حكم مساعدة القاتل بالدية

الزيارات:
6147 زائراً .
تاريخ إضافته:
16 صفر 1433هـ
نص السؤال:
القاتل يقتل عمداً فهل يجوز للقبيلة أن تساعده في الدية إذا طُلبت منه الدية وقُبلت منه الدية ؟
نص الإجابة:
قبل كل شيئ الله عز وجل يقول في كتابه الكريم : " ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيماً "
ويقول سبحانه وتعالى في كتابه الكريم : " والذين لا يدعون مع الله إله آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاماً يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً " .
وثبت عن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - أنه قال : " يأتي المقتول تشخب أوداجه دماً فيقول : يارب سل هذا فيم قتلني ؟ فيؤخذ به فيزج في النار " .
وفي الصحيح عن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - قال : " أول مايقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء " .
وفي الصحيحين أيضاً عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه أن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - قال : " ما أحل الله دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث : الثيب الزاني ، والنفس بالنفس ، والتارك لدينه المفارق للجماعة " .

فقتل النفس المحرمة من الكبائر كما في حديث أبي هريرة : " اجتنبوا السبع الموبقات " ، وذكر منها : " قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق " .

فالقاتل المتهور لا يجوز أن يشجع على عمله ، وفي الصحيحين عن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - أنه قال : " انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً " ، فقيل : أنصره إذا كان مظلوماً فكيف أنصره إذا كان ظالماً ؟ قال : " تحجزه وتمنعه " أو بهذا المعنى .

فالمتهور على دماء المسلمين واجب على المسلمين أن يأخذوا على يده ويمنعوه ، ولا نقول كما يقول كثير من الناس : إن رأيت الخصم وإلا فابن عمه ، وبين إخوانك مخطئ ولا وحدك مصيب .
وأقبح من هذا ما يدندن به :
على العز والناموس ندخل جهنم ************ ولا جنة الفردوس بين المهانة .

أيها المسكين أنت الذي في المهانة في الدنيا والآخرة ، وإذا لم تتق الله عز وجل فأين العز منك وأنت مستعبد للشيوعيين والبعثيين والناصريين ، ومستعبد لأمريكا .
وفي بعض البلاد ربما لا يستطيعون أن يضيئوا الكهرباء ولا السراج في الليل إذا أضيئ السراج لم يشعروا إلا بالرماية والرصاص ، فأنت في قلق ، وفي ذل ، وكل هذا بسبب المعاصي ، وبسبب عدم التقيد بكتاب الله ، وبسنة رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - .

وأما هل يجوز أن يساعد في الدية ؟
فلا أعلم مانعاً من هذا ، يساعدونه ويأخذون على يديه إن اعتدى يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم : " وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان " يجوز للقبيلة أن تساعده إذا زلت قدمه ، وأظهر التوبة ، حتى ولو لم يظهر التوبة فيجوز لعله يتوب ولعله يرجع ، فيجوز أن يساعدوه ، وأن يأخذوا على يديه حتى لا يحدث فعلة أخرى .
وثبت عن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - أنه نهى عن الأخذ بذحل الجاهلية ، وذحل الجاهلية هو أن يكون للشخص مقتولاً قتله بنو فلان ، ثم يعرفون الحق ، ويعرفون الكتاب والسنة ويرون القاتل أو جماعة القاتل ويقول : عندهم دم ، سنقتلهم ، فقد نهى النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - عن هذا .

والله عز وجل يقول في كتابه الكريم : " ومن قتل مظلوماً فقد جعلنا لوليه سلطاناً فلا يسرف في القتل إنه كان منصوراً " .
نعم ، قد جعل الله له سلطاناً فالقاتل يكون ذليلاً ، فلا يسرف في القتل ويقتل بالواحد اثنين ، ولا يسرف في القتل ، فيقول : اذهب وأقتل شيخ القبيلة ، أو يقول : إن رأيت الخصم وإلا فابن عمه ، فكل هذا يعتبر إسرافاً في القتل ، والنبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - يقول : " من قتل له قتيل فهو بخير النظرين : إما الدية ، وإما القصاص " ، وبقي في بعض الأحاديث : " العفو " .
فيطلب من قرابة المقتول أن يعفوا ، ويطلب منهم أن يتنازلوا عن القصاص إلى الدية ، وإذا أبوا فالقصاص : " ولكم في القصاص حياة " .

وعند أن أهملت الحدود أصبح الناس خائفين على أنفسهم ، وعلى أعراضهم وعلى أموالهم ، وكل هذا بسبب إهمال الحدود ، وبسبب تقدم وتطور فيما يزعمون المجتمع ، وهو تأخر .

ومما يتصل بالكلام على الذبح لغير الله ، والتي تسمى عندنا بـ(المناصد ) ، وعند آخرين بـ(الهجر ) ، وعند آخرين بـ( الصفا ) ، وعند آخرين بـ(الوصلة ) ، وعند آخرين بـ(الوادي ) ، فهذه الأمور لا تجوز ، ولم نذكر الحلول ، وقد ذكرناها في ( المخرج من الفتنة ) ، ولكن وقت الخطابة ينسى الشخص مما يريد أن يقوله .

فمن الحلول طلب العفو ، فإذا لم يقبل العفو فطلب الصلح ، والصلح جائز بين المسلمين إلا صلحاً أحل حراماً أو حرم حلالاً .
والحل الثالث هو : القصاص .
فالذي لا يرضى بهذه الحلول العفو ، أو الصلح ، أو القصاص ، فمعناه أنه لايرضى بحكم الله ، والذي لا يرضى بحكم الله فليس نقيصة على المجتمع ، فإذا قالوا : إنهم إذا لم نذبح عندهم سيتقاتلون ، دعهم يتقاتلوا فليسوا بنقصة على المجتمع .
الذي لا يحكم كتاب الله ، وسنة رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم- " أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله " فلا يلزموننا بالباطل ويقولون : إذا لم نذهب نذبح سيتقاتلون ، فنقول لهم : إذا لم يحكموا الكتاب والسنة فدعهم يتقاتلون فإن الشيطان هو الذي يدفعهم وهو الذي يحارش بينهم فلا نرتكب محرماً من أجل ألا يتقاتلوا والله المستعان .

-------------
راجع قمع المعاند : ( 2 /454 إلى 458 )

تصنيف الفتاوى

تفريع التصنيف | ضم التصنيف