حكم شد الرحال إلى القبور ؟

الزيارات:
5734 زائراً .
تاريخ إضافته:
25 شوال 1434هـ
نص السؤال:
الناس عندنا في شد الرحال إلى صنفين : الأول : الذين يشدون الرحال إلى القبور بقصد الطواف والذبح والنذر واعتقاد النفع والضر . الثاني : من يشد الرحال لا لقصد صرف العبادة لغير الله عز وجل ولكن لقصد التبرك بالمكان والتصدق على الفقراء في ذلك المحل والتصدق بالشموع والبخور ونحوها مما يستخدمه سدنة القبور ، فما حكم الصنف الأول وما حكم الصنف الثاني ؟
نص الإجابة:
أما الصنف الأول الذين يشدون الرحل لدعاء الأموات ، والإستغاث بهم ، والطواف على قبورهم فهذا يعتبر شركا ، ورب العزة يقول في كتابه الكريم : " وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ " .
ويقول أيضا بعد أن ذكر جملة من الأنبياء في سورة الأنعام : " وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ " .
ويقول أيضا في سورة الفرقان : " وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا " .
هذا إن قال قائل ما الدليل على أنه شرك ، فقد روى أبو داوود في < سننه > والترمذي في < جامعه > عن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله و سلم - : " الدعاء هو العبادة " ، ثم قرأ النبي - صلى الله عليه و على آله وسلم - قوله تعالى : " وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ " .
وقوله أيضا : " وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ ۚ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ " ، فسماهم كافرين .
وقوله أيضا : " وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَن لَّا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَومِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَن دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاء وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ " ، شاهدنا منه قوله : " وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ " .

أما النوع الثاني فهي تعتبر : زيارة بدعية ، على أن شد الرحل إلى القبور منهي عنه ، فالنبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - كما في < الصحيح > يقول : " لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد : المسجد الحرام ، ومسجدي هذا ، والمسجد الأقصى " .

أما الثاني فيعتبر بدعة ، و أيضا قصده التبرك ، و ما يدريه أن ذلك الشخص عنده بركة و أنه من أهل الجنة ، لا نستطيع أن نجزم لشخص بأنه من أهل الجنة ، إلا من جزم له النبي - صلى الله عليه و على آله وسلم - ، لكن نرجو للمحسن الجنة ، ونخاف على المسيء من الموحدين من النار أي أن يدخلها ويعذب فيها ما شاء الله ثم مآله إلى الجنة .

والتصدق على أؤلئك يعتبر إعانة لهم ، و رب العزة يقول في كتابه الكريم : " وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ " ، فهم جديرون بأن يضربوا بالسياط ، وأن يطردوا عن تلكم الأماكن التي يُضلون الناس بها ، قد فعل الولي بفلان كذا وكذا ، وفعل الولي بفلان كذا وكذا ، وفعل الولي بفلان كذا و كذا ، حتى يملئوا قلب الزائر خوفاً و رعباً ، وقد ذكرنا عن الشوكاني في < الذر النضيد > : أن شخصاً من العامة دخل إلى قبر أبي طير - المقبور بحاشد - ورأى الأنوار عليه ورأى الكساء على القبر فإذا هو يقول : أمسيت يا أرحم الراحمين ، يظن أنه الله سبحانه وتعالى .
فالمهم أؤلئك السدنة الذين يختلسون أموال الناس هم إلى ضربهم بالسياط أحوج ، بل إذا دعوا إلى التوبة و لم يتوبوا إلى ضربهم بالسيف أحوج ، لأنه يدعو إلى الفساد : " إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ " ، فهم حقيقون بأن يطردوا عن ذلكم المكان ، أو أن يضربوا بالسيوف لو وجدت دولة بها غيرة على دين الله والله المستعان .
هكذا أيضا لا يجوز لشخص أن يحملهم على سيارته في تلك الزيارة الشركية المتقدمة ، ولا الزيارة البدعية المتأخرة ، وهذه كما يقول الصنعاني رحمه الله تعالى في كتابه القيم < تطهير الإعتقاد > : لكل أهل بلد وثن ينادون به ، ويستغيثون به ، وقال رحمه الله تعالى في القصيدة التي أرسلها إلى الشيخ محمد بن عبدالوهاب قال :

لـقـد جـاءت الأخبار عنه بـأنـه *** يعيد لنا الشرع الشريف بما يبدي
وينشر جهراً مـا طوى كـل جـاهـل *** ومبتدع منـه فـوافـق مـاعـنــدي
ويعمـر أركـان الشريعة هـادمـا *** مشاهد ضـل الناس فيها عن الـرشد
أعـادوا بها معنى سواعا و مثله *** يـغوثـا وود بئس ذلـك مــن ودي
وقد هتفوا عند الشدائد باسمها *** كما يهتف المضطر بالصمد الفـرد
وكـم عقـروا في سوحها من عقيرة *** أهلت لغيـر الله جـهـرا على عبـدي
وكـم طـائف حـول الـقبـور مقبلٍ *** ومشتمل الأركـان منهن بـالأيـدي .

-------------
من شريط : ( أسئلة شباب ليبيا ) .

تصنيف الفتاوى

تفريع التصنيف | ضم التصنيف