ما رأيكم في كتاب < معالم الإنطلاقة الكبرى >

الزيارات:
3081 زائراً .
تاريخ إضافته:
29 رجب 1435هـ
نص السؤال:
ما رأيكم في كتاب : < معالم الإنطلاقة الكبرى > ومامدى التزام جماعة السنة بالدعوة ، وهل إقامة الجهاد في المرحلة الثالثة والرابعة يكون جائزاً لاعتباره من الدعوة ، وما عمل الطائفة المنصورة حين لا يوجد إمام ولاجماعة كما في حديث حذيفة ؟
نص الإجابة:
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله..

أما بعد :

فالكتاب مررت عليه مراً سريعاً ، وأفادني بعض الأخوة أنه يقر الجماعات وتعددها ، وأي شخص يقر تعدد الجماعات فبصنيعه هذا يدعو إلى الفرقة ، عَلم أو لم يعلم ، يقول الله سبحانه وتعالى : " إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً لست منهم في شيئ " ، ويقول : " فتقطعوا أمرهم بينهم زبراً كل حزب بما لديهم فرحون " ، ويقول : " ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم " .

وفي ( سنن أبي داود ) من حديث محمد بن عمرو بن علقمة عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - قال : " افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة ، وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة ، وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة " ، فالنبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - يقول هذا على سبيل التحذير ، كما أنه يقول كما في ( الصحيحين ) من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه : " المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً " ، ويقول كما في ( الصحيحين ) من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه : " مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر " ، بل الله عز وجل يقول في كتابه الكريم : " إنما المؤمنون إخوة " ، ويقول أيضاً مبيناً ومحذراً عما يكون سبباً للفرقة : " يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيراً منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيراً منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب " ، ويقول سبحانه وتعالى : " واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا " ، فنحن مأمورون بالاعتصام بكتاب الله ، وبسنة رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - .

وتفرقة المسلمين إلى جماعات مما يضعف قواهم ، ويهن عزيمتهم ، ويشتت شملهم كما هو الواقع ، فأقول : إنه لا تقر هذه الجماعات ، وواجب عليها كلها أن ترجع إلى ما عليه أهل سنة رسول الله - صلى الله عليه وعلى آلله وسلم - ، ونعني بأهل السنة كالإمام البخاري ، والإمام أحمد ، ومن سبقهما كشعبة بن الحجاج ، وعبدالرحمن بن مهدي ، ومن سبقهما أيضاً كسعيد بن المسيب وأبي سلمة بن عبدالرحمن ، وصحابة رسول الله - صلى الله عليه وعلى آلله وسلم - .

ولسنا ندهوهم إلى اتباعنا حتى لا يستنكفوا ، فلسنا أهلاً لأن نتبع ، بل ندعوهم إلى أن نكون نحن وهم من أتباع رسول الله - صلى الله عليه وعلى آلله وسلم - على فهم السلف ، ولسنا ندعو إلى الفوضى ، وإلى العمل الفردي كما يتخيله عبدالرحمن عبدالخالق ، وعبدالوهاب الديلمي ، بل ندعو إلى التعاون على البر والتقوى في حدود الكتاب والسنة : " وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان " .

وفي قوله في الرابعة : إذا لم يوجد جماعة ولا إمام ، فالجماعة إن عدمت من بلد ستكون ظاهرة في بلد كما في ( الصحيحين ) من حديث معاوية والمغيرة بن شعبة : " لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك " .

فالذي يظهر أنه لم يأتِ بعد الزمان الذي ليس لهم فيه إمام ولا جماعة ، فإن جماعة المسلمين لم تنقطع ، وهي بحمد الله في كثير من البلاد الإسلامية .

وقوله : هل يجوز في الصورة الثالثة الخروج على الإمام ، وفي الرابعة الدعوة إلى الجهاد ، فالرسول - صلى الله عليه وعلى آلله وسلم - يقول : " إلا أن تروا كفراً بواحاً " ، وهذا قطعة من حديث متفق عليه يقول عبادة بن الصامت رضي الله عنه : بايعنا رسول الله - صلى الله عليه وعلى آلله وسلم - على السمع والطاعة في العسر واليسر ، والمكره والمنشط ، وعلى ألا ننازع الأمر أهله إلا أن ترزا كفراً بواحاً عندكم فيه من الله برهان ، وعلى أن نقول الحق أينما كنا لا نخاف في الله لومة لائم .

فإذا كان الحاكم مبتدعاً ولم تصل بدعته إلى الكفر فلا يجوز الخروج عليه صوناً لدماء المسلمين ودراءاً للفتن .

أما إذا لم يوجد حاكم أو كان كافراً فلا بد للمسلمين من أن ينظروا مصلحة الإسلام والمسلمين ، وينظروا العواقب والنتائج حتى لا يضحوا بأنفسهم ، وفي النهاية يثبب على الكرسي شيوعي ، كما حدث في عدن عند أن طردت بريطانيا وثب على الكرسي الشيوعيون ، وكما حدث في الحبشة قبل ثلاثة عشر عاماً أو نحوها عند أن طرد النصارى وثب على الكرسي الشيوعيون ، وكما حدث في أفغانستان بعد قدر مليون ونصف من القتلى ، وجزى الله الإخوة الأفغانيين خيراً فقد كسروا الروس ، لكن في النهاية سال لعابهم إلى المادة وإلى الكرسي ، من أجل هذا وثب على الكرسي صبغة الله مجددي ، ثم بعده رباني ، والمتوقع هو أن تكون هذه الحكومة الأفغانية كسائر الحكومات ، حكومة مادية ، والذي استفاده المسلمون من الجهاد الأفغاني هو كسر وهزيمة روسيا .
وقد كنا نتوقع أن نسمع أمير المؤمنين في أفغانستان ، ولكن لو حصل هذا فحكومات المسلمين أول من يحاربه .

فلا بد من التأني في الأمور والنظر ، هل يستطيع المسلمون أن يواجهوا أعداءهم ؟ وهل هم مستغنون عن امريكا ؟ أم في النهاية تأتي الدولارات الأمريكية وتضع لهم علمانياً أو شيوعياً أو بعثياً إلى غير ذلك ، فلا بد أن ينظروا وأن يفكروا في النتائج ، أم سبجمعون من هنا وهناك وفي النهاية يتقاتلون على الكرسي ، ووجود الإمام الشرعي سهل فلا ينبغي أن يشغلنا هذه الأمر فممكن أن تنصب الجماعة إماماً يكون قرشياً عالماً شجاعاً له خبرة بالسياسة والحروب ، ويوجد بحمد الله كثير من هذا النوع ، ثم يجاهدون ، لكن يجاهدون الكفار مثل امريكا ، نسأل الله أن ييسر بشعب صادق يدمر امريكا كما دمرت روسيا ، ويجاهدون أيضاً اليهود وأعداء الإسلام ، وغالب ظني أن امريكا هي التي قسمت الحكومات إلى قسمين .

وأما الجهاد في البوسنة والهرسك فإخواننا الذين ذهبوا إلى هنالك يقولون : نحن لا نتوقع قيام دولة إسلامية ، لكن المنكوبين هنالك يحتاجون إلى مساعدات لحجاب النسوة ، وللدعوة ، فإن المسلمين جاهلون بدينهم ، بل لا يكاد أن يفرق بين المسلم والكافر ، فهم محتاجون إلى المساعدة وإلى المادة .

وانتصار هؤلاء الذين هم صورة إسلامية على الكافر خير كما في قول الله عز وجل : " ويومئذ يفرح المؤمنون * بنصر الله " ، فيفرح المؤمنون بانتصار الروم على فارس ، والروم نصارى وفارس ليسوا بأهل كتاب ، فنحن نفرح إذا انتصر أولئك على الكفار ، وإن كان لا يرجى أن تقام دولة إسلامية .

--------------------
راجع كتاب غارة الأشرطة ( 2 / 35 إلى 38 )

تصنيف الفتاوى

تفريع التصنيف | ضم التصنيف