الشروط تؤيدها الأدلة بأنها مطلقة حتى في التوحيد إذا كان جاهلاً ، فعيسى يقول له الحواريون : " يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنـَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ " [المائدة : 112] فهم يشكون في قدرة الله ، ومن شك في قدرة الله وهو عالم يعتبر كافراً .
وفي الصحيح : أن رجلاً قال لبنيه : " أي أب أنا كنت لكم ؟ قالوا : نعم الأب ، فقال : فهل أنتم فاعلون ما أمرتكم به ؟ قالوا : نعم ، قال : فإذا مت فأحرقوني ، ثم ذروني ، فوالله لئن قدر الله عليَّ ليعذبني عذاباً لا يعذبه أحداً من العالمين ، ففعلوا ، ثم أمرر الله سبحانه وتعالى البحر أن يجمع ما فيه ، والبر أن يجمع ما فيه ، فجمع ثم أحياه الله ، فقال : ما حملك على ما فعلت يا عبدي ؟ ، قال : مخافتك يا رب ، قال : فإني قد غفرت لك " .
ويقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم : " وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولًا " [الإسراء : 51] ، ويقول أيضاً : " وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ " [التوبة : 511] ، وأصحاب موسى عند أن قالوا لموسى كما في سورة الأعراف : " اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ " [الأعراف : 831] ، ولم يحكم عليهم بالكفر ، ولم يقل : إنكم مشركون .
فإذا كان جاهلاً فيعذر بجهله ، وإذا كان مكرهاً أو ارتكب ذنباً وهو لا يرى استحلاله فإنه لا يعتبر كافراً .