عقد النكاح على السنة أن يوجد وليٌ ؛ فقد جاء في < السنن > عن أبي موسى عن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - أنه قال : " لا نكاح إلا بولي " .
وأن تكون المرأة المخطوبة راضية ؛ فالنبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - يقول : " الثيب تُستأمر ، والبكر تُستأذن ؛ وإذنها صماتها " ، فلا بد أن تكون راضية ، فإذا لم تكن راضية فالعقد باطل اللهم إلا أن تكون صغيرة غير بالغة فيجوز لأبيها أن يزوجها لأن أبا بكر زوج عائشة للنبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - ولم ينقل أنه استأمرها ، فإذا كانت صغيرة فلا بأس أن يزوجها أبوها ، وإذا بلغت ولم يكن الزوج كفواً فيجوز لها أن تفسخ النكاح ؛ وقد جاءت خنساء بنت خدام - هي أو غيرها - جاءت إلى النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - وقالت : يا رسول الله إن أبي زوجني ابن أخيه ليرفع بي خسيسته ، فرد النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - نكاحها ، فقالت : يا رسول الله قد أجزت ما فعل أبي ، ولكني أردت أن يعلم النساء أن لهن حقاً .
قلنا : وليٌ ، ورضى المخطوبة ، ثم بعد هذا شاهدان ، والظاهر أن الشاهدان ليسا شرطاً في صحة العقد ، فـ " لا نكاح إلا بولي " صحيح ، وينظر في لفظة " شاهدين " .
وبعدها تقول للولي : يا فلان زوجت ابنتك فلانة بفلان ؟ وتسميها لأنه ربما يكون له بنات وبعضهن مرغوبة وبعضهن ليست مرغوبة ، وهو يقول : زوجته ، وهو أيضاً أي الخاطب الزوج يقول : قبلت ، فإن قرأت الآيات الواردة ، وخطبة الحاجة فهو أحسن ؛ لما جاء في < سنن أبي داود > عن عبدالله بن مسعود أن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - كان يقول في خطبة الحاجة : "إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ " .
" يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً " .
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً " .
ثم تقول : يا فلان زوجت ابنتك فلانة بفلان ؟ يقول : زوجته ، والخاطب يقول : قبلت .
والمهر إما أن يُسمى ويكون قد تراضيا عليه ، وإذا لم يسمى فيجوز أن يكون على مهر المثل ، وينبغي أن يُرفق بالخاطب ، وعُلم من هذا أن خطبة الحاجة ليست واجبة ، الدليل على أنها ليست بواجبة ولست شرطاً على صحة العقد أن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - كما في < الصحيحين > من حديث سهل بن سعد جاءت امرأة فقالت : يا رسول الله إني وهبت نفسي لك فنظر إليها ، وكأنها لم تعجبه ، ثم قام رجل فقال : يا رسول الله إن لم يكن لك بها حاجة فزوجنيها ، فقال : " ماذا معك ؟ " ، قال : ليس معي شيئ ، قال : " التمس ولو خاتم من حديد " ، فالتمس في بيته ولم يجد خاتماً من حديث ، ثم رجع وقال : " هذا إزاري " ، قال : " ما تصنع بإزارك ، إن أعطيتها بقيت بدون إزار ، فما تصنع بإزارك ؟! " ، ثم ذهب الرجل ودعاه يرجع فقال : " ماذا معك من القرآن ؟ " ، قال : سورة كذا وكذا ، قال : " فقد زوجتكها بما معك من القرآن " ، شاهدنا من هذا : أنه قال : " فقد زوجتكها بما معك من القرآن " ولم يقل النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - خطبة الحاجة .