حينما يطلب الإنسان العلم يريد أن يخرج هذا العلم إلى الناس فكيف تكون الدعوة السليمة للعامة
الزيارات:
3426 زائراً .
تاريخ إضافته:
26 شوال 1434هـ
نص السؤال:
حينما يطلب الإنسان العلم يريد أن يخرج هذا العلم إلى الناس فكيف تكون الدعوة السليمة للعامة ، فهناك من يقول في هذه الجماعات أيضاً : إننا لا بد أن ندعو الناس إلى الصلاة أولاً ، وهناك من يقول : إننا لا بد أن نتحبب ونتودد إليهم ونتركهم على معاصيهم وعلى ما هم فيه من أخطاء ثم بعد ذلك نوضح لهم ولا نأتي لهم بعقيدة إلى غير ذلك من أمور الإسلام ، وإذا كان هذا خطأ والصواب هو تعليم الناس العقيدة فما الطريقة المثلى لتعليم هؤلاء العامة عقيدتهم ؟
الإجابة فيما رواه البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - لما بعث معاذاً إلى اليمن قال : " إنك ستأتي قوم من أهل الكتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً رسول الله ، فإن هم أجابوك لذلك فأخبرهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في اليوم والليلة ، فإن هم أجابوك لذلك فأخبرهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم ، وإياك وكرائم أموالهم ، واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب " .
فهذا الذي ينبغي أن يبدأ به وهي مسألة العقيدة ، ثم لا بأس أن يتودد إلى الناس وأن يتحبب إليهم لكن يتودد إليهم بحق وبصدق ، إن وجدهم نافرين عن هذا الأمر ، ولا يستطيع أن يقاومهم ، فأنصحه أن يبدأ بتعليم القرآن ، ومن خلال تعليم القرآن يستطيع أن يتكلم على بعض الآيات ، وإذا وجدوا النفع به فهم بإذن الله سيقبلون كلامه ، وإذا وجدهم معرضين فأنصحه أن يبدأ بالقرآن ، والقرآن توحيد كما يقول ابن القيم رحمه الله تعالى يقول : لأنه إما توحيد ، وإما إخبار عما أعد الله للموحدين من النصر في الدنيا والكرامة في الآخرة ، وإما إخبار عما فعل الله بمن عاند التوحيد ورد التوحيد ، وإما تشريع لأهل التوحيد ، فالقرآن يعتبر توحيداً .
ومصعب بن عمير عن أن أرسل إلى المدينة بدأ بالقرآن ، وبأذن الله الأمور تتيسر ، ثم بعد ذلك لا ينبغي أن يتوقع أن الناس كلهم سيستجيبون له ، والرسول - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - يقول : " حفت الجنة بالمكاره ، وحفت النار بالشهوات " فأنت تحول بين الناس وبين كثير من شهواتهم .
والشأن كل الشأن أن يصبر الشخص ، وإذا صبر فالله عز وجل يقول في كتابه الكريم : " وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور " .
لابد أن يصبر على التعليم ، وأن يصبر على الأذى ، وأن يصبر على ما يحصل له ، فإن الله عز وجل ابتلى العلماء بالجهال ، وابتلى الجهال بالعلماء قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم : " وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون " .
فلا بد من صبر على التعليم ، وعلى الأذى ، وعلى المتاعب ، وعلى الجوع ، وعلى العري ، إذا كان يهمه أمر المسلمين ، وليس شيئ في هذا الزمن أنفع للإسلام والمسلمين من التعليم ، لأنهم عند أن أعرضوا عن التعليم أصبحوا أتباع كل ناعق ، يُشنق العلم ويقال : إنه مجرم مخرب ، لأن الشعوب جاهلة قد ضللت عليها وسائل الأعلام ، فلا بد من الصبر والاحتساب ، ولأن يهدي الله على يديك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم .
وأنت إذا صبرت على تعليم أبناء المسلمين سترى النتيجة إن شاء الله ، ما عملوه من خير سيكتب لك مثله ، ففي ( صحيح مسلم ) عن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - أنه قال : " من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من عمل به لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً ، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه وزراها ووزر من عمل بها لا ينقص ذلك من أوزارهم شيئاً " .
درجة عالية درجة الأنبياء : " يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً * وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً " ، والدعوة إلى الله هي وضيفة الأنبياء : " ادع إلى سبيل ربك بالحكة والموعظة الحسنة " ، وكما أننا مأمورون أن نصلي وأن نحج وأن نتعامل بالمعاملة التي أتى بها النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - ونصلي كما صلى النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - لقوله : " صلوا كما رأيتموني أصلي " ، " وخذوا عني مناسككم " ، فالدعوة كذلك ، ندعو كما دعا النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - .
ولسنا مفوضين في هذا الأمر حتى نبيح للناس التلفزيون ، ونبيح لهم حلق اللحى ، ونبيح لهم التبرج والسفور من أجل أن يتبعونا ، ونبيح لهم البنوك الربوية : " ليس لك من الأمر شيئ " .
ويقول الله عز وجل لنبيه محمد - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - : " فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك وضائق به صدرك " .
ويقول : " يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس " .
ويقول أيضاً : " ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء " .
ويقول أيضاً : " فاستقم كما أمرت " .
ويقول أيضاً : " فاستقيموا إليه " .
بل أعظم من ذلك كله : الوعيد الشديد لمن انحرف وظن أنه مفوض في دين الله ، يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم : " ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك ثم لا تجد به علينا وكيلاً " .
ويقول سبحانه وتعالى في كتابه الكريم : " ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئاً قليلاً * إذاً لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثم لا تجد لك علينا نصيراً " .
ويقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم : " فما أرسلناك عليهم حفيظاً إن عليك إلا البلاغ " .
ويقول سبحانه وتعالى : " فذكر إنما أنت مذكر * لست عليهم بمصيطر " .
والذين يظنون أنهم مفوضون يصبحون فضيحة أمام المجتمع ، بالأمس يقول لنا : لا بأس بحلق اللحية ، واليوم يقول لنا حرام ، ويقول : التلفزيون لا بأس به ، والآن يقول لنا إنه حرام ، فتنتزع الثقة منهم والله المستعان .
وأقصد بالتعليم : التعليم في المساجد ، العلم الشرعي ، وليس التعليم في المدارس المختلطة , الجامعات ، والكلام المتقدم أن المسلمين أعرضوا عن تعليم الكتاب والسنة ، وعن العلم الديني ، والكلام وإن كان فيه مطلق ومقيد وعام وخاص إلى آخره .
السائل : قلت : أن ندعو كما دعا رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - والشيخ الألباني يقول : لا بأس بأن يجتهد في الدعوة ما لم يخالف الكتاب والسنة ؟
الشيخ : لا بأس ، والأفضل هو الدعوة والاقتداء برسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - فنحن لسنا مفوضين في دين الله .
وأقصد من هذا أننا لا نبيح محرماً من أجل مصلحة الدعوة ، ولا نرتكب بدعة من أجل مصلحة الدعوة ، ولا نترك واجباً من أجل مصلحة الدعوة ، وإذا وجد في الأمر هذا جائز وهذا جائز ، ورأيت الناس ينفرون من أحد الأمرين ينبغي أن تعمل بما لا ينفرون منه مثل : الصلاة بالنعال فهي مستحبة ، وهي أفضل من عدم الصلاة في النعال ، لكن الصلاة في النعال إذا كان يحصل نفور فينبغي أن لا تصلي في نعليك والله المستعان .
-----------------
راجع كتاب غارة الأشرطة ( 2 / 434 إلى 437 )