ابن حزم -رحمه الله تعالى- في بعض كتبه كـ«المحلى» و «الإحكام في أصول الأحكام» خدم الدين خدمة عجيبة وإن كان في أوائل «المحلى» بما يتعلق بالعقيدة زلت قدمه وسنتكلم عليها فيما بعد، فهو خدم الدين خدمة عجيبة ووقف في وجوه المبتدعة المقلدين، وكان أكثر تحامله على الحنفية باعتبار بعدهم عن السنة، وعلى المالكية لأنه عاش بينهم حتى إنهم سلطوا الحكام وأحرقوا كتبه فقال -رحمه الله-:
فإن تحرقوا القرطاس لا تحرقوا الذي
تضمنه القرطاس بل هو في صدري
يسير معي حيث استقلت ركائبي
وينزل إذ أنزل ويدفن في قبري
دعونا من إحراق رق وكاغد
وقولوا بعلم كي يرى الناس من يدري
وإلا فعودوا في المكاتب بدأة
فكم دون ما تهوون لله من عذر
وربما أغلظ القول على المبتدعة والناس ليسوا آلفين لهذا، وربما جمد على الظاهر وهذا الجمود يعتبر خطأ؛ فنحن مخاطبون بالظاهر ومن أخذ بالظاهر استراح من اختلاف الناس، لكن إذا جاء دليل يوجب تأويل الظاهر فيؤول.
أما في العقيدة فزلت قدمه وأكثر ما ذكر هذا في كتابه «الفصل في الملل والنحل» قال الحافظ ابن كثير -رحمه الله تعالى- في ترجمته من «البداية والنهاية»: وإن هذا لعجب إذ هو جامد في العبادات والمعاملات، ومؤول في العقيدة. ففيه شيء من التجهم -رحمه الله- لا يجوز أن يتبع عليه.
أما العالم البصير فهو يستفيد أيما استفادة من كتابه «المحلى» حتى قال ابن عبدالسلام: ما أمنت على نفسي في الفتوى حتى قرأت «المحلى» لابن حزم و«المغني» لابن قدامة.