أما البدعة فحكمها أنها محرمة ، والنبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - يقول : " كل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار " .
ويقول النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - : " إن الله حجب التوبة عن كل صاحب بدعة حتى يدع بدعته " .
وليس في الإسلام بدعة حسنة ، والنبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - يقول كما في الصحيحين : " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " ، ويقول كما في ( صحيح مسلم ) مسنداً ، وعند ( البخاري ) معلقاً : " من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد " .
ورب العزة يقول في كتابه الكريم : " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً " .
وأما قول القائل : إن هناك بدعة حسنة وربما استدلوا بحديث جرير بن عبدالله البجلي الذي رواه مسلم أن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - قال : " من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة لا ينقص من أجورهم شيئاً ، ومن سن في الإسلام سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة لا ينقص من أوزارهم شيئاً " .
فهذا الحديث سببه يبين أن المراد بالسنة الحسنة أن تشجع الناس على فعل خيري ، قد قصروا فيه فأول الحديث عن جرير بن عبدالله رضي الله عنه قال : بينما نحن جلوس عند رسول الله إذ طلع أناس من مضر أو عامتهم من مضر عراة مجتابى النمار ، فتمعر وجه النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - لما رأى بهم من الفاقة فأمر منادياً أن ينادي : الصلاة جامعة ، ثم حضروا وقرأ النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - : " يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء " .
وقرأ أيضاً : " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد " .
ثم قال النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - : " تصدق رجل من صاعه ، تصدق رجل من ثوبه ، تصدق رجل من درهمه ، تصدق رجل من ديناره " ، فجاء من الأنصار بصرة تكاد كفه تعجز عنها بل قد عجزت منها فتتابع الناس حتى رأيت كومين عند رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - كوماً من ثياب ، وكوماً من طعام قال : فرأيت وجه رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - يتلألأ كأنه مذهبة ثم قال : " من سن في الإسلام سنة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة لا ينقص من أجورهم شيئاً ، ومن سن في الإسلام سنة سئية كان عليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة لا ينقص من أوزارهم شيئاً " .
فذلك الرجل شجع الناس على الصدقة ، والصدقة مشروعة ، وليست ببدعة .
واستدلوا أيضاً بجمع القرآن ، ولكن جمع القرآن تصديق لقول الله عز وجل : " إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون " .
وربما استدلوا ببعض البدع المحدثة وليست بحجة ، فالحجة كتاب الله وسنة رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - .
وإني أنصح بقراءة كتاب ( الاعتصام ) للشاطبي ، وقراءة كتاب ( البدع والنهي عنها ) لمحمد بن وضاح الأندلسي ، وقراءة كتاب ( الاعتصام ) من صحيح البخاري .