أهل الحديث هم الذين يشتغلون بخدمة حديث رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - ، والشخص قد يكون محدثاً ويكون سنياً ، الغالب على السلف أنهم يطلقون لفظة المحدث أو لفظة المحدثين أو لفظة السلف على معنى واحد وهم الذين يتقدون بالكتاب والسنة مع اشتغالهم بعلم الحديث .
لكن الشخص قد يكون محدثاً وهو مبتدعٌ ، وقد يكون سنياً وليست له معرفة بعلم الحديث يحب ئاهل السنة ويعمل بسنة رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - .
وأهل الحديث دعا لهم النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - بقوله كما في السنن وفي < مسند الإمام أحمد > من حديث زيد بن ثابت وحديث عبدالله بن مسعود وجماعة من الصحابة ؛ بل أفرده الشيخ عبدالمحسن العباد بتأليف فجزاه الله خيراً ، الحديث الذي دعا لهم النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - فيه : " نضر الله امرء سمع مقالتي فوعاها ثم أداها كما سمعها " ، فهذا دعاء من النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - للمحدثين بنضارة الوجوه ، أي أن الله يجعل وجوههم ذا بهجة حسنة ، وذوي منظر حسن .
وهم يدخلون في قوله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - وهو متفق عليه من حديث معاوية والمغيرة بن شعبة والمعنى متقارب ، أن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - قال : " لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين ، لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك " ، وداخلون أيضاً دخولاً أولياً في الفرقة الناجية التي عناها ما رواه أبو داود في < سننه > من طريق محمد بن عمرو بن علقمة عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - قال : " افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة ، وافترقت النصارى على إثنتين وسبعون فرقة ، وستفترقت هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة ؛ كلها في النار إلا فرقة " .
أهل الحديث قيضهم الله سبحانه وتعالى لخدمة الدين ، فما خدم أحدٌ من المسلمين الإسلام مثلما خدمه أهل المحدثون ، فإنهم قاموا بخمة عظيمة قيضهم الله سبحانه وتعالى لهذا الأمر ، وقد أثنى عليهم سلفنا حتى قال - الظاهر أنه أبو زرعة - : إذا رأيت رجلاً يتكلم في أصحاب الحديث ؛ فأعلم أنه مبتدع ، أو بهذا المعنى ، وقيل للإمام أحمد رحمه الله تعالى قيل له : إن فلاناً يتكلم في أهل الحديث ، فقام ينفض ثوبه - كما في < مقدمة معرفة علوم الحديث > للحاكم - قام ينفض ثوبه ويقول : زنديق ، زنديق ، زنديق .
وهم المدافعون عن شرع الله ، فقد أورد المعتزلة شبهات وشبهات وشبهات فتصدى المحدثون لصد تلكم الشبهات ، من أولهم الإمام الشافعي في كتابه < مختلف الحديث > ، ثم بعده ابن قتيبة في كتابه < تأويل مختلف الحديث > ، وهكذا أيضاً عصريه الطحاوي في كتابه < مشكل الآثار > ، كل هذه تعتبر خدمة لدين الله فإن المعتزلة أرادوا أن يشككوا في ديننا ، فقام المحدثون جزاهم الله خيراً بدفع تلكم الشبهات على أحسن وجه .
ولا يبغضهم شخصٌ فيه خير ، ولقد أحسن الحافظ الصوري إذ يقول :
قل لمن عاند الحديث وأضحى *** عائب أهله ومن يدعيه
أبعلم تقول هذا أبن لي *** أم بجهل فالجهل خلق السفيه
أيعاب الذين هم حفظوا الدين **** من التراهات والتمويه
وإلى قولهم وما قد رووه *** راجع كل عالم وفقيه
ويقول الصنعاني رحمه الله تعالى في < ديواته > في قصيدته التي أرسلها إلى الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله تعالى يقول :
سلام على أهل الحديث فإنني *** نشأت على حب الأحاديث من مهدي
هم بذلوا في حفظ سنة أحمد***وتنقيحها من جهدهم غاية الجهد
وأعني بهم أسلاف سنة أحمد *** أولئك في بيت القصيد هـم قصدي
أولئك أمثال البخاري ومسلم *** وأحمـد أهل الجد في العمل والجـد
بحور وحاشاهم عن الجزر إنما *** لهــم مـدد يأتي مـن الله بالمـد
رووا وارتوا من بحر علم محمد *** وليست لهم تلم المذاهب من ورد
كفاهم كتاب الله والسنة التي *** كفت قبلهم صحب الرسول أولوا المجد
أأنتم أهدى من صحابة أحمد***وأهل الكساء هيهات ما الشوك كالورد
أولئك أهدى في الطريقة منكموا***فهم قدوتي حتى أوسد في لحدي
أما منهجهم في الجرح والتعديل ، فإنهم مقتدون في ذلك هدى رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - إذ يقول رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - كما في الصحيحين من حديث عائشة : " بئس أخو العشيرة " ، فلما دخل عليه الرجل ألان له ، قالت عائشة : يا رسول الله : قلت ما قلت ، فلما دخل الرجل ألنت له ، قال : " يا عائشة إن شر الناس من تركه الناس لفحشه " .