر أن الصوفيين المبتدعة سينصرون دين الله ، ما ينصر دين الله إلا على أيدي الموحيدين الصادقين المخلصين في دعوتهم الذي يهمهم أمر المسلمين ، أما الذي يهمه أن يدجل على الناس ويرتزق بالدجل والشعوذة ، ويرتزق من قراءة القرآن ؛ الرسول - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - يقول كما في < سنن أبي داود > عن جابر رضي الله عنه ، وقد اختصم اثنان في شأن القراءة ، فقال : " اقرا فكلكما محسن ، فإنه سيأتي أقومٌ يتعجلونه ولا يتأجلونه " أي يتعلجون ثواب القرآن ولا يتأجلونه لا يدخرونه للآخرة ،والله المستعان .
فالمهم لا بد من الجمع بين هذا وهذا ، والأهتمام أكثر بتخليص العقيدة من شوائب الشركيات ، والله المستعان .

السائل : يا أبا عبدالرحمن كأنكم ترون أن الأخوة في النصح يهتمون بتصفية العقيدة وأن الكفر بالطاغوت هو جزء من العقيدة وليس هو كل العقيدة ؟
الشيخ : الأمر كما قلت ، ذكرتني شيئاً مهماً وكنت أقوله لإخواني وقد قلته غير مرة ، أقول : بعض الشباب المصريين شأنه كشأن الشيعة ، الشيعة عندهم كأن الدين كله محبة أهل البيت ، وبعض الشباب المصريين كأن الدين كله مواجهة الحكام ، والدعوة إلى مناوأة الحكام ، فالأمر كما قلت بارك الله فيك ، فالإنكار على الحكام ، وبيان طاغوتيتهم ، وبيان ما هم عليه هذا أمر مهم ، والحمد لله أهل السنة يقومون بهذا وبهذا ، لكن بعض الجماعات في مصر وفي السودان على القبور والمنجمين والحاكمية ما يتكلمون عنها ، لا ، لا بد من هذا وهذا كله توحيد " وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ " [ المائدة : 44 ] ، " أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ ۚ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ " [ المائدة : 50 ] ، فلا بد من هذا وهذا ، والحمد لله .

---------------
من شريط : ( رسالة إلى الشباب المصري )

تصنيف الفتاوى

تفريع التصنيف | ضم التصنيف