إذا صدر خطأ أو أكثر من عالم من علماء السنة عن إجتهاد أو تأويل هل يكون ذلك داعياً للتشنيع عليه من قبل أهل السنة ؟

الزيارات:
5818 زائراً .
تاريخ إضافته:
16 صفر 1433هـ
نص السؤال:
إذا صدر خطأ أو أكثر من عالم من علماء السنة عن إجتهاد أو تأويل هل يكون ذلك داعياً للتشنيع عليه من قبل أهل السنة ؟
نص الإجابة:
الرجل لا يُشنّع عليه ، لكن القول الخطأ يُبين ، القصد أنه لا يُنفر عن علمه كله ، لا بد من العدالة أن يُبين ماله من الخير ومن المنزلة ، ثم بعد ذلك يُحذر مما أخطأ فيه ، مع أننا نعتقد إن شاء الله أن له أجراً ، وناهيك بخطأ يكون له أجر ؛ فقد ثبت في الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - أنه قال : " إذا اجتهد فأصاب فله أجران ، وإذا اجتهد الحاكم وأخطأ فله أجر " ، ثم رب العزة يقول في كتابه الكريم : " فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا " دليلٌ على أن الشخص قد يخطئ ، أخطأ داود .
نأتي الآن بمثال وهو في الصحيح : أن امرأتين أتيا إلى داود وقد أخذ الذئب ولد واحدة ، وكل واحدة تدعي أن الولد الثاني هو ولدها ، فدخلتا إلى داود فحكم به للكبرى ، ثم خرجتا ومرتا بسليمان ، فقال : ائتوني بسكين ، فقالوا : ماذا تريد ؟ ، قال : أريد أن أشقه بينكما نصفين ، فقالت الصغرى : لا تفعل رحمك الله هو ابنها ، وقضى به للصغرى ، فخالف أباه ، والحديث في < صحيح البخاري > ، ولقد أحسن من قال :
من الذي ما ساء قط *** ومن له الحسنى فقط
ويقول اللآخر :
ولست بمستبق أخا لا تلمه *** على شعث أي الرجال المهذب

فكلٌ يصيب ويخطئ ، والصحابة رضوان الله عليهم قد أخطأ كثيرٌ منهم كما في < رفع الملام عن الأئمة الأعلام > لشيخ الإسلام ابن تيمية ، وأخطأ أيضاً كثيرٌ من الأئمة حتى إن الزمخشري يقول مبيناً لبعض أخطاء الأئمة التي نسبت إليهم يقول :
وإن يسألوا عن مذهبي لم أبح به *** وأكتمه كتمانه لي أسلم
فإن حنفياً قلت قالوا بأنني *** أبيح الطلا وهو الشراب المحرم
وإن مالكياً قلت قالوا بأنني *** أبيح لهم لحم الكلاب وهم وهم
وإن شافعياً قلت قالوا بأنني *** أبيح نكاح البنت والبنت تحرم
وإن حنبلياً قلت قالوا بأنني *** ثقيل حلولي بغيض مجسم
وإن قلت من أهل الحديث وحزبه *** يقولون تيس ليس يدري ويفهم
تعجبت من هذا الزمان وأهله *** فما أحد من ألسن الناس يسلم

أنت إذا قرأت بارك الله فيك < تفسير ابن كثير > ، وهكذا < فتح الباري > ، و < المحلى > لأبي محمد ابن حزم ، وهكذا أيضاً < نيل الأوطار > وغيرها من الكتب التي تذكر الخلافات تجد أخطاء لعلمائنا السابقين ، وأنا آتي الآن بمثال وهو في < الصحيحين > أن عدي بن حاتم لما أنزل الله سبحانه وتعالى : " وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ " فصار يضع تحت وسادته خيطين ويأكل في رمضان ويشرب حتى يتبين له الخيط الأبيض من الخيط الأسود حتى أنزل الله : " مِنَ الْفَجْرِ " ، وجاء عدي بن حاتم يسأل رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - فقال له : " إن وسادك لعريض إنما هو بياض النهار وسواد الليل " .
وهكذا أيضاً بعض الصحابه كان يربط خيطين في ساقه خيطاً أبيض وخيطاً أسود ولا يزال يأكل حتى يتبين له هذا الخيط من هذا الخيط حتى أنزل الله : " مِنَ الْفَجْرِ " .
وقد ذكر أبو محمد ابن حزم في كتابه < إحكام الأحكام > نبذة كبيرة من أخطاء سلفنا الصالح .
ثم بعد ذلك أيضاً ربما يشنعون على الشخص وهو مجرد اختلاف أفهام ، فالاختلاف اختلاف تنوع ، واختلاف تضاد ، واختلاف افهام :
فاختلاف الأفهام حدث للصحابه رضي الله عنهم ولم ينكر بعضهم على بعض ، اختلاف التنوع يقول شيخ الإسلام ابن تيمية : لا ينكره إلا جاهل ، اختلاف التضاد هو الذي ينكره السلف وهو أن يخالف الشخص دليلاً صحيحاً صريحاً بدون برهان .

---------------
من شريط : ( منهج أهل الحديث )

تصنيف الفتاوى

تفريع التصنيف | ضم التصنيف