الرسول - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - يقول كما في حديث ابن مسعود وعمران بن حصين وغيرهما : " خير الناس قرني ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم ، ثم يأتي قوم يشهدون ولا يستشهدون ، ويخونون ولا يؤتمنون ، وينذرون ولا يوفون " وفي بعضها : " ولا يفون " .
فإذا كان النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - قال هذا فلا يقال : كيف ، إن الانحراف كان في ذلك الزمن دليلاً حقيراً ، فقد قتل غير واحد من المنحرفة في الزمن الأموي وفي الزمن العباسي ، وكم نعدد من الذين قتلوا بسبب انحرافهم ، وبسبب ميلهم عن كتاب الله وعن سنة رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - .
لم تكن للفساد وللشر صولة وجولة ، وبعد هذه القرون المفضلة ، كما ذكر هذا الحافظ ابن حجر رحمه الله في الكلام على حديث أبي سعيد الخدري في < الصحيح > : " يستفتح قوم ، فيقال : أفيكم من صحب رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - ؟ فيقولون : نعم ، فيفتح لهم - أي : في الفتوحات - ، ثم بعدهم قوم فيقال لهم : أفيكم من صحب أصحاب أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - ؟ فيقولون : نعم ، فيفتح لهم ، ثم يأتي قوم فيقال : أفيكم من صحب أصحاب أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - ؟ فيقولون : نعم " ، قال الحافظ في < الفتح > : في هذا علم من أعلام النبوة ، إذ لم تزل راية الإسلام قائمة إلى أن انتهت هذه ، ثم أصبح المسلمون يغزون في عقر دورهم .
فأنت إذا نظرت إلى دولة الباطنية في المغرب ثم بمصر ، وهكذا القرامطة عند أن استولوا على مكة ، وقتلوا نحو ألفاً من الحجيج ، واقتلعوا الحجر الأسود حتى أن أبا طاهر وقف في الحرم يقول :
أنــأ والله وبــالله أنــا ***** أنــا أخلق الخلق وأفنيهم أنا
وآخر من القرامطة أرسله الحاكم العبيدي فطعن الحجر الأسود بدبوس ، ثم استقبل الحجيج وهم يطوفون فقتل من استطاع أن يقتله وهو يقول : لا محمد ولا علي .
فهؤلاء الباطنية الذين يتظاهرون بحب أهل البيت يقول : لا محمد ، ولا علي ، حتى قتله رجل من اليمن .
وقامت دولة أيضاً لعلي بن الفضل في اليمن ، وهكذا الخوارج صار لهم صولة وجولة ، بل لهم الآن دولة في عمان ، وإن كان رئيسهم الآن ليس بخارجي ولا هو بسني ، بل هو رجل من الضائعين المائعين العملاء لأمريكا ، لكن الشعب والدولة الآن للخوارج في عمان ، فأنت إذا قرأت التاريخ تجد أنهم لم يكن لهم صولة وجولة ودولة ، لكن بعدها صار لهم صولة وجولة ودولة .
ائت إلى اليمن يا عبدالله تجد الاعتزال له صولة وجولة ، والتشيع وكتب الضلال إلى غير ذلك ، وفي حضرموت الصوفية أصحاب هزة الرأس ، فكل فيه ما فيه والله المستعان .