يلاحظ على بعض من ينتسب إلى السلفية الاشتغال بالنقد والتحذير من الفرق وإهمال طلب العلم وآخر اعتم بالعلم وترك التحذير حتى وصل بهم الأمر أنهم قالوا إن النقد ليس من منهج أهل السنة في شيء فما الصواب في ذلك

الزيارات:
6882 زائراً .
تاريخ إضافته:
26 شوال 1434هـ
نص السؤال:
يلاحظ على بعض من ينتسب إلى السلفية الاشتغال بالنقد والتحذير من الفرق وإهمال طلب العلم وآخر اعتم بالعلم وترك التحذير حتى وصل بهم الأمر أنهم قالوا إن النقد ليس من منهج أهل السنة في شيء فما الصواب في ذلك ؟
نص الإجابة:
هؤلاء الذين يشتغلون بالنقد والتحذير يعتبرون مفرطين فى طلب العلم ومفرطين فى شأن النقد فعلماؤنا إذا نظرت إلى ترجمة ابن أبي حاتم وجدته حافظاً كبيراً بل لقب بشيخ الإسلام ، وهكذا الإمام البخارى ، والإمام أحمد بن حنبل ، ويحيى بن معين ، ويحيى بن سعيد القطان ، وأبو حاتم ، وابو زرعة ، والدار قطنى ، وابن حبان ، والحاكم فقد أخرجوا المؤلفات النافعة فى التفسير وعلم الحديث ، وألفوا الكتب النافعة وحفظوا لنا سنة رسول الله - صلى الله عليه وعلى اله وسلم - ، واخرجوا الكتب النافعة فى الجرح والتعديل .
فلابد من الجمع بين هذا وهذا وإلا كان الشخص ناقصا ومفرطا .
وانا أسألك بأى ميزان تزن الناس إذا كنت جاهلا بالعلم النافع ؟ أتزنهم بالهوى ؟! أم بما قال لك الشيخ فلان ؟ فإذا تراجع الشيخ فلان تراجعت ، وإذا حمل على طائفة حملت فلابد من الجمع بين هذا وهذا .

والطرف الأخر الذين يهتمون بالعلم ولا يرفعون رأساً إلى الجرح والتعديل فهذا الطرف فى نظرى أحسن من الطرف الأول ، لأن الطرف الأول يتصدى لما ليس من شأنه أن يتصدى له ، لكن هذا الطرف هدم جانبا مهما .
ورسالة أخينا بكر بن عبد الله أبي زيد < تصنيف الناس بين الظن واليقين > تعتبر أردى ما ألف ، فكثير من مؤلفاته بحمد الله تعتبر من أحسن المؤلفات فجزاه الله خيرا .
أما أن يهدم الجرح والتعديل فإن الله عز وجل يقول فى كتابه الكريم :" وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَّهِينٍ * هَمَّازٍ مَّشَّاء بِنَمِيمٍ* مَنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ* عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ " [القلم 10-13 ]
ويقول أيضاً : " تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ* مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ*سَيَصْلَى نَاراً ذَاتَ لَهَبٍ* وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ* فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ* " [المسد 1- 5 ] .
والله سبحانه وتعالى يجرح أبا لهب ويجرح امرأته أيضاً ، وموسى عند أن أراد أن يبطش بالقبطى قال لصاحبه : " إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُّبِينٌ" [القصص 18 ] .
فهذا دليل على جواز التجريح .
والنبى - صلى الله عليه وسلم - يقول لرجل : " بئس أخو العشيرة " فلما دخل ألان له الكلام ، فسألته عائشة فقال : " إن شر الناس من تركه الناس اتقاء فحشه " , أخرجه البخارى ومسلم من حديث عائشة .ويقول أيضاً كما فى ( الصحيح ) من حديث عائشة تقول له امرأة أبى سفيان : إن أبا سفيان رجل شحيح لا يعطينى ما يكفينى ، فالنبى - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - يقرها على جرح أبي سفيان .
والنبى - صلى الله عليه وعلى اله وسلم - يقول : "من سيدكم يا بنى سلمة ؟ " قالوا : الجد بن قيس ؛ على أنا نبخله ، فقال النبى - صلى الله عليه وعلى اله وسلم - : " أي داء أدوأ من البخل ؟ سيدكم عمرو بن الجموح " .
ويقول النبى -صلى الله عليه وعلى آله وسلم - لمعاذ بن جبل : " أفتان أنت يا معاذ ؟ "، ويقول لأبى ذر : " إنك رجل فيك جاهلية " ، ويقول لبعض نسائه : " إنكن صواحب يوسف " .
وروى البخارى فى (صحيحه ) أن النبى - صلى الله عليه وعلى اله وسلم - قال : " ما أظن فلانا وفلانا يعرفان من ديننا شيئا " وتفسير الليث بن سعد على أنهما منافقان لم يسلَّم له .
ويقول النبى - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - لحمل بن مالك بن النابغة ، وقد قال النبى - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - فى امرأة ضربت امرأة أخرى فأسقطت جنينها فقال : " فيه غرة عبد أو أمة " فقال حمل بن مالك بن النابغة : يا رسول الله ! كيف ندي من لا شرب ولا أكل ولا صاح ولا استهل فمثل ذلك يطل ! فقال النبى - صلى الله عليه وعلى اله وسلم - : " إنما هذا من إخوان الكهان " من أجل سجعه .
ويقول النبى - صلى الله عليه وعلى آله وسلم : " هلك المتنطعون ، هلك المتنطعون " ، ويقول فى الخوارج : " إنهم كلاب أهل النار " ، ويقول أيضاً : " إنهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية" .
فالذى يزهِّد فى الجرح والتعديل فهو يزهد فى السنَّة ، فإن لم يكن هناك جرح وتعديل فإن كلام الداعى إلى الله العالم الفاضل مثل كلام على الطنطاوى ، أو مثل كلام محمود الصواف ، أو مثل كلام محمد الغزالى ، أو مثل كلام حسن الترابى ، أو مثل كلام الشعراوى ، أو مثل كلام الشيعة الرافضة ، أو مثل كلام الصوفى حسن السقاف .

فأنا أقول : لا يزهد فى هذا العلم إلا رجل جاهل ، أو رجل فى قلبه حقد ، أو رجل يعلم أنه مجروح ، فهو ينفر عن الجرح والتعديل لأنه يعلم أنه مجروح .

وأبى الله إلا أن ينصر دينه وأن يعلى كلمته وأن يظهر الحق ، فأصبح أهل السنة يلهجون بالجرح والتعديل وكأنهم كانوا نياما فيسر الله لهم بمن يوقظهم ، فما كانوا يتكلمون فى الجرح والتعديل وكأنه خاص بزمن البخارى ومسلم ، ألا نجرح الآن من يقول : الديمقراطية لا تتنافى مع الإسلام ، أليس حقيقيا بأن يجرح ، وأن يبين للناس بأنه دجال من الدجاجلة ! .
ألا تجرح الان من يسب علماء المسلمين ، فلماذا يجرحون علماءنا الأفاضل ونحن نسكت عن هذا ؟!.
فلابد من الجمع بين هذا وذاك ، أما لو قرأنا سير الصحابة ، وقرأنا سير التابعين وأتباع التابعين ، هؤلاء يقولون : كيف لو سمعوا كلام الذهبى : رتن وما رتن دجال من الدجاجلة ادعى الصحبة بعد ستمائة عام .
أو سمعوا قول الإمام الشافعى : الرواية عن حرام بن عثمان حرام ، أو قول الشافعى ايضا : من روى عن البياضى بيض الله عيونه ، كيف لو سمعوا هذا الكلام ، يقولون : الإمام الشافعى هذا متشدد متزمت يطعن فى المسلمين وفى العلماء .
نحن نتحداكم أن تثبتوا أننا نطعن فى العلماء ، طعنا فى الديمقراطية والذين يقولون بالرأي والرأى الآخر ، وفى الذين يعترفون بقرارات الأمم المتحدة ، وبقرارات مجلس الأمن ، ويقولون : ليس هذا زمان حدثنا وأخبرنا ، وهذا حديث صحيح ، وهذا حديث ضعيف .
فنقول لهم : بل هذا زمانه لأنه قد كثرت الأحاديث الضعيفة والموضوعة .
ونختم كلامنا هذا بقول الحافظ الصورى رحمة الله تعالى إذ يقول :

قل لمن عاند الحديث وأضحى
عائبـــــا أهلــه ومــــن يدعيـــه
أبعلـــم تقول هـــذا أبـــن لــى
أم بجهــل فالجهـل خلق السفيـه
أيعـاب الذين هــم حفظوا الديـ
ــن مـن التراهـــات والتمــويـــه
وإلــى قولهـم ومــا قـد رووه
راجــــــع كــل عــالــــم وفقيـــه

وأنا لا أريد من السنى أن يشغل وقته ، يجعل وقتا للجماعات ، ووقتا أكبر للتنفس والنزهة ، ووقتا للأكل والنوم ، بل أريده أن يكون كما قيل :
فكــن رجلا رجلـه فـى الثــرى
وهـامــة همـتــــه فــى الثـريـــا
وقد كتب إلىَّ بعض إخوانى فى الله وقالوا : لا تشغل نفسك بهذا ، فهم يظنون أننى أشغل نفسى بهذا الأمر ، فأنا لا أشغل نفسى بهذا الأمر بحمد الله ، فالكتابة فى وقتها ، والتعليم فى وقته ، والجرح والتعديل فى وقته .
وكان ابن الجوزى يتحدى أهل زمانه أن يأتوا أو يحدثوا بأحاديث ضعيفة أو موضوعة وهو موجود . وهكذا غير ابن الجوزى من العلماء المتقدمين قبله كانوا يتحدون معاصريهم أن يأتوا بأحاديث ضعيفة أو موضوعة وهم موجودون .
والحمد لله انتشرت السنة وأخذ الإخوان المفلسون يدرسون فى المصطلح ، ولكن كما يقال : تسبيحة حارس ، فليست إلا من أجل أن يقبضوا شبابهم حتى لا يتفلتون عليهم .
وعبد الله صعتر أخذ <شرح الطحاوية > يدرس فيه ! لقد ارتقيت مرتقا صعباً يا عبد الله صعتر فحضر أول ليلة جمع كبير , والليلة الثانية أقل ، والليلة الثالثة اقل ، وبعدها نحو سبعة ، وبعدها ثلاثة ، فهو لا يعرف إلا قالت صحيفة الحياة ، وقالت إذاعة لندن ، وقالت صحيفة كذا فهم أرادوا أن يتشبثوا بشبابهم يقولون : نحن ندرس العقيدة وندرس المصطلح وكذا وكذا .
ولكن كما يقال : رجعت حليمة إلى عادتها القديمة ، لما رأوا هذا لا ينفع ولا يجدى رجعوا إلى الكذب والتلبيس .

------------
راجع كتاب : < فضائح ونصائح ص 111 - 117 > .

تصنيف الفتاوى

تفريع التصنيف | ضم التصنيف