صفة الاستواء ، وصفة الكلام لله عز وجل

الزيارات:
3368 زائراً .
تاريخ إضافته:
25 ربيع الثاني 1435هـ
نص السؤال:
" الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى " [طه:5] هل نقول : استوى على العرش بذاته ، وعن القرآن نقول : كلام الله غير مخلوق ، فزيادة بذاته وغير مخلوق هل تتفق مع ما نقوله ، وهو أنه لا يصف به بنفسه أو رسوله ، وآيات وأحاديث الصفات نمر بها بلا تفسير هاتين الزيادتين ، هفل جاءتا عن الصحابة ، وإذا كان الجواب بلا فمتى ظهرتا ، وما سبب ظهورهما ، وهل هاتان الزيادتان صحيحيتان ؟
نص الإجابة:
أما الاستواء ؛ فعبدالله بن المبارك يقول : نعرف الله بأنه مستو على عرشه بائن من خلقه ، لا نقول إن الله سبحانه وتعالى على العرش جالس ، ولا أنه ليس بجالس ، نؤمن بأنه مستوٍ على العرش استواء يليق بجلاله ، وما أكثر ما يفوض أهل السنة الأمر إلى الله سبحانه وتعالى ، وهذا يدل على إنصافهم وعلى ورعهم ، فهم يقفون عند الأدلة لا يزيدون عليها ولا ينقصون ، فنحن نقول : استوى استواء يليق بجلاله ، ونؤمن بأنه على العرش ، هل هو ملتصق بالعرش أم بائن من العرش ؟ الذي نجزم به أنه ليس محتاجاً للعرض وأنه غني عن العرش ، أما هل هو ملاصق للعرض وأنه يأتي بالنبي - صلى الله عليه وعلى لآله وسلم - في عرصات القيامة ويجلسه معه على الكرسي فهذا لا يثبت .
وإن كان الدارقطني يثبته وأتى فيه بأبيات من الشعر ، فهو لم يثبت .
وبقي لفظة : مخلوق ، فالصحابة كانوا يؤمنون بأن القرآن كلام الله منزل من عند الله ، وليس عندهم مخلوق ولا ليس بمخلوق ؛ حتى جاء المبتدعة وقالوا : إنه مخلوق مثل واصل بن عطاء فمن بعده فاضطر التابعون إلى أن يقولوا : إنه غير مخلوق ، والشوكاني في < الفوائد المجموعة في الأحاديث الضعيفة والموضوعة > يقول : إن زيادة مخلوق لم ترد ولا غير مخلوق لم ترد ، نؤمن بأن القرآن كلام الله ، وقد ورد عن غير واحد من السلف كما في < السنة > لعبدالله بن أحمد : من قال : القرآن مخلوق فقد كفر ، بل جاء حديث مرفوع ، أن من قال : القرآن مخلوق فقد كفر ، وهو لا يثبت عن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - .
فإن قلت : القرآن غير مخلوق رداً على المبتدعة الذي يستدلون بقوله تعالى : " إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا " ، ويقولون : المجعول مخلوق ، ولكن جعلناه هاهنا بمعنى صيَّرنا .
ويستدلون أيضاً بقوله : " مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ " محدث ، قالوا : أي مخلوق ، ولكن المراد بالمحدث : المنزل شيئاً بعد شيئ كما قال الله سبحانه وتعالى : " وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا " .
فعلى كلٍّ أنت إذا قلت : أنا لا أقول : إن الله مماس العرش وليس مماس ، لا أقول هذا ولا هذا بل أومن بأنه على العرش . فهذا هو الحق .
وكذلك مسألة من قال : إن القرآن مخلوق فهو كافر ، وأنا لا أكفره بل أعتبره مبتدعاً إذا قال : إن القرآن مخلوق ، المهم أن فلسفلة أصحاب الكلام هي التي أبعدتهم عن كتاب الله وعن سنة رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - وإلا فالقرآن من صفات الله : " أعوذ بكلمات الله التامة من شر ما خلق " .
والاستعاذة بالمخلوق لا تجوز ، فهذا دليل على أنها صفة من صفات الله والله المستعان .
وأنصح بالرجوع إلى كتاب < السنة > للإمام عبدالله بن أحمد ، وكتاب < الشريعة > للآجري ، وهكذا كتب شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم .

وهذه تكملة لموضوع العرش فقد تقدم أن قلنا : إننا لا نقول إن الله سبحانه وتعالى مماس للعرش ولا ليس مماس له ، وليس معناه أننا ننفي جهة العلو ، فقد كان شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله إذا سئل عن الجهة فيقول : إم أريد الجهة بمعنى الإحاطة فهي منفية عن الله عز وجل ، وإن أريد جهة العلو فنحن نثبت صفة جهة العلو ، وهذا الذي تقتضيه الأدلة .


------------
راجع كتاب : ( غارة الأشرطة 1 / 295 - 297 ) ، والتكملة ( 1 / 299 )

تصنيف الفتاوى

تفريع التصنيف | ضم التصنيف