أشكر لهم هذا الموقف ، وبحمد الله ذهبت التلبيسات ، فقد قال قائل من الإخوان المسلمين في خطبة : من لم يسجل في التجمع فهو منافق ، وقالوا أيضاً : مثله كمثل الذي لا يصلي ، ونحن نصحنا في حدود ما نستطيع .
فأنا أنصحهم كما قال النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - : " لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين " ، فلا يتركوا التجمع ويذهبوا ويسجلوا في الحزب الاشتراكي ، ولا يتركوا التجمع ويسجلوا مع أصحاب جمعية الحكمة .
اصبروا على العلم ، فإنكم لن تحصّلوا العلم إلا بالصبر ، واقرأوا سيرة رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - أنُصر الإسلام بالعمائر ؟! ، أنُصر الإسلام بالسيارات ؟! ، أنُصر الإسلام بالدنيا ؟! أم نُصر الإسلام برجال صادقين مخلصين ، فأنصحهم أن يقرأوا سيرة النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - ، وسيرة الصحابة ، وأن يتقوا الله في أعمارهم ، فعمرك هو رأس مالك ، لا تجعل عمرك تجارب .
سآتي لك بأوصاف الحزبيين من أجل ألا تنتقل من حزبية إلى حزبية ، فإذا أتاك الحزبي وقال : أنا مستعد أن أساعدك لكن نريد أن تسجل معنا ، وأنا مستعد أن أقيم مدرسة تحفيظ قرآن عندكم لكن نريد أن تسجل الطلاب معنا ، وربما لا يقولون هذا ، فربما يقولون : نحن مستعدون أن نقيم معهداً عندكم ولا يقولون لكم شيئاً ، لكن إذا وجد من الطلاب من يستطيع يدير المعهد ، فأنت يا مدير إما أن تسجل معنا وتكون معنا وإلا نصبنا غيرك من هؤلاء الطلاب .
فالمهم استغلت مدارس تحفيظ القرآن والمعاهد ، والجمعيات الخيرية للدعوة إلى الحزبية ، فهل لكم أن تصبروا وتصابروا فإن الله عز وجل لم يقل : وجعلنا منهم أئمة لما كانوا أكثر أموالاً ، بل قال الله سبحانه وتعالى : " وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا " .
فلن تستطيعوا أن تتغلبوا على أنفسكم وعلى المجتمع إلا بالصبر ، ومن أتاكم يطلب منكم أن تبايعوه ويقول لكم : أنا أريد أن أساعدكم ، فقولوا له كما قلنا نحن لمن أراد أن ساعدنا للدعوة : تساعدنا بدون قيد أو شرط ، فلسنا مستعدين لأن نبيع دعوتنا ، ولا أن نبيع أنفسنا بالدرهم والدينار ، : " تعس عبد الدرهم ، تعس عبد الدينار ، تعس عبد القطيفة ، إن أعطي رضى ، وإن لم يعط سخط " ، فأنت تعلم أن الله سبحانه وتعالى لن يضيعك .
وأنا أقول لك : عندنا هاهنا في دماج ما انسد بابٌ إلا فتحت أبواب : " وكأين من دابةٍ لا تحمل رزقها الله يرزقها وإياكم " ، " وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها " ، " إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين " .
ففي ذات مرة كتب إليّ أحد الإخوة الغيورين على الدين من مكة وقال : أراهم يدخلون في سلفية عبدالرحمن عبدالخالق ، ولكن قال : مطعم النفس قاتلها ، والأمر كما يقول حفظه الله فلا تبقى دنساً تبيع عمرك ومستقبلك ، وتبيع الدعوة بالدرهم والدينار .
لا بد أن تصبر ، فلن تحصل على علم ، ولا تحصل على نتيجة دعوة إلا بالصبر .
أما إذا كنت تارة مع هذا ، وأخرى مع هذا ، وأنا أدري أن كثيراً من الشباب يدخلون في بعض الأحزاب أو في بعض الجمعيات وليسوا مقتنعين بها ، ولكن ربما جاء لهم شيء من المساعدة وجعلهم يغضون الطرف .
فنخشى عليك ، وإن كنت تقول : أنا سأدخل معهم وبعد أيام إن شاء الله أغير ، أو أدخل معهم من أجل المادة ولا اتبعهم .
والنبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - يقول : " تعرض الفتن على القلوب كعرض الحصير عوداً عوداً ، فأيما قلب أشربها نكتت فيه نكتة سوداء ، وأيما قلب أنكرها نكتت فيه نكتة بيضاء ، حتى تصير على قلبين : على أبيض مثل الصفاء لا تضره فتنة ما دامت السموات والأرض ، والآخر أسود مرباداً كالكوز مجخياً لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً إلا ما أشرب من هواه " .
وأنا أقول : إننا نناشد كل داعٍ يدعو في اليمن أن يتعاون مع إخوانه أهل السنة ، فلا تتعاونوا مع فلان أو فلان ، فنحن عجزنا عن أن نقوم بربع العشر مما يُطلب منا ، واتركوا هذه الحزبية وبولوا عليها ، فإنها شتت شمل المسلمين ، وأعتقد أنها مخطط من قبل أمريكا ومن قبل أعداء الإسلام .
وإن تعجب فعجب أيمانهم أنهم ليسوا بحزبيين ، فلا أدري هل أصبحوا لا يبالون بالأيمان الفاجرة ، أم أنهم لا يعرفون الحزبية ، فلا تظن أنك ستحلف بالله أنك لست بحزبي ولا تدعو إلى الحزبية ، ثم تقول : إنني سأكفر ، فهذه ليست فيها كفارة ، فهي يمين غموس ، إذا لم تتب تغمس صاحبها في النار إن شاء الله .
فالأمر خطير ، ومن كان لديه بطاقة سواء كان من المؤتمر الشعبي ، أو كان من التجمع ، أو حزب الحق ، وهذه التسمية ظلم ، أن نطلق على حزب الشيعة حزب الحق الذين هم آله لكل طاعن في الإسلام ظلم ظلم ، وسنسميه ( حزب الحُق ) بضم الحاء وهي تسمية على ما هي عليه فإن الحزبية ضيقة ، فدعوة أهل السنة ما شاء الله منتشرة ومحبوبة لدى الناس .
فأنصح كل أخ عنده بطاقة أن يحرقها : " قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له " توجه لله سبحانه وتعالى وأخلص له ، ودع عنك هذه الحزبيات . والله المستعان .
---------
المصدر : كتاب " قمع المعاند ( 2 / 355 - 357 ) "