حجية الإجماع أنا لا أرى الإجماع حجة ؛ لأن الله سبحانه وتعالى يقول : " وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ " [الشورى : 10] ، ويقول : " فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ " [ النساء : 59 ] ، ويقول : " وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ " [الأنعام : 119] .
فالتفصيل كاف في كتاب الله ، وفي سنة رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - .
وأما استدلالهم بقوله تعالى : " وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَىٰ وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ ۖ وَسَاءَتْ مَصِيرًا " [النساء : 115] ، فالمقصود أنه شق ، والرسول والمؤمنون في شق فهذا يكون كافراً ويعرض عن طريق النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - وعن طريق المؤمنين ، والشوكاني رحمه الله تعالى في كتابه < فتح القدير > وكتابه < إرشاد الفحول > سابق في الباب على أن المسالة التي يجمع عليها تطمئن إليها النفس أكثر بمعنى أنه يستأنس بالإجماع ، أما أن نقول : الأدلة كتاب وسنة وإجماع وقياس فلا ، بل الأدلة كتاب وسنة : " اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ " [الأعراف : 3] ، على أن أكثر الإجماعات مدعاة فقد قال الإمام أحمد : من ادعى الإجماع بعد الصحابة فقد كذب ؛ فما يدريه لعلهم اختلفوا .
ومن أهل العلم من يقول : إن إجماع الصحابة معتبر ، وابو محمد بن حزم رحمه الله تعالى يقول : قد أجمعنا على حجية الكتاب والسنة ، فنحن نأخذ بما أجمعنا عليه ، مثل إجماع الصحابة على الصلاة ، وإجماعهم على الزكاة ، وإجماعهم على أمور أدلتها ثابتة .
ثم يقولون : إن الإجماع لا بد له من مستند كما أنهم يقولون : إن القياس لا بد له من أصل وفرع ، قياس فرع على أصل فنحن نأخذ بمستند هذا الإجماع إذا كان حجة ، ومن مفهوم كلام الإمام أحمد وغير واحد من أهل العلم يثبتون إجماع الصحابة . والله المستعان .