ما السبيل لطلب العلم ؟ وما المنهج الذي ينبغي أن يسير عليه طالب العلم ، وكذلك كيف يصبر على طلب العلم ، وجزاكم الله خيراً ؟
الزيارات:
4725 زائراً .
تاريخ إضافته:
26 شوال 1434هـ
نص السؤال:
في مصر خاصة وفي العالم العربي جميعاً يعيش الفرد المسلم وخاصة الشاب المسلم في حيرة من أمره بسبب تعدد الجماعات ، فقد ضاع في الجماعات وفي البحث عن الحق فيها ، وأخيراً ربما يمن الله تبارك وتعالى عليه بالهداية وبطلب العلم ، فما السبيل لطلب العلم ؟ وما المنهج الذي ينبغي أن يسير عليه طالب العلم ، وكذلك كيف يصبر على طلب العلم ، وجزاكم الله خيراً ؟
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله .
أما بعد :
فالسبيل إلى طلب العلم : هو السبيل الذي سلكه السلف الصالح رضوان الله عليهم ، فكان السلف رضوان الله عليهم يبدءون بحفظ القرآن ، ثم بعد حفظ القرآن يأخذون من اللغة العربية ما تستقيم به ألسنتهم ، ثم يسمعون الحديث ، فهذا الذي ينبغي أن يبدأ به .
والنبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - يرغب أمته في حفظ القرآن ، فروى الإمام مسلم في ( صحيحيه ) عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - يوماً لأصحابه : " أيكم يحب أن يغدو إلى بطحان أو إلى العقيق فيأتي بناقتين كوماوين من غير أثم ولا قطيعة رحم ؟ " قالوا : كلنا يحب ذلك يا رسول الله ، قال : " لأن يغدو أحدكم إلى المسجد فيتعلم آية خير له من ناقة ، وآيتين خير له من ناقتين ، وثلاث وأربع خير له من أعدادهن " .
وهكذا سنة رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - ، ثبت عن زيد بن ثابت رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - قال : " نضر الله امرءاً سمع مقالتي فوعاها ، ثم أداها كما سمعها " ، ومعنى نضر الله امرءاً : الدعاء له بالنضرة لوجهه بأن يكون وجهه ذا نضرة حسنة ، وبهجة حسنة .
فالعلم الذي أعرض عنه المسلمون كان سبباً - أي الإعراض - في بعدهم ، وفي تشتتهم ، وفي تأخرهم : " يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم دراجات " .
وفي ( صحيح مسلم ) عن عمر رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أنه قال : " إن الله يرفع بهذا الكتاب أقوماً ويضع به آخرين " .
العلم الذي زهد فيه كثير من المسلمين ، ومن أبناء المسلمين ، وأقبلوا على علوم دنيوية ، يقول الله سبحانه وتعالى فيها : " فأعرض عن من تولى عن ذكرنا ولم يرد إلا الحياة الدنيا * ذلك مبلغهم من العلم " ، ويقول : " يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون " .
الغفلة حصلت بسبب الإقبال على العلوم الدنيوية ، وترك كتاب الله ، وسنة رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ، فتجد الطالب يستطيع أن يعد شوارع صنعاء أو شوارع الإسكندرية أو شوارع بغداد ، وإذا سألته عن آية من كتاب الله أين موضعها وفي أي سورة ؟ أو سألته عن حديث من أحاديث رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم- وجدته عاطلاً ، فما هكذا كانت سيرة سلفنا رضوان الله عليهم ، الذين يقول الإمام مالك رحمه الله تعالى : لا يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها ، وصدق الإمام مالك رحمه الله تعالى .
فإنك تجد السني سواء أكان في أرض الحرمين ، أم في نجد ، أم في مصر ، أم في اليمن أم في السودان ، أم في أي بلد تجد كلامه وكلام أخيه الذي هو في بلد آخرى ، وتجد عقيدته وعقيدة أخيه لا تختلف ، فكم من شخص يأتيني ويقول : سمعنا في مكان كذا وكذا - وهو من العامة - مثل كلامك ، فهم يظنون أن طالب العلم يأتي بشئ جديد ، ولكن منهج أهل السنة في جميع البلاد اللإسلامية منهج واحد قال الله ، قال رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ، وهذا هو شأن سلفنا الصالح رضوان الله عليهم .
ثم إن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أوصى عند الاختلاف بالرجوع إلى سنته ، فهو القائل - صلى الله عليه وعلى آله وسلم- كما في حديث العرباض بن سارية : " فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً ، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين ، عضوا عليها بالنواجذ " .
فسنة رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أمان من الضلال ، وسنة رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أمان من الاختلاف ، أوصى بها النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم- وبين أن من لم يتمسك بالسنة فقد هلك .
فقد روى الإمام أحمد في ( مسنده ) عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال : " إن لكل عمل شرة ، ولكل شرة فترة ، فمن كانت فترته إلى سنتي فقد اهتدى ، ومن كانت فترته إلى غير ذلك فقد هلك " .
وفي ( مسند الإمام أحمد ) عن جابر وكعب بن عجرة والمعنى متقارب : أن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال لكعب بن عجرة : " يا كعب بن عجرة أعاذك الله من إمارة السفهاء " ، قيل : وما إمارة السفهاء يا رسول الله ؟ قال : " أمراء يكونون بعدي لا يستنون بسنتي ولا يهتدون بهدي ، فمن صدقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم فليس مني ولست منه ولا يرد علي الحوض ، ومن لم يصدقهم بكذبهم ولم يعنهم على ظلمهم فأولئك مني وأنا منهم وسيردون علي الحوض " أو بهذا المعنى .
وفي حديث حذيفة أن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ذكر الدخن قال : وما دخنه يا رسول الله ؟ قال : " قوم لا يستنون بسنتي ولا يهتدون بهديي " .
فترك سنة رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يعتبر ضلالاً ، وقد رأينا التخبط من المعرضين عن سنة رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ، فقد أصبح الإخوان المسلمون عندنا باليمن يظاهرون ويدعون إلى القتال تحت راية ( صدام ) كالغنم السائبة .
وطالب العلم ننصحه إن وجد من يعلمه السنة فذلك ما كنا نبغي ، وإن لم يجد حرص على اقتناء كتب السنة ، ثم بعد ذلك يقرأ ما استطاع ، وإن استطاع أن يرحل فالرحلة مشروعة بل هي سنة .
ومن المؤسف جداً أن أهل السنة أكثر العالم الإسلامي ، ولكن بسبب تفرقهم وبسبب ضياعهم وإهمالهم بعضهم بعضاً أصبحوا أذل العلم الإسلامي ، وإلى الله المشتكى .
فسنة رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم- كما أنها أمان من الهلال والضلال والزيغ فهي عز لك أيها المسلم والله المستعان .
---------------------
راجع كتاب غارة الأشرطة ( 2 / 431 إلى 434 )