ما حكم البقاء في أمريكا إذا كان الإنسان يعمل بما يأمره دينه والعمل بالحلال والبعد عن المحرمات وذلك لصعوبة الأوضاع في اليمن والرغبة الخالصة لوجه الله في الدعوة في أمريكا لمساعدتكم ؟
الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .
أما بعد : فالحكم يختلف باختلاف الأشخاص ، فمن كان مقتدراً متمكناً على إقامة دينه ببلاد المسلمين فيحرم عليه أن يُسافر إلى بلاد الكفار إلا للدعوة .
الله سبحانه وتعالى يقول في كتابه الكريم : " إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا * إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا " .
أما من لم يستطع إقامة دينه بأرض المسلمين ، أو يخشى على نفسه من القتل من حكامهم أو من السجن أيضاً من الحكام وهو آمن على نفسه من الفتنة في أمريكا أو غيرها من دول الكفر فلا بأس بذلك إن شاء الله .
من خرج للدعوة إلى الله فهذا أمرٌ حسن بشرط أن يكون لديه من العلم ما يكفيه " قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ " .
من ذهب إلى هنالك وهو آمن على نفسه من فتنة المال فإن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - يقول : " لكل أمة فتنة وفتنة أمتي المال " ، ومن فتنة زخارف الدنيا وبهرجتها هنالك ؛ فإن الله عز وجل يقول لنبيه محمد - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - : " لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ " .
ويقول : " وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى " .
ويقول : " وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ۖ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا " .
فالصبر على الشدائد في بلد المسلمين خيرٌ من الترفه والتنعم في بلاد أعداء الإسلام ، وهكذا أيضاً يكون آمناً على نفسه من فتنة النساء ؛ فإن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - يقول : " ما تركت فتنة بعدي أضر على الرجال من النساء " وهو في الصحيح من حديث أسامة بن زيد .
ويقول : " والله ما الفقر أخشى عليكم ولكن أخشى أن تبسط عليكم الدنيا فتنافسوها كما تنافسوها فتهلككم كما أهلكتهم " .
فمن كان داعياً إلى الله وهو آمن على نفسه من الفتن لأنه ربما توجد فتنٌ هنالك لا نعرفها مثل : الربا والتأمين إلى غير ذلك من الفتن التي لا نعرفها ، فمن ذهب للدعوة إلى الله وهو آمنٌ على نفسه فلا بأس بذلك ، وبشرط كما تقدم أن يكون متظلعاً من العلم النافع والعقيدة الصحيحة والله المستعان .
--------------
من شريط : ( أسئلة بعض إخواننا في الله بأمريكا )