التقليد حرام، لا يجوز لمسلم أن يقلد في دين الله؛ فرب العزة يقول في كتابه الكريم: ﴿اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلا ما تذكرون﴾، ويقول: ﴿ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا﴾، ويقول: ﴿وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون﴾، ويقول قائل المشركين: ﴿إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون﴾.
والشيخ محمد بن عبدالوهاب -رحمه الله- في كتابه «مسائل الجاهلية» عد التقليد أصلا من أصول الكفر، فواجب علينا أن نربط المسلمين بكتاب الله وبسنة رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-.
فإن قال قائل: العامي لا يفهم؟ أقول له: هل كل شيء كلفه الله سبحانه وتعالى؟ فإن كان من أصحاب البيع والشراء، فيجب عليه أن يتعلم أحكام البيع والشراء، وهكذا الجهاد يتعلم كيف ومن يجاهد. فأنت تعلمه بقول الله وقول رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- فإن لم يفهم قلت له: أنا سأتحرى في فعلي هذا قول النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، وأنا لست بحجة فيجب عليك أن تطالبني بالدليل فالحجة كتاب الله وسنة رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-.
وجزى الله شباب أهل المدينة خيرا فقد كانوا يوزعون العوام عليهم، فكل واحد يحج بمجموعة ويتحرى أن يخبرهم بأعمال رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-.
فالتقليد لا يجوز، والذين يبيحون تقليد العامي للعالم نقول لهم: أين الدليل؟، ثم هل العامة أكثر أم العلماء؟ بل العامة أكثر. فإذا لم نربطهم بكتاب الله وبسنة رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- فقد يأتي النصراني ويشككهم في دينهم أو البعثي أو الرافضي أو الشيوعي، فقد خرج أقوام يجالدون بسيوفهم مع المختار بن أبي عبيد الثقفي الذي ادعى النبوة، وخرج أقوام يجالدون بسيوفهم مع الخوارج الذين قال فيهم النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «إنهم كلاب أهل النار»، «يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية»، وخرجت أمم بمدافعها ورشاشاتها تقاتل مع الاشتراكيين، وخرجت أمم تقاتل مع البعثيين؛ وما خسرنا مجتمعاتنا الإسلامية إلا بسبب التقليد. فعلينا أن نربط الناس بكتاب الله وبسنة رسوله الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، يقول الله تعالى: ﴿اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلا ما تذكرون﴾.
والأخوة المسلمون الأعاجم معرضون للتلبيس، لأنهم لا يفهمون كتاب الله وسنة رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، ومن ثم لبس الخميني لا -رحمه الله- على كثير من الناس، حتى أصبح الإخوان المسلمون يقولون: الإمام الخميني، ويقولون: علينا أن نفعل مثل الإمام الخميني. فلما عرف الناس وصاروا ينتقدونهم، قالوا: رافضي. فانظر إلى تلونهم، فما أسرع ما يتلون الإخوان المسلمون وما أسرع تقلبهم.
وهكذا أحمد القادياني لبس على كثير من الهنود والباكستانيين وقاموا معه واتبعه أمة، وكذلك أحمد التيجاني الصوفي الخبيث قاموا معه.
والصوفية عندنا في اليمن الأسفل وفي حضرموت، والشيعة في شمال اليمن، كم من مغفل يتخذونه كالكرة ويقوم يدافع مع الشيعة «أهل بيتي كسفينة نوح من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق وهوى»، ويقول: بأننا مع أهل البيت ومع الفرقة الناجية، وهذا المسكين عنده الفرقة الناجية من العمشية إلى ضحيان، وبقية أمة محمد -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- في النار.
فهذا هوس ويصدقه بعض أبناء القبائل وبعض كبار السن من أبناء القبائل على أنه قد رجع قوم كثير بحمد الله، وقد أصبح الشيعي هاهنا منبوذا حتى قال بعض الشيعة لبعض مشايخ القبائل: إن كنتم لا تريدوننا فعاملونا معاملة اليهود فلماذا تقدرون اليهود ولا تقدروننا، فبحمد الله التلبيس قد انقضى وسنة رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قد انتشرت والفضل في هذا لله سبحانه وتعالى.
أما التقليد في الأمور الدنيوية فلا بأس بذلك.
وبقي حرمة تقليد الكفار في عاداتهم وهذا يستدعي وقتا طويلا والنبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يقول: «من تشبه بقوم فهو منهم»، ولكنني أحيل الأخ القارئ على كتاب عظيم ليس له نظير في بابه وهو كتاب «اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم» لشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-.
----------
راجع كتاب : " تحفة المجيب ص 205 إلى 208 "